x

صبري غنيم محبوبتى «آخر ساعة» فى زمن هيكل! صبري غنيم الخميس 01-10-2020 01:01


أعترف بأنه كلما دخلت «آخر ساعة» فى عصر جديد، أو عُين لها رئيس للتحرير شعرت بحنين الطفل إلى أمه، لأنها كانت أمى فى بداية مشوارى الصحفى، يوم أن التحقت للعمل بها وأنا فى الدراسة، وكان رئيس تحريرها فى ذاك الوقت العلامة والكاتب السياسى الكبير المرحوم الأستاذ محمد حسنين هيكل، دخلت عليه مكتبه فى شهر أكتوبر عام ١٩٥٦ وكانت فى يده لوحة فنية تحمل صورة «محارب»، فهمت منه أنها غلاف المجلة للعدد القادم، حيث كانت اللوحة تحمل عنوان «حنحارب»، بريشة الفنان المرحوم منير كنعان، وكانت مصر فى ذاك الوقت تتعرض للعدوان الثلاثى، ويلتفت لى الأستاذ هيكل مرحبًا بى، ثم يرفع سماعة التليفون ويستدعى واحدًا من كبار الصحفيين، عرفت أنه الأستاذ صلاح جلال نائب رئيس التحرير والمسؤول عن المحررين الجدد، أفهمنى أننى سأبقى معه ستة أشهر ثم أدخل اختبارا إن وفقت فيه سأبقى معهم، كان الرجل مهذبًا لدرجة أنه حببنى فى العمل معه، كان معى فى صالة التحرير المرحوم حمدى قنديل والدكتور على الجنجيهى والمرحوم طارق فودة، وحذرونى من المرور أمام غرفة الكبار، صلاح جلال وفتحية بهيج، ووجدى قنديل وجميل عارف وصلاح منتصر.. الوحيد الذى كان متعاطفًا معنا هو صلاح منتصر، أما الباقون فكانوا يلقبوننا بأصحاب البناطيل الشورت، ويرفضون انضمامنا إلى اجتماعات الأستاذ هيكل.. ونجح صلاح جلال فى أن يضمنا إلى الاجتماع الأسبوعى.

- أذكر أننى كلفت بالسفر إلى بورسعيد لعمل لقاءات مع السكان الذين تعرضت بيوتهم للعدوان الثلاثى. وعدت ومعى حصيلة ثقيلة من الحكايات فطلب منى الأستاذ هيكل أن أجلس مع الأستاذ جليل البندارى وكان وقتها مسؤولا عن الفن، تساءلت بين نفسى..هذه قصص إنسانية، ما علاقتها بكاتب فن، وإذا بالأستاذ جليل البندارى يتفوق على نفسه بأسلوب رائع فى الصياغة.

- بعد رحلتى إلى بورسعيد بشهور سافرت فى جولة بدأتها بالشرقية، وفى مركز مشتول السوق استقر بنا الحال أنا وزميلى المرحوم المصور محمد رشوان والذى استشهد مع شهيد الوطن الرئيس أنور السادات فى حادث المنصة حيث صار رشوان مصوره الخاص، وقررنا أن نفاجئ الوحدة الصحية ليلا وكيف يعامل مريض نصف الليل، وأثناء جلوسنا انقطع التيار الكهربائى ولم تمض دقائق حتى دخلت مجموعة تحمل سيدة «حامل» وفى الطلق الأخير، حاولوا تشغيل المولد الكهربائى فكان معطلًا، طبيب أمراض النساء كان يرافق الحالة، ودخلوا غرفة العمليات على ضوء «لمبة جاز» وصراخ وصيحات، وإذا بالطبيب يقرر إجراء العملية لتدهور النبض وأجراها على لمبة الجاز، وطبعا كانت هدية لمصورنا رشوان على طبق من ذهب، نزل هات يا تصوير، ونزل المولود، وانطلقت الزغاريد.

- عدنا للقاهرة وفى اليوم التالى انتظرت الأستاذ هيكل شخصيا وقبل أن يدخل مكتبه رويت له الحكاية، فطلب منى أن أذهب بالصور إلى وزير الصحة وأطلب منه أن يكتب تعليقا على كل صورة، من حسن حظى أن علاقتى بالمرحوم الوزير الدكتور نور الدين طراف كانت جيدة، طرقت باب مكتبه، وفهم الحكاية وكتب لى تعليقًا على كل صورة ثم طلب تحقيقا عن الواقعة، تركته وذهبت للأستاذ هيكل فأمر بنشر صورة على الغلاف وخصص خمس صفحات، تحت عنوان أول عملية جراحية تحت لمبة جاز.. وزير الصحة يكتب التعليق.. وحصلت يومها على مكافأة خمسة جنيهات فكانت أكبر من مكافأتى الشهرية حيث كنت أتقاضى ثلاثة جنيهات فى الشهر.

- أحكى هذه الصفحة من مذكراتى لأننى فى تهنئتى للزميل الأستاذ عصام السباعى بمناسبة تعيينه رئيسا لتحرير آخرساعة، طالبته بأن يعيد إلينا الزمن الجميل وتعود معه «آخر ساعة» بنكهة صحفية تختلف عن صحافة اليوم، متمنيًا له التوفيق.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية