«الصراحة والوضوح جوهر السياسة ولا وقت للملاوعة».. كان هذا هو المانشيت الذى اختارته «المصرى اليوم» لتصعيده من كلام المهندس إبراهيم محلب فى الندوة التى نظمتها الجريدة فى مقر الحكومة مساء السبت الماضى، وقد دلل رئيس الوزراء على تصريحه هذا بما يتم على المستوى الاقتصادى..
لكننا هنا نود أن نؤكد أن هذه السياسة يجب ألا تنسحب على الاقتصاد وحده.. فحينما تمتلئ المواقع الإلكترونية بما حدث فى الإسكندرية يوم الجمعة الماضى، مما يعد سابقة خطيرة، حيث قامت قوات الأمن باقتحام مقر حزب التحالف الشعبى بالإسكندرية وألقت القبض على عضوين من الحزب وهما فى طريقهما لمقر الحزب..
وعندما يكون هذا هو الحزب الذى انتمت إليه الشهيدة «شيماء الصباغ» فلا يكون هناك حاجة لاستنتاج أن هذا يحدث على خلفية قضية اغتيال الشهيدة شيماء، وبعد أن تم منع النشر فى القضية لا يبقى هناك مجال آخر إلا استنتاج أن هذا يتم من أجل التغطية على القاتل، فهل هذا هو ما تريده السلطة السياسية الآن؟ بل هل هذا يأتى فى مصلحة السلطة أم أنه يضرب سياسة الصراحة فى مقتل؟
وأنا أتساءل هل معنى ذلك أن وزير الداخلية الجديد يسير على خطى سياسة سلفه أم أنه يملك الفرصة بالاعتراف بالخطأ، بل بالأخطاء للتأكيد على أنه ينتهج سياسة مخالفة؟ المشكلة ليست فقط فى قضية اغتيال شيماء الصباغ، بل المشكلة تنسحب أيضا على كثير من أداءات الداخلية فى الفترة السابقة ومنها مثلا تحريات الأمن التى دفعت نيابة أمن الدولة إلى حبس عشرة متهمين بينهم أربعة صحفيين لاتهامهم بالانتماء إلى جماعة إرهابية وعملهم فى مواقع إخوانية تحرض على العنف وقناة «مكملين» الإخوانية، وهو ما نفاه المتهمون، وقد تبين أن من بين المحبوسين ثلاث صحفيات يعملن فى مواقع إلكترونية وهن سمر حسن وفريدة أحمد ونهى السيد، وقد تبين أنهن يعملن فى مواقع «أونلاين» و«اليوم الأول» و«مبتدى» وهى مواقع إلكترونية غير إخوانية، وقد أكدت محامية الصحفية الأولى أن موكلتها لم تعمل فى قناة مكملين وأن أجهزة الأمن قد ألقت القبض عليها من منزلها بالقليوبية.
مثل هذه الأداءات وغيرها لا يصب فى مصلحة السلطة الحالية كما أنه يصور سياسة التصدى لما نواجهه من إرهاب أنه سياسة تنتهج «العاطل على الباطل». مرة أخرى نحن الآن أمام وزير داخلية جديد عليه أن يتصدى للإرهاب بطريقة تعتمد على معلومات دقيقة ولا تلجأ إلى ترهيب من يطالب بكشف الحقيقة حتى لو كانت هذه الحقيقة تدين أحد ضباط الشرطة..
فرصته متاحة الآن لسياسة مختلفة للداخلية وإلا فنحن أمام أسرع وسيلة لاستنزاف ثقة الشعب فى سلطته التى يتجمع حولها وينحاز إليها وتتمتع بشعبية كبيرة فى وقت نحن أحوج فيه إلى هذا الالتفاف والوطن يخوض معركة ضد الإرهاب الداخلى والخارجى..
وليس بعيدا عن ذاكرتنا أن أكثر ما ضرب نظام مبارك فى مقتل كان سياسة شرطة حبيب العادلى التى عانى منها الشعب معاناة لم تبرأ منها ذاكرته بعد، ومازالت ماثلة فى الأذهان.. كل حالة ظلم يقع على برىء تعنى فقد ثقة المحيطين به، فهل نحن فى حاجة إلى ذلك ونحن نخوض معركة يجب أن يتكاتف فيها الشعب مع شرطته؟ ننتظر سياسة وزير الداخلية الجديد ليس فى تصريحاته ولكن ما نلمسه حقا فى أداء الداخلية.