x

زياد بهاء الدين: المؤتمر الاقتصادي نجح فى حشد تأييد دولى لم نشهده منذ 30 يونيو (حوار 2-2)

السبت 11-04-2015 12:12 | كتب: منصور كامل |
المصري اليوم تحاور د. زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء المصري اليوم تحاور د. زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء تصوير : محمد معروف

عندما تقدم الدكتور زياد بهاء الدين، نائب رئيس الوزراء، وزير التعاون الدولى السابق فى حكومة الدكتور حازم الببلاوى، باستقالته من الحكومة بعد 6 أشهر فقط من «حلف اليمين» أطلق وقتها على الاستقالة «خلاف الأصدقاء»، لكون رئيس الحكومة وقتها ونائبه ينتميان للحزب المصرى الديمقراطى. إلا أن الانتماء للحزب أو الصفة الحزبية لم يمنع «بهاء الدين» من اتخاذ قرار يعتقد بصحته، وهى الصفة التى لم يتخلَّ عنها فى حواره مع «المصرى اليوم» الذى يجيب فيه عن أسئلة تتعلق بالوضع الاقتصادى والسياسات الضريبية والاجتماعية للحكومة الحالية، ويضع من خلاله كشف حساب لمؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى ورؤيته لسياسة الحكومة الحالية. وفى الشق السياسى من الحوار الذى ينشر لاحقا يتناول «بهاء الدين» قانون الانتخابات ورؤية الأحزاب له، وسبب خلافه مع حكومة الدكتور الببلاوى، ووضع أموال مصر المهربة للخارج.

الحكومة متناقضة في ملف الضرائب
■ لماذا تتحفظ على قانون الاستثمار الذى أعلنت عنه الحكومة قبل المؤتمر الاقتصادى؟

- تحفظى على قانون الاستثمار منذ إعداده يتلخص فى أن تشريعه جاء لإعطاء مزايا أو مسار مختلف لتشجيع أنشطة فى البلد. على الرغم من أننا بدأنا أول تشريع للاستثمار فى عام 1971، وكان صاحب الفكرة المرحوم الدكتور إبراهيم شحاتة، لتحديد أنشطة معينة لتشجيعها وإعطائها مزايا. وتطور الأمر من تشجيع الاستثمار الأجنبى فقط ليشمل الاستثمار المحلى والأجنبى. وفى عام 2007 اتبعنا نهجا آخر بإلغاء الإعفاءات الضريبية وتوحيدها بنسبة 20%. وعندما أرادت الحكومة الحالية وضع تشريع جديد للاستثمار كان شعورى من البداية أن هدف هذا التشريع إحداث اضطراب. ومن دلائل عدم الوضوح أن القانون كانت تعده وزارتا الاستثمار والعدالة الانتقالية، وتعددت المسودات. فوزارة الاستثمار اقترحت قانونا جديدا شاملا للاستثمار، ولكنه تعرض لهجوم شديد، ما أدى لخروجه قبل المؤتمر الاقتصادى بيوم واحد فى شكل تعديل لقانون الاستثمار، وليس قانونا جديدا. وما زال انتقادى أن هذا القانون تم تشريعه دون تصور لسبب تشريعه، فمنح مزايا غير واضحة، وأصبح هناك تناقض بين قانون الاستثمار وقانون الشركات. كما يبشر القانون بنظام جديد لإصدار تراخيص مما سوف يحل مشاكلها، ولكن هذا تغير غير ممكن لأنه يحتاج إلى تغيير جذرى لهذه المنظومة. وأرى أن القانون صدر تلبية للشعور بضرورة إصدار قانون قبل المؤتمر الاقتصادى، إلا أنه لم يحدث، ووقع تناقض بين القانون الجديد وقوانين أخرى.

■ هل ترى أن قانون الاستثمار فتح الباب من جديد للإعفاءات الضريبية؟

- للأمانة: القانون لم يمنح إعفاءات ضريبية، ولكنه تكلم عن إعفاءات أخرى غير ضريبية، مثل منح أراض «ببلاش» أو غيره.

■ ما تقييمك للقانون الذى تحدثت عنه الحكومة مؤخرا بتحديد حد أقصى لضريبة الدخل بـ22.5% بعد أن كانت 30%؟

- هذا الموضوع «غريب جدا» وأنا أرى أن هناك اضطرابا شديدا فى التشريع الضريبى. سابقا كانت الضريبة 20% على الشركات، ثم 25% ثم أضيف إليها ضريبة مؤقتة 5% لمدة محددة 3 سنوات، ولمن يزيد دخله على مليون جنيه، وأن توضع فى مشروع من قائمة مشروعات تضعها وزارة المالية. والوزارة لم تعلن هذه القوائم ليصبح وضع نسبة الـ5% غير واضح. ثم جاء الإعلان عن أن تحديد الحد الأقصى للضريبة بـ22.5 % بشكل مفاجئ، وحتى الآن فإن هذا القرار لم يصدر به قانون بعد.

■ هل ترى سياسة الحكومة الحالية غير واضحة فيما يتعلق بالضرائب؟

- نعم، فهناك تناقض بين موقف الحكومة بإعلانها منذ بضعة أشهر أن الحد الأعلى للضرائب هو 30 % واعتماد مبدأ الضرائب التصاعدية، وبين الإعلان الحالى بالنزول بالضريبة إلى 22.5 % دون توضيح لأسباب.

■ برأيك هل وقع هذا التخفيض نتيجة ضغوط على الحكومة من كبار المستثمرين؟

- لن أفترض وجود ضغوط. وبالتأكيد فإن الحكومة فى النهاية تقرر ما تعتقد أنه فى صالح البلد، وليس عندى شك فى هذا. وقد يكون الغرض من النظر فى التخفيض الضريبى هو تشجيع الاستثمار. وتحفظى يتلخص فى أن المباغتة فى هذا الأمر غير مطلوبة. فالحكومة غيرت من اتجاهها بشكل مفاجئ، ما يؤثر على المصداقية. فإذا كان الغرض هو تشجيع الاستثمار، فإن التناقض السريع فى القوانين الضريبية رسالة غير مطمئنة.

■ طالبت بإعادة النظر فى قانون الاستثمار بعد المؤتمر الاقتصادى.. من الذى يفترض به إجراء هذه المراجعة؟

- ليس من الضرورة أن يكون هذا عمل الحكومة وحدها، وهو أمر واجب على المجتمع القانونى والمجتمع المدنى وجميع الجهات. ويكفى أن يكون هناك استعداد من الحكومة لمراجعة هذا القانون وما يرتبط به من قوانين أخرى، وأن تقول الحكومة إن هذا القانون صدر بتعجل، وتعطى مؤشرا لإمكانية تعديله، وسيشارك الجميع.

قانون الاستثمار منح أراضى «ببلاش» للمستثمرين

■ هل ترى أن قانون الاستثمار حل المشكلات الخاصة بكيفية التخارج من «السوق» ووضع نظام للشباك الواحد فى منح التراخيص؟

- العبرة بالتجربة، فمن يقدم ورقه للتخارج من السوق نستطيع أن نحكم هل بمقدرته إنهاء التخارج خلال مدة الـ120 يوما التى حددها القانون أم لا. وأريد أن أؤكد أننى لست منتقدا كل شىء فى القانون، فآلية التخارج السريع، التى حدددها القانون لو تم تفعيلها سيعد ذلك أمرا عظيما جدا. وإعطاء استقلالية لفكرة الترويج للاستثمار أتفق معها تماما، وأرحب جدا بمحاولة الإسراع فى إنهاء التراخيص.

■ ما الجديد الذى قدمه القانون الجديد عما كان معمولا به فى هيئة الاستثمار فيما يتعلق بالشباك الواحد على سبيل المثال؟

- عندما كنت رئيسا للهيئة العامة للاستثمار نجحنا فى إقامة شباك واحد لإصدار الشركات، وليس الترخيص. والقانون الجديد أراد أن يقدم الخطوة التالية لإصدار التراخيص من شباك واحد. وهو أمر غير ممكن إلا إذا غيرت القوانين التى تنظم إصدار التراخيص.

■ وهل غيرت الحكومة منظومة القوانين التى تنظم إصدار التراخيص؟

- لا، ولكن هذا ما يجب عمله. وفكرة قانون الاستثمار تعتمد على إرادة اختراق الطريق المعقد للقانون. ولكن هذا التفكير تغير، فالمنافسة أصبحت فى النظم وليس فى المسار السريع لاختراق القوانين. فمثلا لو أن نظام التراخيص معقد، فنحن نحتاج إلى إصلاحه من «أساسه»، من خلال تعديل القوانين المنظمة له.

قدمنا لإثيوبيا كل ما تطلبه بخصوص سد النهضة.. ولم نحصل منها على ضمانات قانونية ملزمة

■ ما رأيك فى فكرة ولاية هيئة الاستثمار وحدها على منح التراخيص المختلفة؟

- الفكرة قابلة للتحقيق فى حدود معينة، فأنت لا تستطيع إلغاء دور جهات رقابية على الهيئات التابعة لها. فهيئة الاستثمار يجب أن تكون وسيلة لتسهيل الإجراءات، ومن الخطر هدم دور الجهات الرقابية صاحبة الاختصاص، مثل هيئة التنمية الزراعية أو السياحية.

■ ما تقييمك للأرقام الضخمة التى أعلن عنها خلال المؤتمر الاقتصادى الأخير فى صورة استثمارات، ووصلت إلى 62 مليار دولار.. وما تقييمك للمؤتمر بشكل عام؟

- المؤتمر نجح سياسيا فى إبراز حجم تأييد دولى لمصر لم نشهده منذ 30 يونيو. وبرز هذا فى تواجد دول كانت تتحفظ حتى أسابيع قليلة فى التعامل مع مصر، مثل الولايات المتحدة وألمانيا وبعض الدول الأفريقية. كما نجح المؤتمر فى حشد البنوك والمستثمرين وعرض فرص استثمارية ونقل رسالة للعالم بأن مصر عادت ترحب بالاستثمار الأجنبى مرة أخرى. ولكن وقعت مبالغة فى رفع توقعات الناس إلى حد تصوير المؤتمر على أنه سيحل مشكلات مصر، بينما هو مدخل من مداخل كثيرة. كما أعتقد أن المعالجة القانونية لبعض الأمور لم تكن واضحة بما يكفى.

■ ماذا تقصد بعدم وضوح المعالجة القانونية لبعض الأمور؟

- بعض الأمور لم تكن واضحة مثل مشروع العاصمة الجديدة على سبيل المثال، وهى فكرة ليست جديدة بالمناسبة. فالرأى العام من حقه أن يعرف هل هذه العاصمة الجديدة ستنشئها الدولة أم ستعهد بها إلى القطاع الخاص، وهل ستنشأ على أرض مملوكة للدولة أم سيتم بيعها فى مزاد. هذه المسائل لم تكن واضحة بما يكفى، وربما يكون وزير الإسكان بذل مجهودا بعد المؤتمر لشرح هذه المسائل، إلا أننا عندما نتحدث عن مشروعات قومية لا بد أن يكون هناك بعض الوضوح فى الدور القانونى والرقابى. والتحفظ الآخر لدىّ هو أن الرسالة الاجتماعية من المؤتمر لم تكن واضحة وغير مطمئنة، و«الجلسة اليتيمة» التى خصصت للأبعاد الاجتماعية كانت فى اليوم الأخير للمؤتمر، وتحدثت فيها وزيرة التضامن غادة والى على منصة تجمعها مع رؤساء شركات خاصة. ولم يعرض على المؤتمر منظور اجتماعى رغم أن وزيرة التضامن كان لديها ما تعلنه مثل مشروع كرامة وتكافل، وكان ذلك ضروريا.

[quote:4]

■ كيف قرأت رقم الـ62 مليار دولار الذى أعلن عنه خلال المؤتمر الاقتصادى فى صورة استثمارات؟

- قرأته فى السياق الذى أعلن فيه. مذكرات تفاهم واستعداد للاستثمار، ولكنها مرتبطة بفترات زمنية وشروط محددة. لا تؤخذ على أنها «لغو» أو كلام فارغ، خاصة أن جزءا منها عقد مع شركات دولية مقيدة فى البورصات، وهذه الشركات لا تستطيع أن تعلن عن رغبتها فى الاستثمار فى مصر بغرض دعائى مجرد. ولكن ليس معنى هذا أنها استثمارات ستتدفق على مصر. وبما يجدر بوزارة الاستثمار أن تخرج لتوضيح هذه الأرقام وما حول بالفعل من مذكرات تفاهم إلى مشروعات حقيقية.

■ متى يشعر المواطن بمردود المؤتمر الاقتصادى وهذه الاستثمارات الضخمة؟

- من الضرورى أن يكون هناك توضيح للمدد الزمينة لتدفق الاستثمارات، فربما تعلن شركة أنها سوف تستثمر مليار جنيه وتفعل ذلك خلال عام، بينما تعلن أخرى أنها ستستثمر مليار جنيه، وتفعل ذلك خلال 10 أعوام. وهناك كثير من التفاصيل من المهم أن تعلن. وأن يصدر إلى جانب كل هذا رسالة والتزام من الحكومة ببرامج اجتماعية أكثر وضوحا، بحيث يتضح الأمر للرأى العام المصرى حتى لو كان هذا المؤتمر مؤتمرا استثماريا.

■ صرحت وزيرة التضامن من قبل بأن الحكومة الحالية استفادت من أخطاء حكومة نظيف فى مراعاة الأبعاد الاجتماعية للتنمية.. هل ترى أن هذه الحكومة تمتلك برامج رعاية اجتماعية واضحة؟

- المعنى واضح للجميع. لا يوجد شخص فى حكومة سابقة أو حالية لا يرى أنه إذا لم يتوازن النمو الاقتصادى مع سياسات اجتماعية معينة فإنه سيؤدى إلى مشاكل. ولكن ما هى آليات التطبيق؟ وأفضل أمرين قامت بها الحكومة فى مجال الرعاية الاجتماعية هما ضبط منظومة توزيع الخبز والسلع التموينية على البطاقات التموينية، وبرنامج كرامة وتكافل، لأنه ينطوى على محاولة جديدة لاستهداف الفقراء، بدلا من تقديم الدعم للجميع. فالبرنامج يستهدف الفقراء فى بيوتهم.

■ وماذا عن غير ذلك من برامج للرعاية الاجتماعية؟

- لم تحدث. كان هناك كلام عن برامج لإسكان محدودى الدخل ولم تحدث بعد، بالعكس فالأسعار تزيد وفرص العمل لم تتح بعد والوضع الاجتماعى صعب. وفى الملف الاجتماعى يعد أهم عنصر فى بناء شبكة حماية اجتماعية هو وضع كل عناصر الإنفاق الاجتماعى فى مظلة واحدة، وهو ما لم يحدث حتى الآن. وهو الأمر الذى أنتقده، لأن تنفيذ المظلة الواحدة يمكنك من استخدام الموارد بشكل جيد. وأشير هنا إلى قرار وزير المالية فى الحكومة التى كنت عضوا بها بإنشاء وحدة العدالة الاجتماعية بوزارة المالية لكى تكون المكان الأساسى لدراسة خرائط الفقر، وتحديد سياسة الدولة فى استهدافه، ثم ربط كل هذا ببرامج الدولة للدعم. فلو تركت كل وزارة لوضع برنامج معين مستقل، فلن يكون هناك فائدة فى ظل عدم وجود شبكة ضمان اجتماعى، وحرصا على ما ينجز من برامج، ومنها ما تقوم به وزارة التضامن. فلو تركت هذه البرامج دون شبكة حماية اجتماعية لتحولت لمعاش دون رؤية. وأتمنى أن تقوم وزارة المالية أو وزارة أخرى بهذا العمل.

■ كيف تتابع قضايا التحكيم الدولى المرفوعة ضد مصر وجهد الحكومة لحلها؟

- لن أعلق على هذا الموضوع نظرا لغياب المعلومات. فكل ما نعرفه هو وجود عدد من القضايا، ولكن طبيعة القضايا غير معروفة. ومن المهم أن يكون هناك آلية لحل هذه النزاعات وإعلان الرأى العام بها. وفيما يتعلق بالتصالح مع المستمثرين فإن الفكرة جيدة بشكل عام بشرطين، الأول وجود رقابة قضائية فى مرحلة ما من التصالح. وإعلام الرأى العام فى مرحلة أخرى. وأنا لست ضد مبدأ المصالحة مع المستمثرين.

■ هناك انتقاد لتوسع الحكومة فى الاستدانة محليا وعدم لجوئها إلى المؤسسات الدولية.. هل توجد حالة خصام بيننا وبين هذه المؤسسات؟

- من المهم أن نفرق فى التعامل مع المؤسسات الدولية، مثل صندوق النقد والبنك الدولى وبنك الاستثمار الأوروبى، وبين أن نقبل شروط هذه المؤسسات. فلا بد أن يكون لدينا ثقة فى التعامل مع هذه المؤسسات، فنحن أعضاء بها ومؤسسون لها ومقاطعتها خطأ كبير. فلدى هذه المؤسسات خبرة فنية مهمة، ومن حقنا أن نطالب بها، ونحصل عليها. وهناك نوع من الاتفاق فى مصر أنه أيا كان البرنامج الاقتصادى فى مصر فيجب أن يكون مقبولا من الرأى العام المصرى قبل أن يكون معتمدا من المؤسسات الدولية.

[quote:5]

■ هل هناك خطورة للتوسع فى الاستدانة من السوق المحلية وعدم اللجوء إلى المؤسسات الدولية بقلة تكلفتها؟

- فرق الفائدة بين الاقتراض محليا وخارجيا مرتبط بالعملتين، فالقياس هنا غير دقيق. لكن مصر لديها ميزة بأن ديونها الدولية آمنة، ولا بد أن نحافظ على ذلك وأن تكون الاستدانة من الخارج نوعية، بحيث يأتى المال ومعه أشياء أخرى، مثل الحصول على نسبة معونة وتدريب وسعر فائدة مخفضة مع القرض، فكأن القرض الذى تحصل عليه تحصل على نصفه معونة.

■ هل ما زالت ديون مصر الخارجية فى الحدود الآمنة رغم الاقتراض من الدول الخليجية؟

- بالطبع، فهذه الأموال جزء منها قروض، وجزء منها يكون فى هيئة منح، وجزء ودائع.

■ وهل قدمت الدول الخليجية منحا ومساعدات لمصر دون مقابل؟

- أحكم على الفترة التى كنت فيها فى الحكومة. الدول العربية التى كانت تدعم مصر كانت تفعل ذلك لأنها ترى أن هناك وضعاً متفجراً فى مصر، ولا بد من دعمها حتى لا تقع هى فى مشاكل.

■ هناك من يرى أن مصر استنفدت احتياطى النقد الأجنبى والمعونات الخليجية والمنح على شراء سلع استهلاكية.. ما تعليقك؟

- فى السنوات الماضية، كنا نستخدم الاحتياطى النقدى الأجنبى بشكل حتمى لمواجهة الصعاب. فقد توقف النشاط الاقتصادى خلال السنوات الأربع الماضية، وإذا لم يستخدم الاحتياطى لهذا السبب فلأى غرض يستخدم. والحديث بأن البنك المركزى لم يحسن استخدام الاحتياطى غير سليم، فالبنك المركزى تصدى لوضع اقتصادى صعب بعد الثورة بكفاءة وواجه الأزمات وتداعيات الثورة، وهو ما يعود إلى برنامج الإصلاح النقدى الذى نفذه الدكتور فاروق العقدة، محافظ البنك المركزى السابق.

■ هل ترى أرقام التضخم التى يعلن عنها فعلية أم أن مستويات التضخم وارتفاع الأسعار أعلى بكثير من الأرقام الرسمية؟

- لا يوجد ما يدعونى للشك فى الأرقام الاقتصادية، ولكن الفكرة أن معدل التضخم يحسب على سلة من السلع، مثل السلع المدعومة وأجور السكن وأسعار سلعة معينة لا تعبر عن التضخم. وبالفعل هناك ارتفاعات كبيرة فى أسعار بعض السلع.

■ البعض ينتقد عدم وجود أدوات رقابية تحمى المستهلك من الارتفاعات الكبيرة فى بعض أسعار السلع التى تكون غير مبررة أحيانا.. ما تعليقك؟

- التدخل من جانب الدول يكون لفترات وجيزة وفى حالات محددة. وطالما أصبحنا فى دولة تعتمد على القطاع الخاص بشكل أساسى، فالدولة لن تقوم بالدور الذى كانت تقوم به فى الستينيات والسبعينيات لضبط الأسعار. فالدولة لن تضبط أسواقا حرة، وطالما نستورد احتياجاتنا ستكون هناك زيادة فى أسعار السلع.

■ تُعد الحكومة حاليا مشروع الموازنة العامة.. فهل ترى أنها قادرة على خفض عجز الموازنة؟

- الإجابة ليست سهلة ومباشرة، وهذا ما يدعونا إلى أن نؤكد على أهمية الحوار الاقتصادى. فالحكومة يمكن أن تخفض عجز الموازنة، ولكن على حساب الإنفاق الاجتماعى أو على حساب زيادة الضرائب. فالنزول بعجز الموازنة ليس هدفا منفصلا عن باقى الأهداف. وأتمنى أن يخفض العجز إلى أقل من 10%. فالحكومة خفضت دعم الطاقة العام الماضى، واستفادت فى العام الحالى من انخفاض أسعار النفط.

■ هل ترى الحكومة نجحت فى التعامل مع ملف الدعم وتستطيع إصلاح ما به من تشوهات؟

- منظومة الدعم لن تحل فى عام أو عامين، فهى منظومة كبيرة تحتاج إلى التدرج فى إصلاحها. وإنشاء شبكة حماية اجتماعية للفقراء يمكن أن يساعد فى حدوث ذلك.

■ هل تؤيد فكرة تحويل الدعم إلى نقدى مع تحرير أسعار السلع المدعومة؟

- ليس بشكل كامل، فالدعم النقدى إحدى الصور. فلا بد من بناء شبكة ضمان اجتماعى نحدد فيها كل أوجه الدعم للطبقات الفقيرة، ونحدد الاحتياجات، فبرامج وزارة التضامن هى دعم نقدى، ولو لم ترتبط بشبكة ضمان اجتماعى، فستتحول إلى معاش.

[quote:6]

■ ما رأيك فى الاتفاق الذى وقعته مصر بخصوص سد النهضة.. وهل حمى حصة مصر التاريخية من المياه وضمن حقوقها المائية؟

- ينقسم هذا الأمر إلى ثلاث نقاط. فمن حيث المبدأ إبرام اتفاق لاختيار إطار التعاون مع دول حوض النيل اختيار سليم. والإيحاء بأن قضية سد النهضة سنكسبها عسكريا كان إيحاء خطأ، وبه نوع من الخديعة للناس لعدم استنفاد الوسائل الدبلوماسية وسط وضع دولى معقد يرفض التدخل العسكرى لحل النزاعات. وهناك مشكلتان: الأولى أن ما قدمناه لإثيوبيا هو كل ما تطلبه من اعتراف ببناء السد واعتراف ضمنى بأن الاتفاقيات القديمة لم تعد سارية واعتراف بجهودها لبناء السد. وكنت أتمنى الحصول على ضمانات محددة حول سعة السد وارتفاعه ومدة التخزين. ونحن فتحنا مسارا دبلوماسيا، لكن لا يوجد معنا اليوم الضمانات القانونية الملزمة والكافية.

وأنا أقول ذلك والوقت لم يفت بعد للحصول على هذه الضمانات. ونحن مقبلون على عصر سيكون الماء به شحيحا للاستخدام الصناعى والزراعى، ولذلك لا بد أن تحدث مراجعة للسياسة الزراعية فى مصر.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية