x

أيمن الجندي قبيل الظهيرة أيمن الجندي الإثنين 07-12-2020 02:24


كانت عيناها واسعتين، هذا كل ما فى الأمر!

فى المول الشهير بقلب الإسكندرية، وبين سلاسل المحال التجارية هناك، يتدافع الناس للشراء قليلا، وللفرجة كثيرا.

لكن هناك ساعة معينة يعرفها (صلاح) من طول التمرس فى العمل. ساعة (ما قبل الظهيرة) حيث يخف قدوم الوافدين فجأة، وكأنما بفعل سحرى! يبدو المحل التجارى شبه خالٍ، استعدادًا لهجمة جديدة من الزبائن بعد أن تنتهى الهدنة المؤقتة.

لذلك اعتاد صلاح أن يأتى فى هذه الساعة فى غير مواعيد العمل. كان الطقس مشمسا ومنعشا! يهمس له أن الحياة جميلة برغم قلة الدخل وكثرة الأعباء!

كان صلاح يمشى هوينا فى المتجر العملاق الذى يحفظ كل ركن فيه! يعرف هذا الباب المغلق الذى يفضى إلى المخزن الذى توضع فيه البضائع التى يكتشف البائعون أن بها عيبا! وهذا البرفان البرىء الذى يمر به الزبائن لا يعلمون أن وراءه متعلقات العاملين.

وفجأة شاهدها. لم يكن يعرف أن اسمها (نهيرة) بعد! كانت ترتدى ثوبا أزرق ارتمت زرقته على بشرتها السمراء الصافية فزادتها حسنا! وكانت عيناها واسعتين وجميلتين! تسمّر فى مكانه. ملامحها مريحة وهادئة!

لم يكن صلاح يفكر فى الارتباط! على الأقل ليس الآن وعمله لا يدر دخلا يُذكر. هو مثل معظم البائعين فى هذه المحال تخرج فى الجامعة! ولكنه لم يجد وظيفة تناسب دراسته! ترى ماذا عنها؟ تبدو من أصل طيب! وثيابها غالية. أغلب الظن أنها تقطن فى حى راق! الأفضل أن يتجنبها الآن وفورا! ولكن الضى الأزرق اللطيف الذى ترميه بلوزتها على بشرتها السمراء، وعيناها الواسعتان السوداوان! رباه! إنها جميلة حقا.

كانت تقلب الثياب فى غير اهتمام! افتعل صدفة معها تجعل الحديث معها ممكنا. قال شيئا مضحكا! راقت لها الدعابة فضحكت ضحكة فضية! وبدا أنه راق لها كما راقت له. كان يعرف أن شكله مهندم وثيابه متناسقة! يبتاع الماركات المشهورة فى التنزيلات الكبرى. سارا معا يتبادلان الرأى فى الثياب المعروضة. وبدت له خبيرة بشكل أدهشه. وبدا أن الأمور تسير على نحو جيد، حتى سمع زميله الغشيم يقول له دون تمهيد:

(صلاح. حتستلم الوردية إمتى؟).

احمرّ وجه صلاح! لم يكن يريدها أن تعرف وظيفته الآن! أو على الأقل يصارحها أنه جامعى! وأنها وظيفة مؤقتة! وأن مستقبله رائع وإن كان لا يدرى ما هو بعد! لكن ما أدهشه أنها أخذت الأمور ببساطة. قالت له بلهجة شعبية (إنت بتشتغل هنا؟).

وكلمة من هنا، وكلمة من هناك! عرفت أنه صلاح، وعرف أنها نهيرة! عرفت أنه يعمل هنا! وعرف أنها تعمل فى محل ملابس بنصف البلد! وأنها- مثله- جامعية لكنها لم تكن ترثى لنفسها.

ألقى إلى زميله الغشيم نظرة امتنان وهما يغادران المحل! وبمجرد أن خرجا حتى حملتهما رياح البحر.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية