x

اخبار د. حامد عبد الرحيم عيد يكتب: حول «الطريق لجامعة الجيل الثالث» (7) خريطة الطريق للانتقال لجامعة الجيل الثالث! اخبار الجمعة 06-11-2020 01:37


فى مقالنا السابع فى سلسلة مقالات «الطريق لجامعة الجيل الثالث» نلقى الضوء اليوم على كيف يمكن أن تخطط أى جامعة فى أى بلد من البلدان للانتقال إلى جامعة الجيل الثالث، وأشرنا فى المقالات السابقة إلى أهمية التخطيط الفعلى له بعد أن حدد القرن الحادى والعشرون، قرن الإبداع والتفوق، متطلبات جديدة للجامعات التى لم تعد الآن فقط مؤسسات للتعليم العالى، بل أيضًا مراكز لتنفيذ البحث والابتكار. وذكرنا أن جامعة الجيل الأول التقليدية ارتبط دورها بتدريب المتخصصين من ذوى المؤهلات العالية. وفى الجيل الثانى، اكتمل هذا الدور بمهام البحث العلمى، أما جامعة الجيل الثالث فقد أصبحت مركزًا للابتكار والنقل والتنفيذ، مع الحفاظ على الوظائف الجامعية التقليدية. وهذه الميزات الجديدة تؤدى بالقطع إلى إجراء تغييرات أساسية فى نظام الإدارة فى الجامعات. فالأمر مرتبط بتصور مفاهيم وخصائص جامعة الجيل الثالث. فدورها يتمثل فى تعزيز تدفق الابتكارات فى اقتصاد الدولة، من خلال ضمان عملية الدراسة الأنشطة البحثية عالية المستوى، ونقل التكنولوجيا إلى الصناعة. هذه الأنشطة الثلاثة تمثل الأولويات الأساسية لجامعات الجيل الثالث، فالثورات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، وكذلك التطورات الداخلية للجامعات فى العقود الأخيرة، كان لها تأثير فى ظهور نموذج جامعة الجيل الثالث وأصبح من الضرورى أن تغير الجامعات نفسها بأبعاد هيكلية ووظيفية وإدارية وثقافية جديدة بشكل مرن، لأن الهيكل المرن يدعم التكيف التنظيمى والابتكار والبقاء، كما أن زيادة مرونتها تزيد من تدفق المعلومات.

وفيما يلى سنسلط الضوء على نموذج للتخطيط الاستراتيجى لجامعات الجيل الثالث.. فى البدء فإن الاتجاهات الاستراتيجية للتحول إلى جامعة الجيل الثالث تشمل 12 محورًا هى: التعليم العالى، البحث والابتكار والإبداع الأصلى، نقل التكنولوجيا: الموارد البشرية؛ البنية التحتية والتنمية المستدامة؛ التدفقات المالية؛ التدويل؛ الصورة والتواصل؛ الجودة: الرقمنة؛ الالتزام الإقليمى؛ إدارة الجامعة. بالإضافة إلى الأصول المادية الكبيرة والمتنوعة (الملاعب الرياضية ودور الضيافة والمطاعم وما إلى ذلك)، والتى يمكن إدارتها بشكل أفضل من خلال تحقيق وضع جامعة الجيل الثالث، بحيث يمكنها تطوير النشاط الاقتصادى لها. ويمثل الهيكل العام لجامعة الجيل الثالث بعناصر سبعة تتمثل فى: المشاركين الجامعيين الرئيسيين (الطلاب والأكاديميين)، الأنشطة (التعلم والبحث العلمى) والعلاقة بينهما، والتكنولوجيات المتقدمة وأخيرًا التمويل المالى والتخطيط الاستراتيجى. كما يعتمد النموذج المفاهيمى لفكرة اعتماد جامعة الجيل الثالث كهدف استراتيجى على مصالح الشركاء المختلفين وتكامل أدوارهم فى تطوير الجامعة، ويعتمد نهجه على التطوير ليس فقط فى اتجاه المنظومة البحثية، بل أيضًا كمركز ثقل للتقنيات المبتكرة التى تدمج التعليم والبحث العلمى والابتكارات. وكل عنصر من عناصر هذا النموذج له تأثير محدد على العناصر الأخرى، لكن الدور المركزى فى النموذج والذى له أكبر تأثير ويمثل الكتلة الأهم فى التخطيط هو التمويل المالى الجامعى الذى يحدد إلى حد كبير اتجاهات التنمية طويلة المدى لقطاعات الجامعة وأقسامها. وثمة دور حاسم فى هذا النموذج يتمثل فى تلك العلاقة التى تنشأ بين الجامعة وقطاعات: البيئة الاقتصادية، البحث والتطوير، تطوير التكنولوجيا المبتكرة، وجذب التمويل الخارجى. هنا يعد تطبيق التكنولوجيات الإبداعية التى يتم تطويرها فى الجامعة هدفًا أساسيًّا للأنشطة الجامعية بالإضافة إلى مهام البحث والتعليم التقليدية. فالعمل الإبداعى والإبداع يشكلان قوة دفع وأداة مهمة للتنمية بقدر ما يشكلان طرقًا بحثية عقلانية.

إن نموذج جامعة الجيل الثالث يتميز ببنيته المعقدة نسبيًّا وأيضًا العلاقة بين عناصره؛ والعنصر المهم فى تلك المنظومة وهو الطلاب وديناميات النظام فيما يتعلق بالمتقدمين، والقبول فى كل برنامج دراسى، من خلال تحليل الأداء وزيادة المشاركة فى العمل العلمى والأكاديمى. والعنصر الثانى وهو (التدريس) وتناسب أعداد الطلاب مع أعضاء التدريس فى الجامعة، وأثر ذلك على عدد المقررات القابلة للتحقيق، وعبء كل عضو، ونوعية التعليم. فمن ناحية، تقدم جامعة الجيل الثالث خدمات التعليم العالى لعدد كبير من الطلاب، وعليها، فى الوقت نفسه، أن تركز على التفوق العلمى والتعليمى والمبتكر لتوفير فرص أفضل لتطوير واستيعاب الطلاب الموهوبين والأكاديميين. والعنصر الثالث ويعرف بالأنشطة البحثية والتى توصف بأنها متعددة التخصصات، وفقًا للمبادئ التوجيهية العامة لجامعة الجيل الثالث، حيث إنها تؤدى دورًا مهمًّا فى علاقة العلم بالمؤسسة التجارية بغرض تطوير تكنولوجيات مبتكرة.

خلاصة القول ومن أجل الانتقال إلى جامعة الجيل الثالث توجَّب الأخذ بعدد من الاستراتيجيات مثل الحد من البيروقراطية والخصخصة وتقليص الهرم الإدارى وبناء الثقافة وإنشاء نظام مكافئ مناسب، وأخذ نموذج من الأشخاص الناجحين، وزيادة الأنشطة التكميلية وغير الدراسية، وخلق وتشجيع الطلاب النشطين وروابط الخريجين، وزيادة وتصميم مقررات التعليم المستمر، وتغيير أساليب التعليم والمحتوى التعليمى، وزيادة ورش العمل والتعليم غير الرسمى، وتطوير الاقتصاد القائم على المعرفة، وزيادة أنشطة البحث والتطوير.

* أستاذ بعلوم القاهرة

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية