في زيارة مفاجئة إلى متحف محمود سعيد، قابل وزير الثقافة أمينة المتحف، وكانت لسوء طالعها «تخينة»، من الوزن الذي لا يحبه جنابه، الوزير المثقف لم يُخفِ مكنون صدره وقالها صراحة: «أنا بقى عندى مشكلة بخصوص الموظفين التُخان»، أحسنت قولًا.
لم يغفل حامل لواء الثقافة أن يُسدي بعض التوجيهات إلى رئيستها في العمل وأمام زملائها «النبلاء» الذين أضحكهم خفة دم الوزير: اجعليها تصعد السلم عشرين مرة وتجري في حديقة المتحف. يوماً بعد يوم يثبت الوزير أن رئيس الوزراء كان له نظرة ثاقبة عندما اختاره لهذا المنصب، الكرسي الذي جلس «فوقه» فاروق حسني لا يملؤه إلا عبدالواحد النبوي.. خير خلف.
السيد المحترم وزير الثقافة، سأحدثك بالأرقام، إن كنت تؤمن بها: ٣٠٪ من سكان العالم مصابون بالسمنة، لا فرق بين الدول المتقدمة والفقيرة، في الصدارة تأتي الولايات المتحدة ومصر والسعودية، وفقًا لتقرير معهد قياس وتقييم الصحة في جامعة واشنطن في ٢٠١٤، فيما أعلنت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة «فاو» في العام نفسه أن نسبة السمنة في مصر تجاوزت ٤٠٪ من تعداد السكان.. معالي الوزير، لديك مشكلة الآن مع قرابة ٤٠ مليون مصري، نتمنى أن يتسع وقتك للسخرية منهم.
يا أزهري المنشأ «لا يسخر قومٌ من قوم عسى أن يكونوا خيرًا منهم»، ألم تجد وقتًا لتقرأ ولو قليلًا عن صاحب المتحف، عن باشا ابن باشا، كان والده رئيسًا لوزراء مصر، وكان هو قاضيًا بدرجة مستشار، يحكم على الناس وفق أعمالهم لا أشكالهم، ثم ترك سلك القضاء «السلطة» ليتفرغ للفن، فكانت أروع لوحاته عن الدراويش وبنات بحري وبنت البلد وبائع العرقسوس والشحاذ والمرأة المصرية بوجهها الأسمر وشعرها المتجعد وقوامها المتسق حينًا و«التخين» أغلب الأحيان، لو كنت فنانًا، والحمد لله أنك لست، كيف كنت سترسم كل هؤلاء يا صاحب السلطة؟.
ثمة سؤال آخر هو عصب القضية في نظري: وفق أي قانون وأي سلطة رُحت تتفحص وتزن وتحكم على الخلق؟ ماذا لو قابلت موظفة ممشوقة، بم كنت ستكافئها وبأي مبرر؟ على كلٍّ، فقد عبرت عن ثقافتك بكل وضوح.. الآن فهمناك، مكتب وزير الثقافة بلا باب، مكتبه له ميزان.
أي ثقافة جئت بها ما دمت لا تؤمن بفضيلة الاعتذار وتَقَبُّل النقد واحترام الآخر بكل ما تراه وحدك عيبًا، حتى البيان الذى أصدرته الوزارة كان في نفس مستوى دعابتك «أكد الوزير على اعتزازه وتقديره للسيدة عزة عبدالمنعم ولجميع موظفي وزارة الثقافة وعلى دور المرأة الفعال في المجتمع»، شعارات مملة ومحفوظة، تشبه حملات تنظيم الأسرة وتحديد النسل ودعاية الحزب الوطني وجماعة الإخوان «من أجلك أنت» و«نحمل الخير لمصر».
لو كنتُ مكانك، لو كانت القافية قد حكمت، ونطقتُ ما رأيتَه وحدك دُعابة بسيطة، فأصبتُ كرامة شخص بسيط، لا حول له ولا قوة، على الملأ لما أصدرتُ بيانًا يُشبه بيانك، كنتُ يا حضرة المحترم قمتُ بزيارة مفاجئة أخرى إلى المتحف، وجمعتُ كل العاملين وزوار المتحف ورؤسائها، واعتذرت على الملأ لمن طالها لساني بما ساءها، ولطلبتُ منها شيئين، أولاً أن تقبل اعتذاري، والثاني أن تستمر في دعواها القضائية، ولا تخف.. لن يعاقبك القانون أبدا، ففي بلد «أمينة المتحف» تلك، يُضبط وكيل النيابة متلبسًا بفعل فاضح ولا يُحاسَب، ويرفض ضباط الشرطة والجيش أن يطبق عليهم القانون ولا يُحاسبون، ويعاير المحافظ المواطنين بفقرهم ويظل على كرسيه، وتغضب موظفة «ذات كبرياء» أهانها موظف «بدرجة وزير» في محل عملها فتحيلها رئيستها للتحقيق.. افعل ما شئت «الديان لا يموت».
هل يقبل الوزير أن نسأله عن وزن زوجته؟ بعضنا لديه مشكلة مع النحيفات وبعضنا لا يحب البدينات، ويبدو أن وزنها صار محل جدل ونريد أن نحسمه، بل إن البعض ربما يحتاج أن يعرف كم تزن والدة الوزير وابنته وخالته، كل هذا سوف يساعدناــ نحن المواطنين ــ أن نُقيّم نجاحه في أداء مهام عمله، فما دامت أمينة المتحف مُلزمة أن تتقبل «هزار» الوزير، فليقبل الوزير «هزار» الشعب.
السيد الوزير المُبَجَّل: اوزنها وتوكل.