x

عبد اللطيف المناوي الإعلام.. توصيف حالة عبد اللطيف المناوي الأربعاء 27-05-2015 21:44


أكثر الموضوعات إثارة للشهية هذه الأيام هو الإعلام، يختلف الناس والمسؤولون فى أذواقهم، واتفقوا على توجيه الاتهامات إلى الإعلام، وقد تكون هذه مناسبة لطرح بعض التصورات فى محاولة لتوصيف الوضع الراهن، قد يمكننا من خلال الفهم أن نجد حلولاً واقعية.

تشهد الساحة الإعلامية حالة من السيولة والفوضى الإعلامية تطيح بكل مصالح الدولة وقدرتها على السيطرة فى ظل غياب أهداف أو استراتيجية واضحة للدولة فى التعامل مع الإعلام تخدم مصالحها، وتراعى الحالة غير المستقرة للوضع السياسى فى مصر والمنطقة العربية، وتزداد حالة السيولة والفوضى الإعلامية مع وصول عدد وسائل الإعلام من فضائيات وقنوات تليفزيونية رسمية ومواقع إلكترونية إخبارية إلى المئات، 20 منها على الأقل لها جمهورها الذى تؤثر فيه، زاد هذا الجمهور أو قل.

وتعمل جميع الوسائل الإعلامية الإلكترونية أو المطبوعة أو المسموعة أو المرئية دون تحديد أو معرفة بقضايا الأمن القومى، أو تحديد أهداف محددة لحماية الدولة ومراعاة المرحلة، كما أن هناك بعض أشكال التواصل غير المنضبطة بين بعض وسائل الإعلام والإعلاميين وبعض الأجهزة الأمنية، حيث يتم تناول أسرار ووثائق ومعلومات تتعلق بشخصيات سياسية أو اجتماعية بارزة فى المجتمع، ولأن هذه التسريبات تبدو غير محكومة فإنها تخلق حالة من التوتر فى المجتمع، خاصة مع انتشار الاتهامات بالعمالة والخيانة على مختلف الأطراف دون أن يكون لها داع أحيانا أو سند قانونى فى معظم الأحيان. غياب سياق يعمل داخله الإعلام، وغياب خطة مركزية قادرة على تعبئة الجماهير حول قضية وطنية واحدة تفتح الباب واسعا لسيادة هذا الشكل من الأداء.

وتزيد حالة السيولة والفوضى الإعلامية من الاستقطاب السياسى والعقائدى مما يهدد السلام الاجتماعى، وقد يصل الأمر إلى تحريض بعض الإعلاميين على القتل وتنصيب أنفسهم قضاة ومحققين ووكلاء عن المجتمع، وأصبحت وسيلة الانتشار لدى عديد من الإعلاميين أن يخاطبوا العوام بلغة غير مهنية ولا تراعى مواثيق شرف ولا قوانين ولا أخلاقيات مهنية، ويقوم الإعلام بقصد أو دون قصد ويبتز مشاعرهم فيخلق حالة من السيولة السياسية يجب أن تتوقف، كما أنه يتجاهل قضايا اجتماعية واقتصادية، ويقوم باستدعاء رجال الدين لزيادة حدة الاحتقان الطائفى والعقائدى حتى بين المذاهب المختلفة فى الدين الواحد أو الأديان المختلفة دون مراعاة أى معايير مهنية، وإبراز أمراض المجتمع دون تقديم أى معالجة اجتماعية، وهو ما يهدد المجتمع نفسه.

فى إطار توصيف الحالة يمكن الحديث عن كيانات إعلامية تبدو متنافرة تخلّق صورة غير متماسكة أو واضحة المعالم، لكن على الرغم من ذلك ينقسم الإعلام المصرى إلى إعلام تملكه الدولة- غير معروف أى جزء فيها هو المالك- وإعلام خاص يبدأ مستواه من صحف أو مواقع صغيرة، هو إعلام «بير السلم»، كما أسميه، وصولاً إلى كيانات إعلامية ضخمة معظمها يحقق خسائر ضخمة، مما يثير تساؤلات مشروعة وجادة.

يبدو أن إعلام الدولة يخسر كل يوم جزءاً من موقعه فى التواجد والتأثير فى الرأى العام وتشكيله.

من الملاحظ تراجع تأثير الصحافة القومية على المجتمع ورجل الشارع ووسط النخب، ويبدو هذا بوضوح من خلال أرقام توزيع صحف كبرى كانت حاضرة ومؤثرة فيما سبق.

والحال لا يختلف كثيرا فى نسب مشاهدة قنوات التليفزيون التى تمتلكها الدولة، وقد تراجعت بشكل غير مسبوق فى أى مرحلة سابقة. وهو ما انعكس على الوضع الاقتصادى لهذه المؤسسات، فتراجعت الإعلانات وقل الدخل، وأصبحت النتيجة أزمة مالية متفاقمة شكلت عبئاً حقيقياً ومستمراً على الدولة.

المشكلة أن الدولة لا تعرف ماذا تملك وكيف تديره وتنظمه، وتعاملت مع ما تملك من أدوات إعلامية باعتبارها مشكلة وعبئاً وليست فرصة يمكن استغلالها.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية