أثار تعيينه فى المجلس القومى لحقوق الإنسان لغطا كبيرا، حتى إن البعض وصف انضمامه للمجلس بأنه مخالف للقانون، واتهمته رقية السادات بالاشتراك فى اغتيال والدها الرئيس الراحل محمد أنور السادات.. فى حواره مع «المصرى اليوم»، يدافع الدكتور أسامة رشدى، المستشار السياسى لحزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، وعضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، عن انضمامه للمجلس، ويدلى برأيه فى المشهد السياسى، واصفا الأزمة الأخيرة بين حزب النور وجماعة الإخوان المسلمين، بأنها مقدمة لحرب تكسير عظام فى انتخابات مجلس النواب المقبلة، منتقدا موقف جبهة الإنقاذ واعتبر دورها المعارض هزيلا.. وإلى نص الحوار:
■ كيف وقع عليك الاختيار فى عضوية المجلس القومى لحقوق الإنسان؟
- تم انتخابى بناء على ترشيح من حزب البناء والتنمية، مدعوما بممارستى السياسية وعملى بالدفاع عن حقوق الإنسان، وبحكم تأسيسى لجبهة إنقاذ مصر فى لندن، حيث عملت على طرح قضايا حقوق الإنسان، بالتعاون مع منظمات حقوقية دولية فى مصر وخارجها، بالإضافة لخبرتى فى مجال حقوق الإنسان، حيث حضرت العديد من المؤتمرات حول حقوق الإنسان فى مصر، ولا يوجد ما يمنع من اختيارى فى عضوية المجلس القومى لحقوق الإنسان.
■ وماذا عن بلاغ السيدة رقية السادات ضدك، واتهامك بأنك كنت ضمن المجموعة التى شاركت فى اغتيال والدها الرئيس الراحل محمد أنور السادات؟
- مشكلة القوى السياسية المعارضة أنها دائما ما تعترض على تمثيل بعض أبناء التيار الإسلامى فى عدد من المناصب، فهم اعتادوا أن يروهم إما معتقلين أو منفيين، على الرغم من أن الثورة قامت ضد الإقصاء، وأنا تحديدا لم تصدر ضدى أى أحكام قضائية، ولا علاقة لى باغتيال السادات فى القضية رقم 7 لسنة 81، أمن دولة عسكرية، والتى كان متهما بها 24 شخصا، لم أكن من بينهم، ولذلك سأقاضى السيدة رقية السادات بتهمة التشهير، لأنها لم تكتف برفع دعوى قضائية ضدى، ولكنها عمدت إلى نشر عريضة الدعوى على الإعلام، مما سبب أضراراً كثيرة لى ولأسرتى.
■ ما الذى تسعى لتقديمه من خلال عضويتك بالمجلس؟
- لدى مشاريع عديدة أدرجتها للعرض على أول اجتماع للمجلس، منها إنشاء لجنة للحقيقة والعدالة، تتولى توثيق كل الانتهاكات التى وقعت ضد الشعب المصرى منذ 6 أكتوبر عام 81 وحتى 11 فبراير 2011، وهى الجرائم المتعلقة بالتعذيب والتعذيب بالوكالة، ولدى مستندات دولية جمعتها على مدار الأعوام الماضية خلال التنقلات من بلد إلى آخر، تثبت تورط الرئيس المخلوع فى جرائم تعذيب، وهناك مشروع آخر يتعلق بالمصريين بالخارج، وأسعى إلى تشكيل وحدة للعمل على حمايتهم وحل مشاكلهم، وكذلك ضمان تمتعهم بحقوق مدنية وسياسية خاصة.
■ بماذا تفسر الاستقالات الجماعية لأعضاء المجلس، حتى إن انتخابك جاء عقب استقالاتهم؟
- البعض يخلط بين العمل الحقوقى والمواقف السياسية من النظام، ولكن المجلس مستقل تماما، ولا سلطان لأحد على أعضائه إلا ضمائرهم، ومن المفترض أن يمارس كل عضو بالمجلس مهامه بغض النظر عن رضا الحاكم أو غضبه، كما أن مبدأ الاستقالة مرفوض، لكونه تخل تخليا عن المسؤولية، وهو غير مناسب لبناء دولة خاصة فى هذه المرحلة الانتقالية الخطيرة.
■ ما رأيك فى أداء الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية؟
- أرى أنه لم يحصل على فرصة كاملة لكى نضع نتائج نهائية تتعلق بعمله، ولكنى كنت أتمنى أن تكون مؤسسة الرئاسة أكثر فاعلية، وأن تضم شخصيات وطنية وكفاءات متنوعة ومستعدة لتفهم وجود معارضة، وتستطيع احتواءها، وما لم أفهمه بعد هو الصراع على السلطة ومحاولة القفز عليها بأى وسيلة، حتى لو كان الثمن إسقاط مصر، وأتمنى من الجميع أن يلتزم بالمعايير الحقيقية للديمقراطية فى العمل السياسى الذى يحترم الشرعية، لكن محاولة تغيير النظام بالمولوتوف والخرطوش وحرق مؤسسات الدولة عمل غير وطنى.
■ ماذا عما يتردد عن «أخونة الدولة» وسعى الجماعة لحصد مناصب؟
- أنا ضد أن يتولى أى شخص منصبا ليس كفئا له، وهذا واجب السلطة والحكومة، لكن أنا مع حق التيار الإسلامى فى أن يكون له تمثيل فى وظائف الدولة، خاصة أنه كان محروما منها من قبل، ومن يردد مصطلح أخونة الدولة أرى أنه مصاب بمرض العنصرية، ولابد من علاجه، فكيف كانوا ينتقدون الإقصاء قبل الثورة، ويمارسونه هم الآن.
■ وماذا عن اتهام التيارات الإسلامية برغبتها فى حكم مصر بالقوة؟
- هل هم من يحملون المولوتوف ويشعلون الحرائق، ويسعون لاقتحام قصر الرئاسة، دعونا نتوقف عن تلك الاتهامات الخاصة بالإرهاب التى كان يستخدمها نظام مبارك، فعودة الإسلاميين للعنف صعبة جدا.
■ ماذا عن الأزمة الأخيرة بين حزبى الحرية والعدالة والنور، بسبب إقالة الرئاسة الدكتور خالد علم الدين، من منصبه مستشاراً للرئيس؟
- الرئاسة أخطأت، وكان ينبغى أن تظهر أدلة واضحة لأسباب الإقالة، وعدم إلقاء التهُّم جزافا دون دليل، والإقالة نقطة سلبية تحسب على الرئاسة وتعكس أنه لايزال هناك مستشارون دون المستوى، يصرحون بمثل هذه التصريحات، وأرى أن مثل تلك المواجهات مقدمة للانتخابات البرلمانية المقبلة، وهذا ليس جديدا، فقد حدثت مواجهات شديدة بين السلفيين والإخوان فى الانتخابات الماضية، وصلت إلى حد الاتهامات وتقديم البلاغات.
■ هل يمكن أن تعود الجماعة الإسلامية للعنف فى الدفاع عن مرسى وشرعيته، حال إسقاطه رغم نبذها العنف من خلال مليونيتها الأخيرة؟
- العنف خطر يهدد مصر، ومن الصعب أن تعود الجماعة الإسلامية للعنف، برغم أن التيارات اليسارية تمارسه حاليا، لكنى أحذر كل القوى السياسية والإسلامية من أن العنف أدى إلى دفع العديد من الدول فواتير باهظة كما حدث فى إسبانيا، حيث وقعت حروب أهلية نتيجة الاعتداء على الشرعية، والعنف ليس خيارا مطروحا لدى الجماعة الإسلامية طالما كان هناك صوت للسلطة المصرية، وما سيدفعنا للدفاع عن أنفسنا من خلال لجان شعبية سيتم فى حال انهيار المؤسسة الأمنية، فوقتها قد يلجأ التيار الإسلامى ككل للدفاع عن نفسه.
■ كيف تقرأ تحركات جبهة الإنقاذ، وما أوجه التشابه بينها وبين جبهة الإنقاذ التى أسستها فى الخارج؟
- فرق شاسع بينهما، فجبهة إنقاذ مصر التى أسستها فى الخارج تضم كثيرا من المصريين المعارضين للنظام السابق، وكنا على اتصال وقتها بكل القوى المعارضة فى مصر، وأسسنا نشاطها على أساس وطنى وليس أساساً أيديولوجيا أو فكريا، وكنا نواجه نظاماً طاغياً متجبراً مسيطراً بالظلم والتزوير، ونستهدف الإصلاح والتغيير، أما جبهة الإنقاذ الحالية فتواجه نظاماً منتخباً ولا يسمحون بالاستقرار حتى يتمكن من أداء عمله، ويريدون القفز على السلطة، فهى جبهة مفككة، لكنى أعتقد، حسب رؤيتى للمشهد، أنها فى طريقها للقبول بالحوار، فالبعض منهم راهن على إسقاط مرسى فى 24 ساعة، وبعضهم متعجل للقفز على السلطة، ويرى أن مصر هينة وسهلة السيطرة عليها، والبعض اعتقد أن مجموعة من البلطجية تستطيع اقتحام الرئاسة، وآخرون يملون شروطا تعجيزية، ويريدون الحوار عبر الفضائيات، لكنى أرى أن عليهم الجلوس وجها لوجه لوضع حلول وأفكار تساعد على إنهاء المرحلة الانتقالية، وإعادة بناء مؤسسات الدولة بانتخابات برلمانية نزيهة ومجالس محلية. كما أن معارضة جبهة الإنقاذ هزيلة، واستخدامها غطاء سياسيا للعنف سيؤدى إلى حرب شوارع ليست فى مصلحة مصر.
■ مع كثرة الدعوات للمليونيات المطالبة برحيل مرسى.. هل تعتقد أن يتنحى مثل مبارك وماذا سيكون موقفكم؟
- لا أعتقد ذلك، فهو لن تنحى عن الكرسى، لأنه لا يواجه معارضة من شعبه، فهناك قلة قليلة تعارضه بالعنف، والبعض الآخر بسلمية، وأعتقد أنه من مصلحة مصر أن ينهى الرئيس مدته كاملة حتى يعاد انتخابه، أو يتم انتخاب رئيس غيره، لكن إذا تنحى بإرادة شخصية، فبالتأكيد نحترم إرادته، ونتعامل مع الموقف وفقا لما يمليه الدستور، لكن نرفض أن يتم إجباره على التنحى بالقوة، لأن ذلك إهدار لإرادة الشعب المصرى، وإهدار للمشروعية السياسية له بصفته أول رئيس منتخب، ومن حقه أن يستكمل مدته.
■ هناك فتاوى من قبل بعض الإسلاميين تطالب بإهدار دماء قيادات جبهة الإنقاذ.. هل تعتقد أن الأمر سيتصاعد وستشهد مصر اغتيالات سياسية؟
- أنا ضد مثل هذه الفتاوى، وأن يتم توظيفها فى العمل السياسى، فمن حق أى مواطن أن يكون مؤيدًا أو معارضا للرئيس، كما أننى ضد أى فتوى تتعلق بإهدار دم أى مصرى، لكن للأسف الإعلام يضخم أى أمر متعلق بالإسلاميين، فلماذا لم يتم النظر إلى خطيب التحرير المنتمى لحزب التجمع، ويدعى الشيخ ميزو، الذى طالب بإهدار دم الرئيس وإهدار دم الإخوان، وتعليقهم على المشانق وأعمدة الكهرباء، لماذا لم ينكر أحد عليه هذه الفتاوى، لذلك أرفض مثل هذه الفتاوى، سواء من إسلاميين أو غيرهم، وينبغى عدم توظيفها سياسيا، لأنه لعب بالنار قد يؤدى إلى إشعال الفتن، وعودة العنف تهدد بعودة الاغتيالات السياسية.
■ كثير من مليونيات الإسلاميين انطلقت لتطبيق الشريعة الإسلامية.. هل ترى الوقت مناسبا لتطبيقها فى الوقت الحالى؟
- الوقت غير مناسب، لكن تطبيقها لابد أن يبدأ بشكل تدريجى، من خلال إحداث تعديلات فى بعض القوانين ومراعاة شرع الله فى التشريعات الجديدة، وهذا لن يتم عن طريق الرئيس، وإنما من خلال آليات برلمانية ديمقراطية عقب انتخابات مجلس النواب المقبل.
■ ماذا تقول للدكتور مرسى ولجماعة الإخوان وللسلفيين؟
- أقول للدكتور مرسى إن هناك قضايا تحتاج حزما أكثر من ذلك، ولابد أيضًا أن يتبنى مصارحة وطنية بكل الحقائق للشعب، والتواصل الدائم معهم، وعلى الإخوان عدم الاستئثار بالمناصب، وأن يشاركوا الجميع قضايا البلد، خاصة أن الإحسان هو درجة أعلى من العدل، وأقول لحزب النور السلفى: لا تذهب بعيدا إلى جانب مبادرات قد لا تكون عملية وواقعية، ويجب عليك أن تعود إلى التفاهم حول أرضية مشترك، تسمح بإجراء انتخابات حرة نزيهة تليق بمصر فى الأشهر القليلة المقبلة.