x

الصحة.. الفقيـرات يدفعن ضريبة الإهمـال

الأحد 08-03-2015 10:36 | كتب: سمر النجار |
تصوير : آخرون

صحة المرأة تعد مقياسًا لتقدم أي دولة في العالم، فالبلدان التي تعانى من الفقر والفساد والحروب أو ضعف نظام الحكم السياسى، غالبًا ما تهمل مواطنيها المعرضين للأخطار، وكثيرًا ما يكون هؤلاء من النساء، الأمر الذي ينعكس بالسلب على المجتمع ككل. فعندما تصاب المرأة بمرض ما، تنخفض إنتاجيتها بالتبعية وتصبح أسرتها أقل أمنًا، لذا يمكن القول بأن الاستثمار في صحة المرأة منطقى من وجهة النظر الاقتصادية، كما هو الحال من ناحية حقوق الإنسان.

وطوال دورة حياتها، تفتقر المرأة في كثير من دول العالم للمساواة في الحصول على الموارد الصحية الأساسية، فغالبًا ما تتلقى الإناث اهتمامًا أقل من الذكور في الوقاية والعلاج من أمراض الطفولة. وفى سن المراهقة وطوال سنوات الإنجاب، تفتقر الكثير من النساء للمشورة الكافية والاستفادة بخدمات الصحة الإنجابية السليمة. وبالتالى تزداد مخاطر تعرض النساء للحمل غير المرغوب فيه أو المبكر أو إصابتهن بعدوى فيروس نقص المناعة البشرية المكتسبة (الإيدز) وغيره من الأمراض، فضلًا عن مواجهة خطر الإجهاض غير المأمون، ومضاعفات تتعلق بالحمل والولادة.


من جهته، أقر «إعلان بكين» لعام 1995 بحق المرأة في التمتع بأعلى المستويات الممكنة من الصحة البدنية والعقلية، وسلط الضوء على الحاجة إلى ضمان حصول الفتيات والنساء على خدمات الرعاية الصحية بشكل يسير وبأسعار معقولة وبشكلٍ مساوٍ للرجل، باعتبار ذلك واحدًا من المجالات الحاسمة التي تتطلب اهتمامًا عاجلًا من قبل الحكومات والمجتمع الدولى.

وبحسب كتاب «المرأة في العالم اليوم»، الذي نشره مكتب برامج الإعلام الخارجى بوزارة الخارجية الأمريكية عام 2013، تعيش النساء حياة أطول من الرجال، كما تظهر الإحصائيات، إلا أنهن قد يمضين نسبة أكبر من حياتهن في حالة صحية سيئة، وذلك نتيجة لمجموعة متنوعة من الأسباب، من بينها الفقر والتمييز. فإهمال الأسر الفقيرة في تقديم الرعاية الصحية والتغذية والتعليم المناسبين للفتيات، بالمقارنة بما تمنحه للأولاد، يخلف عواقب سلبية طويلة الأمد على صحة الفتيات ورفاهيتهن، كما أن بعض المجتمعات مازالت تشهد عادات اجتماعية تضر بصحة المرأة والفتاة وحقهما في الحياة، مثل، عمليات الإجهاض وفقًا لجنس الجنين، ومسألة وأد البنات.

وفى سبتمبر 2013، أفادت «منظمة الصحة العالمية» بأن متوسط العمر المتوقع للمرأة عند سن الخمسين ارتفع، ولكن الهوة بين الدول الفقيرة والغنية آخذة في الاتساع وقد تتفاقم، إذا لم يتم تحسين عملية اكتشاف ومعالجة أمراض شرايين القلب والسرطان.

ووجدت الدراسة تراجعًا كبيرًا في حالات الوفاة بسبب الأمراض غير المعدية في الدول الغنية في العقود الأخيرة، ولاسيما نتيجة سرطان المعدة والقولون والثدى وعنق الرحم، بينما أظهرت أن النساء فوق سن الخمسين في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط يعشن أيضًا فترة أطول، ولكن الأمراض المزمنة، مثل السكرى، تفتك بهن عند سن أصغر من نظيراتهن. وفى حين تشير أرقام حديثة لـ«هيئة الأمم المتحدة للمرأة» إلى أن متوسط عمر النساء في الدول مرتفعة الدخل هو 82 عامًا، فإن هذا المتوسط ينخفض إلى 63.1 عامًا في الدول منخفضة الدخل، أي بفارق 19 عامًا.

ويفرض الحمل والولادة عبئا ثقيلًا على صحة النساء في العالم النامى. فاستنادًا إلى تقديرات عام 2010 التي نشرتها منظمة «الصحة العالمية»، تقع 99% من وفيات الأمهات النفاسية في البلدان النامية، وبخاصة بلدان أفريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا. وبالمقابل، تندر وفيات الأمهات في البلدان المتقدمة، حيث تلد النساء أطفالهن في المستشفيات ويحصلن على الرعاية الناتجة عن مضاعفات الحمل. وفى حين تشير تقديرات «منظمة الصحة»، لعام 2010، إلى أن واحدة من كل 3 نساء تواجه خطر الوفاة نتيجة الحمل أو الولادة، فإن هذه النسبة تنخفض إلى امرأة واحدة من كل 4300 في البلدان المتقدمة. وتشهد الصومال وتشاد أكبر احتمالات للوفيات النفاسية، حيث تواجه النساء الخطر بواقع 1 من 18 ‏و1 من 15 من مخاطر التعرض للوفاة أثناء الولادة على التوالى.

ولكن على أية حال، كشفت بيانات للأمم المتحدة، نشرتها في مايو 2014، تراجع معدل وفيات الأمهات بسبب مضاعفات الحمل والولادة بنسبة 45%، وذلك من 523 ألف امرأة في عام ‏‏1990، إلى ما يقدر بنحو 289 ألفًا في عام 2013، وذلك بفضل عدد من العوامل مثل زيادة توفر وسائل منع الحمل، والرعاية ما قبل الولادة، والمساعدة المتخصصة أثناء الولادة.

ويشكل «الإيدز» تهديدًا لصحة المرأة أيضًا، وخاصة في البلدان والمجتمعات الفقيرة. وتفيد إحصائيات حديثة لـ«هيئة الأمم المتحدة للمرأة» بأن هناك 16 مليون امرأة مصابة بفيروس «الإيدز» حول العالم، أي 50% من جملة البالغين الذين يعانون من الفيروس، فيما أشار إحصاء للهيئة لعام 2013 إلى أن 60% من المصابين الجدد بـ«الإيدز» بين الشباب هم من النساء، وهو ما ترجمته بالقول بأن ما يقرب من 1000 امرأة شابة يصبن بـ«الإيدز» يوميًا.


ولمواجهة خطر المرض، يدعو «إعلان بكين» إلى زيادة إمكانية حصول المرأة، طيلة دورة حياتها، على الرعاية الصحية والمعلومات والخدمات ذات الصلة وبحيث تكون ملائمة وبأسعار ميسورة وذات نوعية جيدة. وفى حين تمكنت البلدان التي جعلت من صحة المرأة أولوية في سياستها الوطنية من تحقيق تقدم كبير في هذا الصدد، مازال أمام عدة دول، وبخاصة النامية، طريق طويل لضمان حياة صحية سليمة لنسائها.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية