لن يمر مسلسل «حارة اليهود»، بطولة منة شلبى وإياد نصار، مرور الكرام هذا العام، فمع عرض الحلقات الأولى من المسلسل الذي يتعرض لسكان حارة اليهود الشهيرة في الأربعينيات والخمسينيات، بدأت سهام النقد تتعرض للمسلسل ما بين إيجابى وسلبى، ما بين المدح في المستوى الفنى وأداء الشخصيات وبين الهجوم حول تعاطف المسلسل مع اليهود، لدرجة أن تشكر السفارة الإسرائيلية أسرة المسلسل، ثم يتم اتهام مخرج العمل بالتطبيع والعمالة.
وقد أثار تنفيذ مسلسل عن اليهود في مصر لعاب الصحف والمحللين الإسرائيليين، الذين بدأوا في متابعة مراحل تنفيذ المسلسل، بعد الإعلان عن إنتاجه، للكشف عن أحداثه وموقفه من اليهود والصهاينة، خاصة بعد أن اعتادوا مهاجمة الأعمال المصرية لهم، ومع بداية عرض الحلقة الأولى من أحداث المسلسل، كتبت الصفحة الخاصة بالسفارة الإسرائيلية في مصر على فيسبوك، والتى تحمل عنوان: «إسرائيل في مصر»: «شاهدنا في سفارة إسرائيل الحلقة الأولى من المسلسل المصرى (حارة اليهود)، ولقد لاحظنا لأول مرة أنه يمثل اليهود بطبيعتهم الحقيقية الإنسانية، كبنى آدمين قبل كل شىء، ونبارك على هذا»، وقد باركت السفارة على المسلسل، وتسرعت قبل أن تشاهد باقى الحلقات، ولم تكشف بشكل كامل عن نية مؤلف العمل د. مدحت العدل، الذي سبق أن هاجم الكيان الإسرائيلى في بعض أعماله، ومنها «صعيدى في الجامعة الأمريكية»، ورفض ممارسات الكيان الصهيونى، وقام بحرق العلم الإسرائيلى، في مشهد أثار كثيرا من الجدل، كما سبق أن تعرض لهم في فيلم «مافيا» عندما كشف عن محاولتهم اغتيال البابا، وإثارة الفتنة داخل المجتمع المصرى، كما يسعى البعض للخلط بين اليهودية والصهيونية وكأنهما كيان واحد، وهذا ما لم يكن صحيحا بالمرة، فيهود مصر في هذه الفترة لم تكن لهم علاقة بالكيان الصهيونى، وعندما تم ترحيلهم من مصر غادر معظمهم إلى دول أوروبا وأمريكا، بينما اضطر الجزء الفقير منهم للانتقال إلى إسرائيل، ولكن هناك محاولات قوية للخلط بين الطرفين.
وذكر مدحت العدل أن هناك يهودا مصريين قد جمعوا تبرعات لمناهضة الكيان الصهيونى عام 1948، وبعضهم كانوا وطنيين بشكل كبير، ووقفوا مع مصر، بينما هناك جزء آخر كان يدعم الحركة الصهيونية، لذلك فإن وضع كل اليهود في كفة واحدة أو وصفهم جميعا بأنهم خونة غير صحيح، ونسعى من خلال هذا العمل إلى أن نفرق بينهما.
وأكد العدل: «علاقتى مع إسرائيل كدولة محتلة لم تتغير، فأنا ضد العنصرية الإسرائيلية، وسأكون ضدها طوال حياتى، ولكن ما تغير هو موقفنا بشكل عام من اليهود، فكيف ننظر إلى اليهود الذين ليست لهم علاقة إطلاقا بالممارسات الإسرائيلية، هل نبقى ضدهم؟ فنحن في وقت فيه السنة مقابل الشيعة، والمسلمون مقابل المسيحيين، وأحاول من خلال هذا العمل البحث عن بذور هذه الفتنة، وهذا ما شجعنى على التطرق إلى هذه القضية».
ورغم الموقف الإيجابى للسفارة الإسرائيلية من المسلسل، فإن نادية هارون، رئيسة الطائفة اليهودية في مصر، كتبت خمس ملاحظات عن الحلقة الأولى من المسلسل بعد عرضها.
وكتبت، في صفحتها على «فيسبوك»، الملاحظات الخمس، وهى: «1- في مشهد المعبدأثناء الغارة: الأسفار لم تكن متواجدة على البيمة (المنبر). 2- مداخل العمارات في الحارة لم تكن بهذا الاتساع والفخامة، وهى مازالت متواجدة حتى الآن. 3- الثلاجات الكهربائية لم تكن متاحة للجميع، وبالأحرى في حارة اليهود. 4- ربما كانت قصيرة، ولكن الفتحة في الفستان أو الجونلة حتى نصف الفخذ لا أظن. 5- اليهود الشيوعيون لم يلعبوا بمخ الشباب لتحويلهم لصهاينة».
كما علق محلل موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، روعى كايس، وقال: «رغم تركيز المسلسل على الجانب الإيجابى للعلاقة بين المسلمين واليهود في مصر خلال فترة الأربعينيات والخمسينيات، فإنه حمل طابع التشجيع على كراهية إسرائيل».
وأضاف أن «المسلسل يتناول العديد من الصراعات السياسية التي نشبت في تلك الفترة بين الديانتين، فهذا المسلسل سياسى يركز على اليهود ويرصد الجانب الإيجابى لهذه العلاقات من خلال قصة الحب التي تنشأ بين الضابط المصرى بطل المسلسل والفتاة اليهودية في الحى».
من جهة أخرى، حاول كايس إظهار الجانب السلبى للمسلسل، وهو تشجيع العداء والكراهية لليهود من خلال التعقيب على كلام بطل المسلسل، إياد نصار، ذى الأصل الفلسطينى، عندما قال إن وجود «الكيان الصهيونى» هو ما يشجع على التطرف والإرهاب، الأمر نفسه الذي تستغله المنظمات الجهادية أمثال «حزب الله» و«حماس»، للتشجيع على قتل المستوطنين، وتكثيف العمليات عبر قناتى الأقصى والمنار، على حد تعبيره.
بينما قامت صحيفة «the time of israel» الإسرائيلية بفرد تقرير صحفى عن المسلسل تحت عنوان: «يهود طيبون في دراما مصرية جديدة»، وقد تم نشر المقال على الصفحة الإلكترونية للجريدة، مرفقا بصورة البرومو الخاص بالمسلسل، وذكر التقرير أن المسلسل سيظهر اليهود بشكل مختلف عما اعتاد عليه المصريون، وقارنت المقالة بين حارة اليهود وبين المسلسل التاريخى «فارس بلا جواد»، الذي استند على «بروتوكولات حكماء صهيون»، وتسبب في سحب السفير الإسرائيلى من مصر، أو كما قدم عادل إمام مؤخرا في 2012 مسلسل «فرقة ناجى عطاالله».
وأشارت الصحيفة إلى أن الإعلان المبدئى للمسلسل أظهر أن الفترة الزمنية التي تدور أحداث المسلسل بها تبدأ منذ ثورة 1952، مرورا بالعدوان الثلاثى على مصر في 1956.
وتكهنت الصحيفة أن هذا المسلسل سيوصل صورة مختلفة عن اليهود عما اعتاد عليه المصريون، حيث إن أحداث المسلسل تدور حول قصة حب بين «على»، ضابط الجيش المصرى، و«ليلى»، الفتاة المصرية اليهودية، ومن المتوقع أن تتأزم الرومانسية بينهما، بسبب نظرة المجتمع لليهودية.
في سياق متصل، استنكر محمد العدل ما تردد حول المسلسل بعد عرض الحلقات الثلاث الأولى منه، وكتب محمد، على صفحته الخاصة بـ«فيسبوك»: «طيب.. في 3 أيام عرض بس.. اتقال عليا ماسونى وبَرَوَّج للصهيونية ومع التطبيع.. فيه حاجة تانى ناقصة!!!؟؟»، مشيرا إلى أن الحكم على المسلسل غير مبرر ولا منطقى الآن، خاصة أن أحداثه لم تنته وأن هناك أحداثا ستغير مجرى المسلسل، وأنه لا يعرف سبب هذا التشكيك.