x

أيمن الجندي رحلة ساندويتش (2) أيمن الجندي السبت 05-05-2012 21:00


كان الرجل يمسك الساندويتش فى شرود، متطلعا إلى أحد برامج الحوار. كان هناك ضيوف يتصايحون كالديوك! وكل واحد منهم يريد أن يثبت أنه رائع، وأن الآخرين أغبياء! غافلا عن الحوار الثرى الكائن فى قلب الساندويتش.

■ ■ ■

أنشودة الدجاج: «صباح الخير. صباح السعادة والبهجة. صباح البركة والنعمة. صباح الحَبّ والوفرة. صباح الشموس الوافرة، المليئة بالنقنقة والصياح.

أقدم لكم نفسى، أنا صديقة البشر! أنا الدجاجة! أنا البساطة والوداعة! أنا العطاء بلا شرط ولا قيد!

تاريخى عريق مع أصدقائى البشر. قبل الميلاد بقرون عديدة، تم استئناس جدتى الأولى. كلنا، معشر الدجاج، نعرف قصتها. كانت جدتى الكبرى دجاجة برية غير مستأنسة، لا يشغل بالها غير الحرية والهواء الطلق وغرام الديوك. ثم وقعت فى حب فلاح أسمر. شاهدته وهو يعامل أرضه السمراء برفق، لم تشاهده من قبل فى صراع الديوك. ظلت جدتى البرية تحوم حول الحقل، تشاهده يوما بعد يوم، عاجزة عن تلبية نداء ديكها الجموح. وبرفق تسللت جدتى إلى يدى الفلاح.

هكذا أخبرتنى أمى وهى تحضننى بحنان! وهكذا أخبرتها جدتها، وجدة جدتها! حكاية تتناقلها أجيال الدجاج، تروى قصة حياتنا المشتركة مع جنس البشر. فى القرى والمدن، فوق الأسطح والأفنية الداخلية، حيث الشمس المعطاءة والهواء الطلق الحنون.

وبعكس الديك الفخور، المقتحم فى زهو وخيلاء، الذى يملأ الفضاء بصياحه، ويقلب آنية الماء والحبوب، فإننا- معشر الدجاج الودود- نرقد فوق البيض، نهمس بالحكايا، نغنى للكتاكيت الصغيرة، نقضى حياتنا فى تواضع، عارفين أننا مخلوقات بسيطة كل ما نتمناه أن نقضى حياتنا فى سكينة، بأقل درجة ممكنة من الضوضاء.

عشنا والبشر فى سعادة، يمنحنا الماء والحبوب والحظيرة، ونمنحه البيض واللحم فى عطاء متبادل. حتى جاء يوم التضحية، وعرفت أننى سأمنح لحمى عن طوعٍ، ليصبح جزءا من خلايا إنسان».

■ ■ ■

أنشودة الزيت: «كنت فى الأصل نباتاً جميلاً، يدور مع الشمس أينما دارت، يسموننى «زهرة دوار الشمس». أوراقى بلون العسل الصافى، وبذورى صفراء ببريق الذهب. أنا الصدق والعشق، أنا البهاء والنقاء.

منشئى من الأرض، ووجهى إلى السماء. أتمايل مع النسيم، فى رقة وهيام. كانت حياتى جميلة ورائعة، ما أسعد أن تُولد زهرة، ما أروع أن تُلْهم الحب والجمال.

ذات صباح ربيعى قطفتنى صبية أخاذة الملامح، قادمة من مراكب النيل وبحيرات الشمس. حملتنى بيدها الرقيقة، وسرعان ما بدأت رحلة التحول إلى زيت.

الزيت سائل لا يمتزج بالماء، يتكون من جليسترول وثلاثة أحماض دهنية فى عناق أبدى، ويُستخلص من بذور النباتات. عرفنى الإنسان منذ خمسة آلاف عام! فى البدء كانوا يستخلصوننى بواسطة الضغط، ثم يتم تصفية الزيت باستخدام الغرابيل. فى ذلك الزمن الطيب، كان الزيت المستخلص قليلا، لكنه لذيذ الطعم ويحافظ على قيمته الغذائية.

واليوم يستخدمون الآلات الحديثة، فى النهاية أتحول إلى سائل رقراق له لون الذهب، لون الزهرة الأصلية الواقعة فى غرام الشمس.

مكثت فى زجاجة، حتى صبتنى يد رفيقة، وضعتنى فوق النار، ثم قذفت داخلى شريحة من دجاج.

(نكمل غداً إن شاء الله).

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية