x

أيمن الجندي لمّا على الباب يا حبيبى بنتودع أيمن الجندي الخميس 03-05-2012 21:00


فى البدء صُعقت حين سمعت الأغنية. لم تكن من أغانى فيروز المشهورة، ولا استمعت إليها من قبل! لذلك كان تأثيرها مضاعفاً عليها. كيف استطاع الشاعر أن يصل إلى مشاعرها، وينقل الأحداث بهذه الدقة؟!.. فى البداية ظلت تستمع إلى الأغنية عشرات المرات! ثم صارت بعد ذلك تتجنب سماعها، لما تسببه لها من ألم، وإن ظلت الكلمات تدوّى فى أعماقها بإيقاعها الهادئ الحزين.


«لما على الباب يا حبيبى بنتودع! بيكون الضوء بعده شىء عم يطلع».

لحظة الوداع.. حين يقترب الفجر. ليغادرها ويعود إلى عالمه. كالعادة تبدأ مقدمات الفراق. يتمطى فى فراشه، كأنه يودع الاسترخاء. ثم يستجمع عزمه وينهض دفعة واحدة. يرتدى ثيابه الأنيقة، التى تفوح منها رائحة العطر. تلك بعض أسلحته فى مواجهة النساء. سلاحه الأمضى هو عيناه.


وقفت فى مقابلته وشرعت تتأمله. كيف استعمرها إلى هذا الحد واستولى عليها؟ لم تكن يوما ضعيفة! لم تكن يوما قابلة لاستغلال الرجال! حتى فى زواجها السابق استطاعت أن تتخذ قرار الانفصال بسهولة، بمجرد أن تبين لها أنها غير سعيدة! عاشت هانئة ردحاً من الزمان حتى قابلته، وبدأت المأساة.

كأنه أحس بالصراع الناشب فى أعماقها! اقترب منها ليشرع أمضى أسلحته! عينيه الصافيتين، ونظرته الطويلة المركزة. تشبثتْ بأحضانه. يحرق قلبها أنه ذاهب الآن إلى امرأة أخرى. زوجة النور. أتراها تظلمها أم تظلم نفسها؟ لم تكن تتصور أن تكون يوماً فى مثل هذا الوضع. لو أخبرها عرّاف قبل عامين بأنها ستكون زوجة الظل لرجل متزوج لكسرت له البلورة. الفكرة مرفوضة ومهينة وغير واردة! لم تكن قد أحبته بعد!


وشعرت به يتملل بين أحضانها، كأنه ينبهها أنه قد حان وقت الذهاب. يغوص قلبها فى تلك اللحظة، لكنها تحرص على ألا تناقشه. سيقول إنه أخبرها بظروفه منذ اللحظة الأولى، وأنها وافقت.


وسارت معه نحو الباب، وذلك المقطع من الأغنية يرافقهما: «أقف أطّلع فيك.. مابقدر أحكيك.. وبخاف تودعنى وتفلّ ما ترجع».


عند الباب وقفت تودعه وقد نطق وجهها بالحزن. جميلة وحزينة وعاشقة! وفى كل مرة تشعر بأنها آخر مرة! حدسها لا يكذب. حاستها الأنثوية المرهفة تقول إنه قد تغير. فى البدء كان يأتى كل ليلة مغموسا فى نبع اللهفة، ثم تباعدت اللقاءات. ما أصعب أن يبقى الإنسان فى حال انتظار.


الباب الموارب. حيث يبدأ عالمه وينتهى عالمها. قبّلها بسرعة كأنه يقوم بواجب، ثم أغلق الباب. أسندت ظهرها للباب هنيهة وهى تشعر بأنها لا تقوى على التحرك. ثم جرت نحو النافذة وشرعت تتطلع إليه وهو يبتعد. آه لو يتوقف ويشير إليها كى تنزل! آه لو يأخذها إلى حياة النور.

«سكّر بابى، شوفك ماشى على الطريق.. فكر أنزل، أركض خلفك على الطريق».


كيف استطاع الشاعر أن يعرف هذا كله؟ لا تدرى.

رقدت على السرير فى انتظار الصباح. حتما سوف يأتى الصباح، لكن صباحها لا يأتى. تعرف أنه الحب الذى جعلها تتحمل هذا كله! آه أيها الحب كم من خطايا تُرتكب باسمك!

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية