يوم عيد الأم تنتظر كعادتها قرع جرس الباب، ليدخل الجسد النحيل إلى غرفتها متسللاً على أطراف أصابعه، واضعاً يد أمامه وأخرى خلف ظهره ليخفى هديتها، يجثو على ركبتيه و يقبلها حتى تستيقظ، وتقول فى حنو «باستك العافية يا ضنايا، فيه إيه يا حبيبى؟»، فتظهر يده التى تحمل الهدية ويقول «كل سنة وانتى بخير يا ست الحبايب»،
ومع بدء وصلة الدعاء يكاد قلبه ينفجر من الفرحة.. هذا هو المشهد فى كل بيوت المصريين ليلة عيد الأم،لكن الوضع مختلف مع أمهات الشهداء.. فبعضهن يعانى حرمان هذه اللحظة منذ استشهاد أبنائهن، منذ عامين دون أن يحصلن على القصاص العادل لفلذات أكبادهن، بدءاً بـ« مصطفى رجب» أول شهيد فى الثورة، نهاية بالشهيد «علاء عبد الهادى».
وأخريات ستمر عليهن للمرة الأولى ليلة عيد الأم دون عبارة «كل سنة وانتى طيبة يا ست الحبايب» .
«المصرى اليوم» تلتقى أمهات شهداء الثورة وهن يستقبلن عيد الأم هذا العام فى ثوب الحداد.. لتنقل عبر السطور التالية رسائلهن التى تنطق بكلمات «الأبنودى» لتقول.. اوعوا فى هوجة الكلام.. دم الشهيد تنسوه ويسرقوه منكم.. ياما التاريخ سرقوه.
والدة الشهيد محمد الشافعى: كان سبب فرحتى ولن أهدأ حتى أقتص له
بثياب سوداء وبدموع تأبى الانهمار، استقبلتنا والدة الشهيد «محمد الشافعى» فى منزله وبدأت الحديث: «محمد كان أقرب لىّ من إخواته البنات، لكن اللى مصبرنى إنه مات شهيد». وواصلت: «أنا مش زعلانة بس عشان عيد الأم جاى من غير محمد ما يكون موجود معايا، لأ، أنا زعلانة عشان حاجات تانية كتير أوى، محمد هو اللى كان بيدخل الفرحة والسعادة على قلبى، كان راجل البيت، وكمان عيد ميلاده كان يوم 29 فبراير والمناسبتين ورا بعد مزودين حزنى أكتر وأكتر».المزيد
والدة الشهيد جيكا: ابنى انتخب الإخوان .. فقتلته «داخلية مرسى»
داخل منزل بسيط بمنطقة عابدين وفى حجرته الخاصة جلست الحاجة فاطمة والدة الشهيد جابر صلاح ( جيكا ) على سريره الخاص وأخذت تتأمل فى صوره ومقتنياته الشخصية وبادرتنا بالقول « اللى قتلوا ابنى معروفين وصورهم مالية النت، ومش عارفة
ليه مش عايزين يقدموهم للعدالة ». المزيد
والدة الشهيد «جورج راجى» شهيد ماسبيرو: القصاص.. هو «الهدية»
تحدثنا وهى شاخصة ببصرها إلى صورته المعلقة على الحائط قائلة «مش قادرة أقولكم إن بقالى شهر باعيط عشان عيد الأم، كان دايماً فى اليوم ده بيسألنى أجيب لك إيه ياست الكل، ومن ساعة ما مات وأنا حياتى اتدمرت ومش قادرة أقعد فى البيت». المزيد
أم شهيد «25 يناير» أحمد بسيونى: أدعو له بالرحمة وما زلت أنتظر القصاص لروحه
ذهبنا إليها لتهنئتها بعيد الأم، فاكتفت بالصمت، ثم تحدثت بصعوبة، لتؤكد أن البهجة والتهانى فقدت معانيها بعد رحيل ابنها أحمد بسيونى، شهيد ثورة 25 يناير، وبرغم رضاها بقضاء الله، فإنها ما زالت تنتظر القصاص لروحه ودمه. وقالت: «أكرس وقتى للدعاء له بالرحمة والمغفرة واستعذب إقامتى وحدى، برغم إلحاح ابنى باسم على الإقامة معه، حتى لا أنشغل عن هذا الدور بتفاصيل الحياة اليومية». المزيد
والدة الشهيد «علاء عبد الهادى» شهيد مجلس الوزراء:العيد أصبح «عزاء» بعد استشهاد «علاء»
«سيدة حسن» والدة شهيد جمعة الغضب: حياتنا بلا عيد.. وجراحنا مع مرسى «بتزيد»
أم أسامة جلال شهيد سيناء: هديتك وصلت يا ضنايا
«الحاجة كوثر» أم شهيد الثورة الأول: «مصطفى» ينادينى فى كل عيد ووعود مرسى «كلام انتخابات»
عامان وشهران مرا على سقوطه شهيداً ليسطر اسمه بحروف من النور كأول شهداء الثورة المصرية. إنه «مصطفى رجب» الذى قالت والدته «عندما يقترب عيد الأم أظل أسمع صوتاً يردد كل سنة وانت طيبة يا أمى، ودى كانت كلمة مصطفى ليا». وبدموع حاولت منعها دون جدى استكملت حديثها قائلة « ابنى كانت ظروفه صعبة، ورغم ده عمر ما فات أى عيد أم من غير ما يدينى فلوس ويقولى هاتى اللى انتى عايزاه، دا غير إنه كان بيجيب لى العلاج ويساعد فى جهاز إخواته البنات، أصل والده متوفى وهو صغير أوى ومكنش عندى ولد غيره عشان كدا كان يعتبر راجل البيت، وكان حامينى أنا وإخواته البنات». المزيد
والدة «عمر» بائع البطاطا لقاتله: «ربنا يكوى قلب أمك زى ما كويت قلبى»
والدة الشهيد «أحمد صالح»: السجاجيد الحمراء من دم ابنى يا ريس
«ده تانى عيد أم ييجى من غير أحمد، وده إحساس صعب أوى، لأنه كان أول واحد بيجيبلى هدية، وعشان كده مش عايزة شهر مارس ييجى أبداً،عيد أم إيه من غير أحمد ربنا يصبر قلوب أمهات الشهداء كلهم».هكذا بدأت والدة «أحمد صالح» شهيد أحداث محمد محمود الأولى، لتستكمل قائلة «ابنى مكنش بلطجى، وكان فى آخر سنة فى كلية نظم معلومات، وحتى لو بلطجى ونزل يشيل المصابين يبقى يشرفنى إنه كان ابنى، وأنا مش فاهمة ليه الإصرار على التستر على اللى قتلوا
ولادنا».المزيد
والدة الشهيد محمد الجندى: هروح عند قبره وأقول له «شكراً لأنك حجزت لى كرسى فى الجنة»
سألناها كيف تستقبلين عيد الأم هذا العام بدون «محمد»، ألا تشعرين بالحزن لفراقه، فأجابت: «الحمد لله على كل شىء وكيف أحزن وابنى مع الله كيف أحزن وابنى فى الجنة وجليس الحسين والصحابة وما أحلى هذا المجلس فكل إنسان يسعى إليه».وواصلت: « لكن مش هسيب حق ابنى والمسؤول عن موت ابنى هما الإخوان
والداخلية ولن أقبل إلا أنهم ييجوا بأكفانهم وأنا أعفى عنهم». المزيد
شقيق شهيد الصحافة: «الحسينى» قال لوالدته «أتمنى الشهادة فى فلسطين» فمات أمام قصر الرئيس
لم يكن يتخيل أن أدوات عمله هى نفسها التى ستؤدى لموته، قلم وكاميرا فوتوغرافيا حملهما على كتفه وذهب لتغطية الأحداث المشتعلة أمام قصر الاتحادية، فعاد إلى أهله فى نعش، بعد أن قتل بطلق نارى أصابه فى الرأس مباشرة.. إنه الصحفى ابن محافظة سوهاج الحسينى أبوضيف. والدة الحسينى رفضت الظهور أو الحديث إلى أى وسيلة من وسائل الإعلام واعتذر شقيقه بسبب حالتها الصحية المتأخرة منذ حادث استشهاد الحسينى والتأخر فى التحقيق فى الحادث، وتحدث سالم شقيق الحسينى بدلا منها قائلا: «كانت علاقة الحسينى بوالدتى علاقة تتسم بالأدب الجم والحنان المتبادل بينهما، والمرة الوحيدة التى غضبت منه فيها كانت بسبب انضمامه لحركة كفاية أيام النظام السابق، وكان ذلك بسبب خوفها على «الحسينى» من بطش أمن الدولة ومبارك ونظامه، لأنها كانت حركة معارضة للحكم وقتها».المزيد