x

سعيد السني كشف الهيئة.. الباب الملكى للتمييز سعيد السني الخميس 28-05-2015 21:51


«عندما نتكلم فكلنا أصحاب مبادئ.. وعندما نعمل فكلنا أصحاب مصالح».. تذكرت هذه المقولة مع «الهرى» والتعنيف الذى طال المستشار محفوظ صابر وزير العدل المُقال أو المُستقيل، على خلفية تصريحاته بعدم صلاحية «ابن عامل النظافة»، ليكون قاضياً يحكم بين الناس بالعدل.. فالرجل لم يكذب مثل الساسة، ولم يراوغ كما الدبلوماسيين، ولم يتلاعب بالألفاظ لتكون فضفاضة متعددة المعانى، بل كان صريحاً منسجماً مع نفسه، وقال ما يؤمن ويعمل به، وخسر منصبه راضياً، مستحقاً الاحترام والتبجيل، على عكس الكثير منا، ندمن التناقض بين المظهر والجوهر، وبين القول والفعل.. الغاضبون من تصريحاته تمسكوا بالمساواة وقيم المواطنة المنصوص عليها دستوريا.. المؤيدون طرحوا السؤال: هل ترضى لابنتك زوجاً ابن زبال؟، رغم أن الزواج مسألة مختلفة تماماً.. إذ الزواج والمصاهرة تحكمها أعراف وعادات وتقاليد ورغبات وتوافقات بين طرفى العلاقة، وبالجملة فالقضية محكومة بـ«معايير اجتماعية مرنة» اختيارية، يصعب قياسها أو توحيدها أو القياس عليها.. بينما شغل الوظائف العامة والمناصب محكوم بـ«معايير دستورية وقانونية جامدة»، إجبارية مُلزمة، واجبة السريان على الجميع دون تفرقة، ويمكن قياس مدى انطباقها من عدمه.

تكمن المشكلة فى عبارة «غير لائق اجتماعياً»، المرفوعة فى مواجهة المتقدمين لشغل وظيفة «معاون نيابة»، المنحدرين من أُسر متواضعة اجتماعياً.. فهى عبارة لا محل لها ولا سند من الدستور والقانون.. ومعلوم أن «كشف الهيئة»، هو الباب الملكى للوساطة والمحسوبية والتمييز، وبديهى أنه لا يمكن التعميم فى المسائل الاجتماعية والنفسية.. فلا يمكن افتراض أن كل منتم لأسرة فقيرة مادياً او اجتماعياً هو بالضرورة لديه مشاكل نفسية، ومشاعر سلبية ستنعكس حتماً على عمله، أو أنه مشروع لوكيل نيابة أو قاض فاسد، كما يصعب الجزم بتحرر «ابن الحسب والنسب» أو الثراء من مثل هذه الأمور، أو أنه محصن من السقوط فى بئر الخطايا والفساد.. وإلا فإننا بصدد «ملائكة» من السماء، لا تعيش على الأرض.. الدليل أن هناك قضاة وأعضاء بالنيابة يرتكبون أخطاء وجرائم أحياناً.. لكنهم ومن حسن الحظ يخضعون للمحاسبة والعقاب عند الاستحقاق.. كما لا يفوتنا أن نسبة كبيرة من جيل القضاة الحالى، هم أبناء أسر متوسطة وفلاحين أو بسطاء، تم تعيينهم فى حقبة الستينات الناصرية، وهذا لا ينال من مقامهم العالى ونزاهتهم.

الحل لهذه المعضلة هو تحويل «كشف الهيئة» من أداة للبحث فى مكانة الأسرة اجتماعيا، إلى سلة من الاختبارات «الموضوعية» المُصمَّمة خصيصاً لقياس الكفاءة والمهارات العملية والعلمية، ومدى «السلامة النفسية» للمتقدم.. بما يشمل علاجاً لتفاوت المستوى العلمى للخريجين، إذ إن تفوق خريجى جامعات الأزهر وبعض الأقاليم، قد يكون أحياناً، هو تفوق خادع، راجع إلى تدهور مستوى جامعاتهم.. بالمثل يمكن اختيار المتقدمين للشرطة والوظائف الحساسة بنفس الآليات، وهذا مع تفعيل الرقابة على الأداء العملى والمحاسبة للجميع عند التقصير والخطأ.

نسأل الله السلامة لمصر.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية