الجمعة: أحب هذا الحديث النبوى جدًّا (إنَّ اللَّهَ تصدَّقَ عليْكُم عندَ وفاتِكُم بثلثِ أموالِكُم، زيادةً لَكم فى أعمالِكُم). معنى الحديث أنه يمكن للمرء- إن شاء- أن يتصدق بثلث ماله فى الوصية، بصرف النظر عن موافقة الورثة! لتكون هذه الصدقة حسنة جارية له بعد موته (وهذا معنى قوله: «زيادة لكم فى أعمالكم»).
سبب حبى لهذا الحديث هو قوله صلى الله عليه وسلم: (تصدق عليكم)! لأنه يذكرنا بحقيقة ننساها أو نتناساها! وهى أن هذا المال- فى حقيقة الأمر- ملك لله وليس لك! مثل كل شىء فى هذه الدنيا. نحن ننسى! أنا أنسى. كل شىء ملك لله. أنا وأنتم ملك لله.
أذكر أننى كنت يومًا أقود السيارة. وشرعت أفكر أن هذه السيارة فى الحقيقة ليست ملكًا لى! ونظرت إلى كل شىء حولى: السحاب.. الأسفلت.. البنايات.. الناس! كلها خلق الله! ولأنه خلقها فهو المالك لها.
(إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم)، شكرًا لله الذى رزق! وشكرًا لله الذى تصدق! وإنَّا- يا رب- إلى صدقاتك لمحتاجون!
السبت: انتشر على مواقع التواصل الاجتماعى فيديو يوثّق ولادة فيل! لاشك أن كل من شاهده اعتراه من الشجون ما اعترانى! مشهد أنثى الفيل الأم التى لها كل التبجيل! كلنا بحاجة أن نبجل الأنثى بوصفها مانحة الحياة بإذن الله! يكفيها فخرًا أن كل مخلوق حى خرج من رحم أنثى! ولولا رعايتها له وليدًا ضعيفًا لمات! فتحية لكل أنثى فى الوجود.
المشهد كان فوق الوصف، والفيل الوليد يخرج فى شلال من السوائل! يسقط على الأرض بلا حراك. والأم الواهنة تستجمع قواها وما تنفك تنغزه وتدفعه حتى يأخذ النفس الأول! فكرت لحظتها أن هذا الوليد النفيس عمره دقيقة واحدة! وفكرت أيضا أن هذا النفس الأول هو أغلى الأنفاس!
وبمعجزة، وببركات من قلب الأم، استجمع الوليد قواه، وقام على قوائمه! سيقانه ضعيفة ومهتزة، الوليد الجميل يترنح ولكنه يسير بجوار الأم! مشهد ينطق أن الله موجود ويرعى الكائنات!
«اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَىْءٍ»، خالق الفيل وخالقنا! وما جئنا إلى الأرض إلا لكى نكون شهودًا على عظمته! ونعبده ونذكره ونشكره ونسبحه بكرة وأصيلا! نفعل ذلك لأنه الخالق! ألم تر أن أول كلمة نزلت من الوحى هى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ). فلكونه الخالق هو المعبود! ولكونه الخالق هو المحبوب! ولكونه الخالق هو الموجود الأبدى، وكل من عداه يموت.
الآن يسير الوليد الجميل بجوار أمه! تنتظره حياة سعيدة من الثقة والألفة بين قطيع الأفيال والغابة الخضراء تمتد على مدى البصر! المخلوق الضخم الفخم، طيب القلب رغم قوته، لا يؤذى أحدًا ولا يؤذيه أحد!
مرحبًا بالفيل الصغير على كوكب الأرض، يأخذ نصيبه من نعمة الله، ثم يرحل عن الدنيا فى هدوء.