x

أيمن الجندي ولماذا لا أحب الحياة؟ أيمن الجندي الإثنين 14-05-2012 21:00


العالم يفور، مصر تثور، بؤر الاضطراب فى كل مكان تدور. فى الشارع الإسلاميون، وفى الفضائيات العلمانيون، وفى البيزنس رجال الأعمال والمحتكرون. أما أنا وأنت فلا مكان لنا فى هذا العالم القاسى، عالم لا يعبأ بالإنسان! عالم مشغول بالرئيس القادم عن الحبيب القادم! بالضبط كما غنت فيروز: «مش لنا الزينة، وبيارق المدينة.. أنت وأنا يا حبيبى بيكفينا ضوء القمر».

ولماذا لا أحب الحياة؟ وهى نعمة الخالق عز وجلّ - خلقها من أجلى وأجلكم! وحتى حين يُطلق الرصاص، وتفوح رائحة البارود، وتخلو الشوارع إلا من القتلة، فثمة فى البيوت حساء ساخن، ومائدة طعام يجتمع إليها الأحبة، وجلسات سمر تحلو بها الحياة!

ولماذا لا أحب الحياة، وأنا لن أعيش على الكوكب الأرضى إلا هذه المرة فقط؟ فليضطرب العالم من حولى كما يشاء.. هل ثمة شك أن السيرك المنصوب سينتهى! وسينسى كأنما ما كان! وهب أن المظالم لم تنته، هل خلت دنيانا قط من المظالم والدماء، يحلو لنا أن نتغنى بالماضى ولكنه شهد أفظع المجازر الدموية، والقرابين البشرية، واستعباد البشر للبشر، وجلد الأبرياء، برغم ذلك ظلت العصافير تغنى، والزهور تومض بالحسن والبهاء، وفى نهاية الأمسية، يصنع المستضعفون سعادتهم الصغيرة، ينعمون بالسهر والسمر والقمر والأغنيات.

ولماذا لا أحب الحياة، وفى كل صباح أولد من جديد! هل تعرف تلك الثانية الأولى التى تسترد فيها وعيك، وتعرف أنك أفلت بجلدك من الموت المخيف، أمامك يوم كامل، بل عمر كامل، بل حياة كاملة، انس الليل السابق، انس الحزن والآلام، لا تبك أبداً على شىء ضاع، لا تحزن على عمر مضى وفرص ضيّعتها، كل ما سبق وهم، كل ما سبق هباء! هل تذكر مساء أمس وكل أمس: سهر وحيرة وذكريات تعذبك، ثم سطعت الشمس الجديدة فتبدد كل شىء حتى كأنّه لم يكن، كل شىء يموت حينما يموت، والكون نفسه خُلق لحظة استيقاظك من جديد! تصوّر فرحة النهار الأول! تصوّر بهاء شمس خُلقت لتوّها! هذه فرصتك الجديدة يا قلب الطفل، تستطيع استدراك كل ما فات، بل تستطيع أن تعتبر أنه لم يفتك شىء، ابدأ الآن فورا وعش حياتك، بذمتك حياة تستطيع أن تبدأها كل يوم، ألا تستحق منك أن تحبها؟!

ولماذا لا أحب الحياة، وقد قالت لى حين سألتها: «يا أم.. هل أحبك؟»، قالت: «نعم، أحبّنى بقدر ما تستطيع»، قلت لها مشاكسا: «نحن نحبك ولكنك تؤلميننا؟»، قالت ماما الحياة: « أؤلمكم لأعلّمكم! وأحزنكم لأسعدكم، لكنكم تؤلمون أنفسكم وتصنعون تعاستكم، وفى الأرض متسع، وفى السماء بهاء، حتى يضيع العمر وتنتهى الأيام! آه ياعبط، أفى رؤوسكم عقل أم مهلبية؟».

قلت مستفسراً: «انصحينى يا أم بنصيحة لا أحزن بعدها»، قالت الحياة فى حكمة الأمهات: «لا تحمل همّ الغد ولا تهتم بالتفاصيل.. عش حياتك لحظة بلحظة.. واحرص أن تستمتع بكل لحظة.. حتى إن ضاقت عليك اللحظة.. فلا تهتم! أحيانا تصبح الغفلة نعمة.. وغنّى للدنيا - يا حبيب ماما - كعصفور حرٍ سعيد».

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية