تعليق بعض الأصدقاء الذين قرأوا المقالين اللذين كتبتهما عن خطورة الطائرات بدون طيار كان أننى لم أذكر فى أى منهما الاستخدامات السلمية والمبهجة لتلك التكنولوجيا. ومعهم كل الحق بطبيعة الحال. فقد ذكرت فقط، وفى عجالة، أن لتلك الطائرات استخدامات مدنية ولكننى لم أذكر مثلا أنها تكنولوجيا من الممكن أن تستخدم لإنقاذ الأرواح فى الكوارث الطبيعية والبشرية، دون أن يتعرض من يقوم بعمليات الإنقاذ للخطر. فمن الممكن أن تستخدم للإنقاذ فى الحرائق أو عند انهيار المناجم مثلا. كما أنها صارت تستخدم اليوم فى التسوق وفى الترفيه، ومنها ما هو صغير الحجم كلعب الأطفال، بل لم تعد ملكا فقط لدول وحكومات وإنما صارت مملوكة للأفراد. كل تلك الأمور لم أذكرها فعلا.
وأعترف بأننى ربما بحكم التخصص، انصب اهتمامى بها على الجانب السياسى. وحين كتبت عنها، كان هدفى التنبيه لخطورتها على حياة البشر وسيادة الدول، خاصة النامية منها، فضلا عن أن تحويل تلك التكنولوجيا إلى أداة للتجسس والقتل يجعلها تعيد تعريف مفهوم الحرب، كما نعرفها، من معارك بين طرفين إلى «عمليات للقنص» فيها قناص وفريسة، كما ذكر جريجوار شامايو فى كتابه الذى أشرت إليه.
ووجود تلك التكنولوجيا فى استخدامات سلمية ومدنية بل وجودها فى يد الأفراد لا ينفى خطورتها بل يؤكدها فى تقديرى. وإليكم نتائج التحقيقات التى كنت قد أشرت فى مقال سابق إلى أن الحكومة اليابانية تجريها بعد أن عثرت على طائرة بدون طيار تحمل مادة مشعة على سطح المبنى الذى يوجد به المكتب الرسمى لرئيس الوزراء شينزو آبى. فقد ألقت السلطات اليابانية القبض على المتحكم من بعد فى تلك الطائرة الصغيرة الذى أقر بامتلاكه لها ولكنه قال إنه فعل ما فعل احتجاجا على السياسة النووية لحكومة آبى. وما هى إلا أسابيع حتى كانت الحكومة المحلية لمدينة طوكيو تحظر مرور تلك الطائرات فى محيط العاصمة.
ومن طوكيو إلى واشنطن فى الأسبوع نفسه، حيث ذكر الإعلام أن السلطات الأمريكية ألقت القبض على شخص كان يتحكم فى طائرة من ذلك النوع كانت تطير فى مسافة «لا تبعد سوى شارع واحد عن البيت الأبيض» وأنها فرضت كردوناً حول الطائرة الصغيرة فى المكان الذى سقطت فيه حتى تأكدت من أنه خال من أى ما يهدد المنطقة.
الطريف فى القصة هو ما ذكرته النيويورك تايمز عن نوع الدعاية السياحية لواشنطن العاصمة التى صارت معتمدة هذه الأيام. فهى صارت تشجع السائحين على «اصطحاب عائلاتهم وكاميراتهم»، ولكن تطلب منهم أن يتركوا الطائرات بدون طيار «فى بيوتهم»!