طبعا يا حمادة أنا لا أقصدك بهذا الكلام فأنت مسالم وراضى بنصيبك، بل إننا كما نتركك نعود فنجدك.. أتحدث اليوم عن هؤلاء المسؤولين السابقين أو الأسبقين الذين شبعوا مناصب لكنهم مازالوا شبطانين فى التواجد على الساحة، ومازالوا يسعون لاعتلاء المناصب!.. على سبيل المثال هناك الوزير الأسبق الذى حدثتك عنه يا حمادة فى مقالة الجمعة الماضية، والذى اشترك فى تعيين إحدى القيادات الجامعية الطبية فى عملية فساد ما زالت رائحتها فائحة حتى الآن.. هذا الوزير يا حمادة تقدر تقول عليه إنه حب ولا طالشى، فهو ما إن تولى منصبه الوزارى إلا وأقيل بعد أشهر قليلة لضعف أدائه، لكنه سرعان ما وضع نفسه فى العديد من اللجان الوزارية العليا والجامعية على أمل أن يصبح وزيرا للصحة.. الراجل معذور.. برضه ثلاثة أو أربعة أشهر فقط فى الوزارة لا تشبع القلب الأسود الحزين.. أمال هو إيه اللى مجنن الإخوان حتى الآن؟.. أليس لأنهم ذاقوا وما لحقوش يشبعوا؟.. كذلك هذا المسؤول الأسبق وغيره من الذين اتكرشوا من مناصبهم بدرى بدرى لسوء الأداء وفشل الإدارة تجدهم أصيبوا بالقهر من حرقة قلبهم على زوال النعمة!.. وهذا هو السؤال الذى لا يجد إجابة.. هذا الجيل الذى تقلد الكثير من المناصب لماذا يرفض أن يخلى الساحة للشباب؟.. بل إنك تجده أشد الحرص على أن يدفع بصبيانه فى المناصب القيادية حتى تستمر له اليد العليا فى الأمر والنهى.. فى تشبثه بالسيطرة وفى سعيه للعودة للمناصب تجده أشبه بالقراضة.. لا يكل من طلب القرب ولا يخجل من الزن!.. وماشى يقرقض يقرقض يقرقض.. وكله كوم بقى يا حمادة والمجالس الاستشارية للرئيس كوم تانى.. تلك المجالس منذ الدقيقة الأولى لإنشائها تجدها أطارت بقية الأبراج الباقية فى نافوخهم!..
فبنفس الشبق ونفس اللهفة تجد هؤلاء المسؤولين السابقين إذا فقدوا الأمل فى إعادة تعيينهم وزراء تجدهم يسعون للدخول فى أحد هذه المجالس من منطلق بلاها سوسو نشوف نادية!.. لكن خلى بالك يا حمادة فاعتراضى ليس على السن، بالعكس، فأنا أستشيط غضبا من هؤلاء الصحفيين الذين يعايرون بعض المسؤولين الحاليين بكبر سنهم وكأن هؤلاء الصحفيين ضمنوا الشباب الدائم.. اعتراضى هو على من تم منحه الفرصة بل إنه أثبت فشله فيها لكنه مازال يسعى للعودة مرة أخرى من خلال علاقاته المتشعبة، وتجده بمنتهى الإلحاح اللزج يحاول قطع الطريق على شباب هم بالتأكيد أكفأ منه وأقدر.. المضحك أنك عندما تزنقه فتقول له بلاش إنت ورشح لنا حد من الشباب، تجده يرشح واحدا من صبيانه، حتى يظل هو فى الصورة!.. لذلك ستظل الدولة غير قادرة على اكتشاف الكفاءات، لأن الدنيا كلها تسير هكذا.. مسؤولون قدامى يرفضون ترك الساحة أو يدفعون بصبيانهم إليها.. ليس مهما أن تكون كفؤا بقدر ما هو مهم أن يكون لك ظهر جامد يرشحك للمنصب ويزكيك فيه.. بل إننا نعانى من قيادات تتعمد كبت الكفاءات الشابة التى تحتها طالما أنها ليست من صبيانها!!.. ألم تكن مثلا مشكلتنا مع وزير الزراعة السابق أنه كان أحد التلاميذ النجباء للوزير الأسبق يوسف والى؟ ألم نشك مرارا من أنه كان يطبق نفس سياساته الزراعية التى جعلت الفلاحين يكفرون بالزراعة؟!.. الحال لا يختلف كثيرا فى بقية المؤسسات، وقد حدثت فى تعيين القيادات الجامعية فالوزير الأسبق الذى حدثتك عنه الجمعة الماضية، من خلال تشعب علاقاته يشترك فى اللجنة العلمية المحايدة لتعيين القيادات فيدفع بالواد بلية الصبى من صبيانه للترشح عميدا لإحدى المؤسسات العملاقة ويمكّنه من المنصب، ثم يقرر أن يضع الواد بلية الثانى وكيلا رغم أنه معروف أنه شيخ منسر فى سرقة مقتنيات المؤسسة، ويضع بلية الثالث مديرا إلخ إلخ، فتحولت المؤسسة لطابونة تدار بعشوائية ويعبث فيها الفساد، وهذا هو عز الطلب، فكلما كان الصبيان فاشلين إداريا ضمن أن يظل هو الأسطى الكبير الذى فى يده مفاتيح الأمور.. شىء مقرف ومقزز يجعلك تضرب كفا بكف وتتساءل كيف يحدث هذا فى زمن السيسى!!.. لكن قولّى يا حمادة، هذا الوزير الأسبق وهو بكل هذا الفساد هل تعتقد أنه سيحقق حلمه فيصبح وزيرا للصحة؟.. أدينا هنشوف، ما احنا فى زمن العجايب.. تعالى بقى سمعنى موال: «يا مِيت ندامة على اللى حب ولا طالشى»!