من بين 28 متهماً حصلوا على البراءة فى مذبحة استاد بورسعيد الأولى، أول فبراير 2011، التقت «المصرى اليوم» 10 منهم عقب وصولهم إلى منازلهم، ورافقتهم فى أول خروج لهم من منازلهم لزيارة قبور شهداء المذبحة الثانية، التى أعقبت النطق بالحكم فى 26 يناير، زار المفرج عنهم قبور معظم الشهداء الذين سقطوا بعد 26 يناير الماضى، وقبر كريم عطعوط آخر من رحل من الشهداء، قرأوا الفاتحة، وبكوا، وعاهدوهم على القصاص، والثأر لهم.
نقطة التجمع كانت منزل محمد صالح محد الدسوقى، بشارع الأمين، هناك التقى خالد صديق، أحمد الحمامصى، أشرف عبدالله، ومحمود الشعراوى، محمد منيسى، أحمد عادل، محمود حتاتة، أحمد الكحكى، وعاشر لم نستدل على اسمه.
فى ميكروباص، وسيارتين «ملاكى»، توجهنا للمقابر. عند البوابة الأولى تجمع الحاصلون على البراءة والتقطوا صورة جماعية، وتعاهدوا على الاتيان بحقوق أصدقائهم، الذين استشهدوا بسببهم، أو القابعين فى السجن، ممن يعتقدون فى براءتهم. توجهت المجموعة إلى مدافن الشهداء واحداً تلو الآخر، قبّلوا نحو 46 شاهد قبر، قضى أصحابها فى مواجهات مع الشرطة، عقب النطق بالحكم يوم 26 يناير الماضى، قبل أن يغادروا المقابر إلى منازل أسر أصدقائهم المتهمين فى القضية الذين صدرت بحقهم أحكام بالسجن والإعدام.
البرنس عمره 42 عاماً، متزوج ولديه 5 أبناء، أكبرهم 18 عاما، وأصغرهم مريم عام ونصف العام، يمتلك مقهى، يتجمع فيه مشجعو الألتراس. لا يتوقف هاتفه عن استقبال التهانى بالخروج، يرى أنه كُتب له الخروج بدماء الشهداء الذين ماتوا، يعترف بفضلهم. يحكى عن ترحيلهم من سجن بورسعيد الأسبوع الماضى، عندما اقتحم ملثمون غرف الحبس وهم نائمون، أخذوا 3 منهم بملابسهم الداخلية.
قلت لهم: كده ح تولعوا بورسعيد. فكان ردهم ضربى فى وجهى، ووضعوا «بلاستر» على أفواهنا، وأخرجونا فى مدرعة، وبعد وصولنا إلى محطة بنزين فكوا البلاستر، وأعطونا مياهاً معدنية، وعرفنا بحكم البراءة الساعة 11، عندما نادوا على الذين حصلوا عليها.
من بين الحاصلين على البراءة، خالد حسن أحمد صديق، 33 سنة، موظف فى شركة توزيع كهرباء القناة، ولا ينسى لحظة ترحيله من سجن بورسعيد، يعتبرها أصعب لحظة مرت عليه فى السجن، يوجه رسالة للرئيس مرسى رغم براءته: «اتق ربنا فى مصر وسيبها وارحل، كفاية دم، وأقول للإخوان: إنتم السبب فى كل حاجة بتحصل فى مصر دلوقتى».
أحمد سعد الحمامصى ثالث الحاصلين على البراءة، 26 سنة، ترك خطيبته بعد 3 أشهر من الخطوبة بسبب القضية، ورغم براءته إلا أنه حزين على الشباب الذين ضاع مستقبلهم، يحمّل الرئيس مرسى المسؤولية.
الحمامصى سلم نفسه يوم 21 فبراير 2012 عندما علم أنه ضمن المتهمين، ذهب لقسم الضواحى رغم إصابته بكسر خلال الأحداث حيث كان ضمن اللجان الشعبية المكلفة بالتنسيق مع الأمن لتأمين المباراة.
الحمامصى هو العائل الوحيد لأسرته، بعد وفاة والده منذ 13 عاماً، ذهب لقراءة الفاتحة له بعد زيارة قبور الشهداء مع أصدقائه بعد خروجه من السجن، ثم ذهب ليطمئن على والدته التى تعيش مع أخته وشقيقه الأصغر 16 سنة.
الرابع أشرف أحمد عبدالله، 40 سنة، سائق ميكروباص، يذهب كل مباراة لتشجيع النادى المصرى، يحكى عن اليوم المشؤوم، يقول: لم يكن هناك تفتيش والمدرج البحرى كان مزدحماً.
لا ينسى أشرف إهانة بعض الضباط لهم، وبخاصة الأهلاوية، فيقول: «كانوا بيصورونا واحنا نايمين، ويبعتوا الصور لألتراس أهلاوى».
الخامس محمود محمد السيد حسب الله، 25 سنة، سائق لنش فى ميناء بورسعيد، خاطب الرئيس مرسى: «حسبى الله ونعم الوكيل، مفيش حد أخد حكم من أيام الثورة إلا شباب بورسعيد أخدوا إعدام، حتى مبارك ما أخدش إعدام». ويضيف: «فى سنة واحدة رحنا 7 سجون واتمرمطنا، وأهالينا اتبهدلوا، لكن إحنا مش ح نسيب حق اللى لسه جوه السجن، فيهم ناس لم تحضر الأحداث أصلاً، وأخدت 15 سنة ظلم. البرىء السادس هو محمد نصر منيسى 29 سنة.. يتحدث بصعوبة شديدة، ويبدو عليه المرض والإعياء، يعمل تاجراً، عقد قرانه قبل السجن، وتأجل الزفاف بسبب القضية، يتحدث منيسى بحسرة وألم عن المعلق الرياضى مدحت شلبى الذى وصفه بـ«البلطجى الأحول».
مضيفا: «بعد حلقة مدحت شلبى صدر أمر ضبط وإحضار وذهبت لقسم شرطة المناخ لتسليم نفسى»، ورغم ذلك ذكر محمد سليمان رئيس قسم المباحث أنه قبض علىَّ وأننى قاومت السلطات، وهذا لم يحدث، كما يتذكر «منيسى» الضرب الذى تعرض له فى سجن طرة وأثناء التحقيق
أحمد عادل، 33 عاما، عامل فى منطقة الاستثمار، البرئ رقم 7 فى القضية، متزوج ولديه ندى، 13 عاما، ومحمد 3 سنوات، يحمل مسؤولية توجيه الاتهام للمعلق الرياضى مدحت شلبى، قائلا إنه سلم نفسه بعد 11 يوماً من المباراة الأهلى. البرىء الثامن، محمود عبده أحمد عبداللطيف، 28 سنة، أعزب، يعمل فى شركة استخلاص جمركى، يرى أنه قضى سنة و3 شهور فى السجن، بسبب تحريات مباحث لا تخصه وإنما تخص شخصا آخر، وأنه لم يكن هناك أى شاهد ضده. يحكى عبداللطيف عن الظلم الذى تعرض له فى السجن، وبخاصة فى استقبال طرة.
يقول: «ضربونى وعورونى، وذهبت لمستشفى السجن لعمل أشعة، كانوا بيعاملونا بلا رحمة ولا شفقة رغم إننا مصريين زيهم، وأقول لاخواتنا اللى ماتوا الله يرحمكم، وأقول لمرسى كفاية ظلم، لأنك قلت مش ح يبقى فيه ظلم فى عهدى، بقى عهدك كله ظلم، واحنا مش ح نسكت على حق اللى ماتوا ولا حق المظلومين فى السجن، الداخلية هى السبب».
أحمد الكحكى 20 سنة، طالب، ورقم 9 فى الحاصلين على البراءة، يعتبر أنه لم يخرج من السجن، لأن هناك أصدقاء له لا يزالون محبوسين ظلماً، موجهاً رسالة للرئيس محمد مرسى نصها: «حان وقت الرحيل، لأن البلد لن يتحمل أكثر من ذلك، تحملنا الظلم والإهانة فى السجن».