تعيش جماعة الإخوان المسلمين كابوسا مفزعا هذه الأيام، أحد مشاهده يتمثل فى تخلى قوى العالم عن دعم الجماعة والاعتراف العالمى غير المعلن بأن الإخوان تمارس العنف وتدعم الإرهاب، على عكس الصورة السابقة التى كان يسوق بها الإخوان لأنفسهم على أنهم التيار الإسلامى الأكثر اعتدالاً وسلمية بين كل تيارات الإسلام السياسى الأخرى. أى أن خدعتهم الكبرى قد تكشفت، وتجلى ذلك فى واقعتين هذا الشهر: واقعة توقيف مذيع الجزيرة الإخوانى أحمد منصور فى ألمانيا على خلفية لقاء إعلامى مع زعماء جبهة النصرة، وواقعة إعلان الخارجية الأمريكية رفضها لقاء قيادات الإخوان فى واشنطن.
أضف إلى ذلك كم الانقسامات الشديدة التى تحدث الآن بداخل التنظيم الدولى للجماعة على مستوى القيادة، وانفلات الوثاق بين القيادات والقواعد داخل مصر وخارجها، وتخلى أنصار الجماعة عنها، إما هؤلاء الذين انضموا لتحالفاتهم الإسلامية أو الذين ناصروهم فى مظلوميتهم الكاذبة من باب حماية الحقوق.
لكن لا يعنى ذلك أن جماعة الإخوان انتهت أو فى طريقها للنهاية، فهى كالثعبان، مهما تقطع جسده سيبقى حياً، ولا سبيل للقضاء عليها سوى الضرب على الرأس حيث مكمن الشرور، وعلى مصر كدولة ومجتمع مدنى وإعلام، تحقيق تلك الضربة بأسرع وقت ممكن من خلال:
أولاً: تكثيف الأنشطة غير الرسمية فى الضغط على الحكومة الأمريكية والاتحاد الأوروبى لإدراج الإخوان ضمن التنظيمات الإرهابية لديها، وهو هدف نسعى إليه منذ سنتين من خلال «الحملة الشعبية لإدراج الإخوان كتنظيم إرهابى دولياً» ولدينا من الوثائق ما يثبت تورط الإخوان فى أعمال تضر بالأمن القومى ليس فقط فى مصر، ولكن فى أمريكا وأوروبا أيضاً. والآن هو الوقت الأمثل لينضم كل المهتمين تحت راية هذه الحملة واستغلال ما حققته من نجاح حتى الآن.
ثانياً: إسقاط الإسلام السياسى من المعادلة المصرية تماماً وذلك باتخاذ خطوات ملموسة تجاه مسألة تطوير الخطاب الدينى التى دعا لها الرئيس مراراً، وعدم اللجوء لبدائل الإخوان فى السياسة، لأن المساحة التى أتيحت للإسلام السياسى فى حقب سابقة تضاءلت بشدة مؤخراً بسبب تصاعد عنف الإخوان وأنصارهم من السلفيين والجهاديين، بما جعل من الأولى شطب هذه المساحة من الحياة السياسة المصرية أصلاً.
ثالثاً: الاستمرار فى تحقيق تقدم سياسى وليس اقتصاديا فقط، رغم تفهمى لحاجة مصر الملحة لنهضة اقتصادية تعوض كل ما خسرناه السنوات الماضية، لكن العالم لا يهتم كثيراً بالنمو الاقتصادى الداخلى قدر ما يهتم بتطور البلاد السياسى وإلى أى مدى مصر أصبحت قريبة أو بعيدة من تحقيق الديمقراطية. ومن ذلك، استكمال خارطة الطريق، مع ضرورة تقوية دور الأحزاب وخلق مناخ يسمح بالتنافس الشريف فيما بينها، على عكس الصورة المهتزة التى نعيشها حالياً.
رابعاً: الاستمرار فى تطوير قواتنا المسلحة وأفرادها لأداء أدوار القوات المسلحة التقليدية المرتبطة بالحروب والأنشطة العسكرية أو الأدوار غير التقليدية المرتبطة بالأنشطة الاجتماعية والاقتصادية، لأن قواتنا المسلحة ما زالت هى الورقة الرابحة فى علاقاتنا مع العالم، خصوصاً أمريكا، وهى مصدر الاهتمام الحقيقى بمصر كدولة قائمة ذات جيش حقيقى، ليس له مثيل فى كل المنطقة العربية.
إن القضاء تماماً على سموم الجماعة الإرهابية ليس مهمة سهلة، وستأخذ وقتا. لكن العبرة فى المثابرة ومواصلة الكفاح حتى النهاية لأن مصر، وربما العالم بأسره، لن ينصلح حاله ويعتدل ميزانه قبل أن تتحول جماعة الإخوان المسلمين من واقع مُر إلى صفحة سوداء فى كتب التاريخ.