x

عصام شيحة مسؤولية الإعلام عصام شيحة الأحد 19-04-2015 21:28


تبدو الإشكالية الكبرى أمام النظم الديمقراطية محصورة فى كيفية استيعابها لمتناقضات، هى فى جوهرها ليست إلا قواعد أساسية تصل ما بين صحيح الممارسة الديمقراطية من جهة، ومرتكزات الأمن القومى من جهة أخرى، وإن اتخذت أشكالاً شتى لا يمكن فك تشابكاتها بعيداً عن إدراك لصحيح مفهوم الديمقراطية.

فليس من شك فى معاناة المجتمعات الساعية صوب تحول ديمقراطى حقيقى وجاد، إزاء البقاء رهن الاستيعاب المنغلق على الذات فى مواجهة ما تفرزه الديمقراطية من حركة فكرية دؤوبة لا تنقطع، فى سبيل استجلاء مواطن الضعف والقصور فى السياسات العامة المنوط بها إدارة شؤون الدولة، على نحو يؤكد صدق التوجه باتجاه آمال الشعوب المتطلعة إلى حياة أفضل.

وقد بات الرأى العام، وتصاعد أهميته، ومدى العناية به، من أهم المعايير المعتبرة لرصد حقيقة أوضاع الديمقراطية كثقافة مجتمعية حاكمة، حتى إن مصطلح الرأى العام لم يظهر بصورة واضحة محددة إلا خلال الربع الثانى من القرن العشرين، مع تزايد المد الديمقراطى، بعد أن كان المصطلح قد استخدم لأول مرة فى عهد الثورة الفرنسية، تلك الثورة الأعظم أثراً فى الفكر الإنسانى قاطبة، وهو ما يشير إلى المسؤولية الوطنية للإعلام، إذ بدونه لا سبيل إلا تشكيل وتوجيه رأى عام مستنير، على وعى بمجمل قضاياه الأساسية.

من هنا تأتى أهمية إدراك الدولة لحقيقة مؤكدة مفادها أن ثورة لم تقم إن لم تنشأ قيم جديدة قادرة على إنجاز جوهر التغيرات الجذرية الدالة على تحول ديمقراطى يجسد طموحات الملايين التى ثارت فى الخامس والعشرين من يناير، وتابعت التأكيد على مطالبها فى الثلاثين من يونيو، فيما يؤكد المغزى الحقيقى، كون الثورة المصرية بشقيها لم تكن أبداً ثورة جياع، بل ثورة كرامة ضد امتهان الحقوق الإنسانية، التى ما سُميت كذلك إلا لأنها مكتسبات «إنسانية» بالأساس، إذ يحوزها الفرد، كونه إنساناً فحسب.

والواقع أن تجاهلاً للأسباب المنتجة لثورة يناير لا يمكن فى ظله التأكيد على صدق الرغبة فى تجسيد مبادئ ثورة الثلاثين من يونيو، إذ لا مجال لكل ما يدفع باتجاه الفصل بين شقى الثورة المصرية، فى يناير ويونيو على التوالى، وبالتالى فكل ارتدادة إلى الخلف ممن تقدموا الصفوف فى الثلاثين من يونيو تبدو سبيلاً آمناً للطعن فى حقيقة انتماء الثلاثين من يونيو إلى مرتكزاتها الحقيقية فى ثورة الخامس والعشرين من يناير.

ولعل فى بيان وزارة الداخلية حول ما نشرته «المصرى اليوم»، أمس الأحد، ما يؤكد حتمية التمسك بما يمكن أن تضيفه القوة السياسية إلى مفهوم القوة الشاملة للدولة المصرية، إذ تنحصر القوة السياسية فى مدى اتساق الدولة مع المعايير الديمقراطية.

وعلى هذا، ليس فى إطار التشكيك فى وطنية رجال المؤسسة الشرطية، ودورهم المُشرف فى حماية الوطن، يمكن أن ندرج ما نشرته صحيفة «المصرى اليوم» واستدعى بياناً من وزارة الداخلية، أشار إلى تحفظ وزارة الداخلية على ما وصفته بأداء «غير مهنى»، الأمر الذى لا ينبغى أن يستدعى إلى المشهد الوطنى مواجهات تهدم حقيقة القواسم الوطنية المشتركة ودورها فى تجسيد مفهوم الدولة الديمقراطية الحديثة التى ننشدها جميعاً، فى ظل معالجة موضوعية لا تتبنى كل نهج يدير ظهره إلى حقيقة التحديات التى تواجه الوطن، والتى لا سبيل إلى مواجهتها بعيداً عن إجراء مراجعات صريحة وجادة، لا تنقصها مراجعة الذات.. على صعوبتها.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية