الأحد: سألت نفسى: «لماذا لم أهضم الموت قط؟ وما زلت أشعر بهذا الرعب المميت منه؟». وكانت الإجابة سهلة!؛ لأن غفلتى صوّرت لى أننى بطل الحكاية ومحور الكون!، ولم أستوعب أننى- مثل سائر الكائنات، كالقطط والعصافير- آخذ نصيبى من نعمة الله ثم أخلى مكانى لأجيال جديدة وأرحل فى هدوء!.
■ ■ ■
الاثنين: كلنا نغضب حين نظلم ظلما بينا، أو يتم الاعتداء علينا، أو يُنتقص من كرامتنا، أو ينصب أحد المحتالين علينا، ولكن لا ندرى أن هذا الظلم الذى تعرضنا لنا هو أفضل ما حدث لنا فى هذه الحياة. ذلك أن القصاص العادل آت لا محالة يوم القيامة! ولكن القصاص هناك بالحسنات والسيئات، لا بالدرهم والدينار! لأنه لا يوجد تعامل نقدى هناك. فتخيل أن أمامك نار تستعر!، أنت لا تقوى على احتمالها لثانية واحدة (إن كنا لا نتحمل لهب عود الثقاب!). وتخيل أن أمامك جنة الخلد! فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين! وتخيل أن هذا الظلم الذى تعرضت له هو الذى سينقذك من المصير المروع! لأن الظالم سيحمل من سيئاتك! بذمتك! ألن تتمنى وقتها لو كانت حياتك على الأرض كلها مظالم؟.
■ ■ ■
الثلاثاء: أعانى من مشكلة قد تبدو عجيبة بالنسبة للأجيال الجديدة!، هى حرجى من مناداة الناس بأسمائهم دون ألقاب!. يريحنى جدا أن أتعامل مع الطبيب لأننى سأقول له ببساطة يا دكتور فلان!، أو المهندس لأننى سأناديه بسعادة (يا باشمهندس علان)!، ولكنى ماذا عن باقى المهن؟ هل أقول له يا محاسب! أو يا محامى! أو يا سمسار!.
طبعا لا أشعر بهذا الحرج مع أصدقاء العمر! هؤلاء أناديهم بأسمائهم وينادوننى باسمى دون حرج!. رباه! يبدو أننى قد كبرت حقا وصرت من الجيل المنقرض القديم!.
■ ■ ■
الأربعاء: بالتأكيد جميعكم لاحظتم أن الأغانى الجميلة الشجية التى تحبون سماعها هى فى حقيقتها مؤلمة وحزينة وتتحدث عن الشجن وعذاب الهجر وشعور الفراق! دائما هناك ألم! ودائما هناك شكوى من الحبيب أن المشاعر غير متكافئة أو غير متبادلة. الأغنية الوحيدة السعيدة -على حد ما أذكر- هى أغنية فيروز (يا قلبى لا تتعب قلبك/ وبحبك على طول بحبك)! أغنية مبهجة مشرقة، تنطق بالحب السعيد المتبادل، لذلك أحببتها طيلة عمرى، وكلما سمعتها شعرت بالتفاؤل والابتهاج والإقبال على الحياة!.
■ ■ ■
الخميس: لماذا- بحق الجحيم- نستخدم السيارات فى المدن الصغيرة؟ والمقصود بالمدن الصغيرة هى كل المدن المصرية ما عدا القاهرة والإسكندرية! المنطقى بالنسبة لمدن مساحتها بطبعها محدودة لوقوعها بين أحضان الأراضى الزراعية أن يكون الانتقال فى الأساس بالسير مشيا، وباستخدام الدراجات، ولكبار السن والمرضى تاكسى الأجرة! وربما حافلات النقل العام! لكن أن أستخدم سيارة ذات محرك مائة حصان كى أقطع بها بضعة كيلومترات فهذا هو العبث وإهدار الموارد حقا.