سيدة تبدو فى أواخر العقد الثالث من عمرها، اقتربت من تلك الحجارة المتراصة بشكل عشوائى، وقبل أن تحاول الصعود اقترب منها شابان وأمسكا بيديها لمساعدتها فى القفز وتجاوز تلك الأحجار للوصول إلى الجهة الأخرى.. هذا هو المشهد الذى يتكرر يومياً أمام بقايا الجدار الذى أقامته قوات الأمن فى شارع قصر العينى وهدمه النشطاء فى 30 مارس الماضى.
ليست هذه هى الطريقة الوحيدة التى استخدمها عشرات الموظفين بالإدارات والبنوك والشركات المختلفة التى تقع بالقرب من المجمع العلمى، للعبور من فوق الأحجار التى يبلغ ارتفاعها حوالى نصف متر، لكن هناك طرقاً متعددة، منها استخدام سلم خشبى أو قوالب من الطوب لغير القادرين على القفز، ولم يقتصر عبور الجدار المتهدم على الشباب فقط، بل كل الفئات والأعمار والاتجاهات تمر من فوقه، لدرجة أنه أصبح جداراً توافقياً يستوعب كل التيارات، امرأة منتقبة وأخرى سافرة، رجل ملتح وآخر مسيحى، شاب كاجوال وكهل بملابس رسمية.. فالكل قرر أن يتحدى الجدار العازل، ويقفز لتوفير وقت طويل وجهد فى اللف من الشوارع الجانبية للوصول إلى الجهة الأخرى.
«لإننا مصريين اتعلمنا إننا نتصرف.. فقررنا أن نمر من فوق الحجارة مستخدمين سلالم خشبية عبارة عن عرق خشب وسلالم حجرية من كسور السور العازل».. تلك الكلمات قالتها أمل وهى موظفة تعمل بإحدى الشركات القريبة من مجلس الشورى، أمل وزملاؤها وغيرهم من المواطنين والموظفين قرروا أن يتسلقوا السور بكل حيوية ونشاط حتى لا يقضون وقتاً طويلاً فى المرور بالشوارع الجانبية.
«امشى سنة ولا تعدى قنا».. حكمة رفضتها أمل شكلاً وموضوعاً، وقررت أن تحتفظ بنشاطها وتقفز من أعلى السور ومعها العشرات من السيدات والرجال بعضهم كبير فى السن، بالإضافة إلى أطفال المدارس الذين اعتبروا القفز فسحة مدرسية.
أمل ترى أن الجدار العازل الذى كان يغلق من قبل الشارع ووضعه الجيش خلال أحداث مجلس الوزراء فى ديسمبر الماضى مرهق ومكلف لها فى الوقت، حيث كان يكلفهم كموظفين بالمنطقة حوالى 20 دقيقة للمرور حول منطقة جاردن سيتى والسفارة الأمريكية، بالإضافة إلى أنه يؤكد الروح المصرية، فليست هناك أزمة أن تقف أمل أعلى الجدار وتطلب من شاب سلفى ملتح أن يمسك لها بالشنطة لتقفز أو أن يمسك بيدها لتتعجز عليه لتستطيع المرور.