x

أشرف مفيد من أراد أن تثكله أمه فليتبع «المستشار»! أشرف مفيد الأربعاء 20-05-2015 21:09


صدمنى الخبر الذى تناقلته مواقع التواصل الاجتماعى عن قيام رئيس إحدى دوائر محكمة الجنايات وهو المستشار محمد يسرى بنشر صورته ممسكا بمسدسه وقد كتب تحت الصورة «سلاحى جاهز، ودينى اللى هيقرب بس أو يحاول يمارس دور الغدر ولو بالهزار لأشطب اسمه من الدفتر، يا روح ما بعدك روح»، فما أن نشر المستشار هذا الكلام حتى تهافت البعض على التهليل للفكرة والإشادة بالموقف البطولى للمستشار منبهرين بشجاعته فى مواجهة قوى الشر وهو يعتمد على نفسه فى حماية «روحه» بطريقته الخاصة مما اعتبره البعض نموذجاً فريداً من نوعه فى رباطة الجأش لم نعهده من قبل لا فى رجال القضاء ولا حتى فى غيرهم.

وصدمتى ليست فقط فى تصريحات «المستشار» الذى لم أعرف كيف طاوعه قلبه على أن يقدم على تلك الفكرة، وإنما الصدمة الحقيقية فى هذا الصمت الرهيب من جانب مؤسسة القضاء الشامخ على تلك التصريحات التى جاءت على لسان أحد أبنائها، فكيف يتحدث رجل العدل ورجل القانون بهذا المنطق «العجيب» الذى ليس له معنى سوى أن يقوم كل شخص بأخذ حقه بيده دون الحاجة إلى ما يسمى بـ «دولة القانون» فتتحول تلك الدولة بقدرة قادر إلى ما يشبه الغابة التى يحكمها قانون «البقاء للأقوى» وبالطبع فإن الأقوى فى هذه الحالة سيكون من يحمل السلاح سواء كان قاضياً أو خارجاً عن القانون.

كيف طاوعك قلبك يا سيادة المستشار بأن تصدمنا وتحرق دمنا بتلك التصريحات التى حولتك من قاض يحكم بالعدل إلى نموذج حى للاعتداء الصارخ على سيادة القانون التى هى فى الأصل أمانة فى عنقك أنت ورفاقك من القضاة والمستشارين.

لقد شعرت وأنا أتابع ردود أفعال البعض عبر مواقع التواصل وعبر شاشات الفضائيات فى أعقاب نشر المستشار لهذا الكلام على صفحته الشخصية فى موقع فيسبوك أن مسلسل إهانة الدولة وعدم الاعتراف بالقانون لم يعد حكراً على الخارجين عن القانون فقط بل أصبحت هيبة الدولة وهيبة القانون مستباحة أيضا من جانب فئات أخرى كنا إلى وقت قريب ننظر إليها باعتبارها القدوة والمثل وأعتقد أنها ستظل هكذا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها على الرغم من ظهور حالات استثنائية بين الحين والآخر.

فهل كل من يشعر بخطر يتهدده أو أنه أصبح مستهدفاً من جانب قوى الغدر والخيانة عليه أن يبحث عن وسيلة لحماية نفسه بالشكل الذى يراه مناسبا حتى لو كانت تلك الوسيلة هى حمل السلاح بما يوحيه ذلك من شبهة التقليل من حجم وقدرة الدولة على توفير الحماية له ولمن هم فى مثل ظروفه ممن تحولت طبيعة وظائفهم إلى الخطر الذى يحوم حولهم.

وإذا افترضنا أن ما قام به المستشار كان مجرد رد فعل غاضب نتيجة إحساسه بعدم الأمان فى أعقاب الحادث الإرهابى الذى راح ضحيته 3 من زملائه قضاة العريش، فإن الأمر ما كان يجب التعامل معه بهذا «االتضخيم» الإعلامى بل كان يجب وضعه فى حجمه الطبيعى دون التهليل له والتعامل معه على أنه نوع من الشجاعة.

أعتقد أنه لو تم ترك هذا الأمر دون أن يكون هناك تفسير «واضح» لحقيقة ما حدث فإننا بكل تأكيد سنكون أمام دولة «هشة» غير قادرة على حماية أرواح مواطنيها، فما كتبه المستشار تحت صورته بالمسدس لم يكن ينقصه سوى القول «من أرد ان تثكله أمه فليتبعنى» تماما كما قالها من قبل سيدنا عمر بن الخطاء رضى الله عنه حينما قرر الهجرة مهددا المشركين من أنه سيتصدى لهم بسلاحه دون الحاجة إلى حماية من أحد فقد كان يرى آنذاك أنه فوق الجميع من حيث القوة والإحساس بالذات!.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية