قالت مجلة «تايم» الأمريكية إن الجدران والحواجز ونقاط التفتيش التي باتت القاهرة تشهدها مؤخرًا عقب الاشتباكات، ومنها الكثير في منطقة وسط البلد وبالقرب من السفارة الأمريكية، جعلت المنطقتين تنقطعان عن بعضهما، والمحال القريبة منهما أصبحت معزولة بالكامل، واصفة مشهد الجدران والمواطنين الذين يحاولون اجتيازها «بأنها الوضع الذي أصبح معتادًا في مناطق مثل جاردن سيتي وبالقرب من ميدان التحرير منذ شتاء 2011».
وأضافت المجلة الأمريكية أنه مع اقتراب الذكرى الثانية للثورة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك والاضطرابات التي تبعت وصول الرئيس الإسلامي محمد مرسي إلى الحكم بعد قبضه على الحكم في نوفمبر 2012، أصبحت الجدران رمز الأزمة السياسية في مصر، ونقلت عن المهندس المعماري عمر نجاتي، قوله إن «الجدران تشير إلى إعادة التفاوض بعد الثورة على قواعد اللعبة بين الشعب والسلطات، فالناس تضع الشروط والسلطات ترد فقط ببناء المزيد من الجدران والحواجز».
وقالت «تايم» إن الاحتجاجات القوية خلال الثورة شلت الدولة البوليسية التي صنعها مبارك مؤقتًا، لكنها لم تسقطها بالكامل، ولم تختف المظالم التي شهدها عهد مبارك حتى بعد الثورة، ومنها الفقر ووحشية الشرطة وقلة الديمقراطية في المؤسسات المدنية، لكن الذي تغير هو موقف المصريين تجاه السلطة، فأصبحت الحكومة عاجزة عن منع الاحتجاجات، حتى العنيفة منها، واتجهت في المقابل إلى عزل المحتجين حرفيًا، ومنهم المعتصمون في ميدان التحرير، عن المنشآت الحكومية والسفارات جنوب الميدان.
وسألت المجلة أحد أصحاب مقاهي الإنترنت بالقرب من السفارة الأمريكية، بعد أن أصبح معزولا بالكامل عما يربطه بميدان التحرير، فقال إنه بالكاد يحصل في نهاية اليوم على 20 جنيها، وتساءل: ما الذي يفعله الناس لعبور تلك الحواجز؟ هل يحفرون تحتها مثلما يفعلون في أنفاق غزة؟»
ونقلت عن محمد الشاهد، الذي يحضر الدكتوراه بجامعة نيويورك، ويدرس التخطيط العمراني في القاهرة، قوله إن الجدران «مراوغة كاملة بدلا من التعامل مع المشاكل، فقد كانت قوات الأمن في عهد مبارك أقوى، وكانت تمنع الاحتجاجات قبل تحولها إلى تظاهرة، أما الآن، وبعد أن تحولت التظاهرات لمسألة حياة أو موت، فإن الجدران تبدو وكأنها الحل الوحيد المتاح الآن».
وأشارت المجلة إلى انتشار الجدران في عدد من أحياء القاهرة، وآخرها في هليوبوليس، حيث انتقلت التظاهرات احتجاجا على الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي في 22 نوفمبر الماضي، وتحولت إلى اشتباكات بعد اعتداء عدد من الإسلاميين على المعتصمين والمتظاهرين أمام قصر الرئاسة، وبالتالي قامت قوات الأمن ببناء جدار قطع طريقا مكونا من 4 حارات، وأجبر السيارات على السير في صف طويل للمرور من مساحة ضيقة في منطقة تتسم بالكثافة المرورية، والأمر نفسه يتكرر في منطقة وسط البلد، التي أصبح المرور فيها أكثر تعقيدًا، بسبب الشوارع المغلقة بالجدران والأسلاك الشائكة ونقاط التفتيش، التي لا يسمح الأمن فيها بالمرور والسيارات المحترقة وحافلات المجندين المسلحين.
واختتمت مجلة «تايم» الأمريكية بالقول إن الجدران التي يرى البعض أنها «تمنع المشاكل من الحدوث» لا يمكن أن تستمر في الوجود إلى الأبد.