x

هيثم دبور حليم لايزال واقفاً على رأس بستان الاشتراكية هيثم دبور الجمعة 13-03-2015 21:46


بعد عامين من الآن، كان يتوجب أن تُتم الدولة مشروعها العملاق- أو الذى عملقته وقتها- وهو مشروع توشكى، منذ أن قرر مبارك عام 1997 أن يخلق لنفسه ولوجوده مشروعا حقيقيا أكبر من الكبارى والمدن التى يطلق عليها اسمه، ففكر فى إطلاق مشروع توشكى ليكون بمثابة فرع موازٍ للنيل يخلق ملايين الأفدنة وما إلى آخر تلك الأهداف التى تتذكرها جيدا بحكم ما سمعته وحفظته من الإعلام خلال تلك الفترة، ثم لم يبق فى مخيلتك من المشروع سوى تلك الصورة الخالدة لمبارك وسط بعض المحاصيل الخضراء وحقول القمح وهو يداعب سنابلها بيده، لأن المشروع والقائمين عليه وقتها لم يهتموا بتحويله إلى مشروع شعبى يسكن وجدان الشعب ومخيلتهم وأشعارهم وأغنياتهم أيضا، اكتفوا بالصورة المبهرة ووجود الرئيس فقط.

الوضع فى أواخر التسعينيات لم يكن مختلفا عن الوضع فى الستينيات، التليفزيون الرسمى للدولة هو الغالب، ولا وجود لفضائيات تقريبا أو صحف مستقلة، موجة من التماهى مع الدولة، إلا أن دولة «ناصر» نجحت فى خلق هذا التوحد الشعبى حول مشروعه الأبرز، السد العالى، بأغنيات قد تضحكك- الآن- فرط مباشرتها، والتى يجلس فيها عبدالحليم على رأس بستان الاشتراكية «يهندز» على المية، ويتندر على «اللى مش اشتراكى»، ثم يخرج حراجى القط من ثنايا الخال كبطل شعبى يناطح ملاحم وسير أبوزيد الهلالى والزير سالم، وتدور قصة حب تتنهد فيها ماجدة مثلما تفعل دائما مع حبيبها الوسيم إيهاب نافع، وتخرج الرحلات المدرسية لتعلم الأجيال الجديدة قيمة المشروع والمعاناة التى واجهها النظام لإكماله، وهو ما خلق شعورا عاما لدى الشعب بالتملك والرغبة فى النجاح، ودفعه وقتها للتبرع والمشاركة والتفاخر بما حققوه.

على عكس نظام مبارك فى التسعينيات، الذى لم يختلف إطلاقا فى عقليته الرقمية المميزة المهتمة بصورة الرئيس والمشروع ومخاطبة الشعب خطابا فوقيا، فلم يستغل لحظة التماهى مع الدولة، ودأب على الترويج للمشروع بصورة الرئيس، وبالعديد من الأرقام وملايين الأفدنة التى ينظر لها المواطن البسيط متسائلا عن معناها أو عن حصته فيها، حتى إن طلبة 97 وما بعدها لم يقوموا برحلات مدرسية إلى مشروع الدولة التى تتحاكى مقرراتهم عنه، يتعثر المشروع، يختلف النظام مع عدد من رجال الأعمال الذين لم يستصلحوا الأرض، ولا يشعر المواطن بأى شعور تملك حقيقى للمشروع أو قلق لخسارته، وبالتالى لا يدعمونه مثلما فعلوا بعد ذلك فى مشروع مبارك النووى الموقوف أو بيانات عز عن النمو فى مصر.

ما الذى يفرق ستينيات ناصر وتسعينيات مبارك عن فترة السيسى؟ لا شىء، تماهٍ تام مع الدولة، شعبا وإعلاما، وحكومة ترغب فى تأكيد دورها بمشروعات ثقيلة: الفرع الجديد لقناة السويس، والمؤتمر الاقتصادى الذى تحتشد له الدولة، وغيرهما.. إلا أن وسط هذا الزخم يجب على السيسى أن يسأل نفسه: ما الذى سيبقى أثره طويلا فى نفوس الشعب لدعم تلك المشروعات: أن يتغنى الشعب بصدق للمؤتمر، وتفرز القناة ملحمة حراجى قط جديد.. أم الأرقام المتوقعة للاستثمار أو عدد المترات المكعبة التى تم تكريكها؟

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية