خصصت صحيفة «الأوبزرفر» البريطانية افتتاحيتها للتطورات في مصر تحت عنوان «يجب على مرسي وقادة المعارضة بناء إجماع وطني بشكل عاجل»، حيث قالت الصحيفة إن الثورات بطبيعتها أمور لا يمكن التنبؤ بمآلاتها، ومن ثم فإن ثورة مصر لا تشكل استثناء في هذا الصدد، مطالبة الرئيس بتعديل المواد المثيرة للجدل في مشروع الدستور.
وأضافت، وفقا لموقع هيئة الإذاعة البريطانية BBC: «رغم أنها بدأت قبل أقل من سنتين، فإنها حققت هدفها الرئيسي المتمثل في الإطاحة بديكتاتورية حسني مبارك، لكنها واجهت بعض المشكلات بشأن تحقيق هدفها الثاني وهو تأسيس نظام قابل للاستمرارية يقوم على الحكم الديمقراطي الرشيد، يكون مقبولا من غالبية الشعب المصري».
ومضت الصحيفة قائلة إن هذا الأمر ليس مفاجئا، إذ إن إقامة مؤسسات ذات مصداقية لا يمكن أن تتم بين عشية وضحاها خصوصا إذا لم تكن موجودة من قبل، مشيرة إلى أن «المصالح الخاصة لا يمكن أن تختفي بشكل فوري مع انهيار النظام السابق، لأن السياسيين لا يتحولون بطبائعهم إلى شخصيات نزيهة فجأة، إذ إن التوترات العديدة القائمة والتي لم تعرف طريقها إلى الحل بين الإسلاميين والعلمانيين والمحافظين والليبراليين والأقباط والمسلمين بشأن المسار الذي ينبغي أن تسلكه مصر مستقبلا، تفاقمت الأسبوع الماضي وبلغت درجة الغليان».
وأشارت الافتتاحية إلى أن ما يبعث على القلق بشدة هو درجة الاستقطاب التي ظهرت في المجتمع المصري والتي كشفت عنها المواجهات بين أنصار مرسي ومناوئيه في محيط القصر الجمهوري وما أفرزته من مواقف سياسية حادة.
وأضافت أن شهادات الشهود بشأن الاقتتال العنيف بين الفريقين، والذي استُخدمت فيه القنابل الحارقة والمسدسات والضرب دون رحمة، تُظهر أن الشرطة والجيش كانا عاجزين عن التدخل لإيقاف العنف أو أنهما لم يظهرا استعدادا لذلك.
ولاحظت أن ما حدث لا يدل على اختلاف في الآراء وإنما هو «انفجار للأحقاد يعكس فشلا ذريعا في تحقيق الثقة المتبادلة، ما حدا ببعض المعلقين السياسيين إلى التحذير من بداية الحرب الأهلية»، مشددة على أن المواجهات الأخيرة ظلت تختمر في الساحة السياسية المصرية لمدة طويلة ووجدت الآن طريقها إلى العلن، لكن الخطر يكمن في أن خطوط المعركة السياسية والمادية قد تشكلت وترسخت بحيث قد تظل هناك لمدة طويلة حتى لو انتهى الجدل الحالي بشأن الدستور الجديد، ملاحظة أن المصريين يدركون أن ثورتهم تواجه منعطفا وخطورة ما بعدها خطورة.
واعتبرت الصحيفة في افتتاحيتها أنه رغم المرارة التي تخللت مسيرة الثورة المصرية والدماء التي سفكت، فإن التوصل إلى حلول وسط يظل ممكنا ومطلوبا بشكل عاجل، ومن ثم فإن إصرار محمد البرادعي وقادة المعارضة الآخرين على أنه لا حوار مع الرئيس مرسي قبل إلغاء الاستفتاء على مشروع الدستور المقرر يوم 15 ديسمبر قد لا يخدم مصلحة مصر.
وتضيف أن إعلان الرئاسة المصرية عن إلغاء الصلاحيات الواسعة التي منحها مرسي لنفسه، والتي أدت إلى الموجة الأخيرة من الاضطرابات، تبدو خطوة في الاتجاه الصحيح رغم أن عرضها بشأن فتح حوار دستوري لا يرجح أن يهدئ مخاوف معارضي الرئيس مرسي.
وتختتم الصحيفة قائلة إن «مرسي مطالب في إطار تسهيل المباحثات مع المعارضة بتعديل المواد المثيرة للجدل في مشروع الدستور، لأن الإبقاء عليها ليس خطوة توافقية أو حكيمة لبناء مصر الجديدة، وخصوصا مراجعة البنود المتعلقة بمنع البرلمان من مراقبة الجيش».
وكذلك يتعين على مرسي التخلي عن أسلوب مبارك في الحديث بشكل مهووس عن مؤامرة خارجية تدعم «الطابور الخامس» داخل مصر، وعندما تتوافر أجواء الهدوء، يمكن للطرفين البدء في بناء الثقة المتبادلة والتي اتضح جليا من خلال أحداث الأسبوع الماضي أن غيابها يعني عودة إلى سلوك الانقسام الذي ميز العهد السابق، وإن الطرفين المتخاصمين لهما الخيار فيما سيتخذانه من مواقف، والمسألة مسألة قيادة».