العالم الأستاذ الدكتور محمد على الداروتى، أستاذ الأمراض الجلدية بكلية طب قصر العينى.. معروف عنه جانب أنه عالم، فهو صاحب موسوعة علمية دينية ثقافية.. فتارة يأخذنا فى رحلة علمية نتعرف خلالها على مراحل مخ الإنسان، من بدايته حتى اكتماله، وفى أى مرحلة سنية يصبح فيها مخ الإنسان فى كامل نضجه، ثم يحدثنا عن «نوم القيلولة» التى هى من السنن النبوية، وللأسف فى عصرنا هذا أهملناها مع مشاغل الحياة، مع أن القيلولة لها فوائدها فى تحصين الإنسان من الإصابة بأمراض القلب.
■ ويؤكد عالمنا أن القيلولة مفيدة للجسم، وهى عادة تبدأ بأربع أو خمس دقائق لأربعين دقيقة أو تسعين، ووفقا لتجارب وكالة «ناسا الفضائية» تم إحضار مجموعة من البشر نامت هذه المجموعة أربعين دقيقة، وفى نفس الوقت أتوا بمجموعة مماثلة فى العدد وأبقوا عليهم نفس المدة مستيقظين، فقد لاحظوا أن المجموعة التى نامت قوة الأداء عندهم زادت بنسبة ٣٥٪، وأن الذاكرة عندهم تحسنت ١٠٠٪.. معنى الكلام أن القيلولة تجعل أداء الفرد أفضل، وتمنحه ذاكرة قوية والقدرة على الابتكار، وتقلل من التوتر والضغط وتجعل الشخص فى حالة انتعاش وكأنه بادئ يوما جديدا.
■ وعن ضوابط القيلولة.. يقول الدكتور الداروتى: يجب ألا تكون القيلولة بعد الساعة الثالثة، ومن الأفضل أن تكون بين الثانية والثالثة، ولابد أن يكون الشخص فى غرفة هادئة وبجواره منبه حتى لا تزيد مدتها على ٩٠ دقيقة.. ويقول إنه مجرد أن ينام الفرد ويأخذ غفلته، فقد حقق نصيبًا أكبر من الراحة.. وعن فوائد القيلولة استشهد بحال المسلمين فى عصر الرسول، صلى الله عليه وسلم، وفى معركة بدر «كان الجنود متوترين ومرهقين وبعد القيلولة أصبحوا أكثر كفاءة وقدرة على الحرب.. وهذه دلالة على صحة الدراسات العلمية التى أكدت أن للقيلولة فوائد صحية ونفسية يجنيها الإنسان، كما أن القيلولة تُحد من احتمال الوفاة بسبب أمراض القلب، لأنها تخفف من التوتر المعروف بمرض العصر».
■ وهنا يؤكد العالم الدكتور محمد على الداروتى أن معظم المشاهير، وعلى رأسهم أينشتاين كان يلتزم بالقيلولة.. والرئيس الأمريكى بيل كلينتون الذى قضى فترتين فى رئاسة أمريكا كانت القيلولة أو الغفوة جزءًا فى حياته يوميًا ليجدد نشاطه فى مكتبه.
■ ويحدد الدكتور الداروتى أفضل ساعة للنوم، فيرى أن العاشرة مساء هى أفضل توقيت، لأن الساعة البيولوجية مرتبطة بجسم الإنسان، وبالتالى الجسم يعدل نفسه طبقًا للساعة، وفى العاشرة مساء يبدأ هرمون «الميلاتونين»، وعند خفض الإضاءة تقوم شبكة العين بتوصيل إشارات للجهاز العصبى لتنتج الميلاتونين، على اعتبار أنه المسؤول عن النعاس.
■ وفى الدراسات التى تناولها عالمنا الدكتور الداروتى كشف فى جزء منها عن شخصيات تاريخية بارزة وأخرى معاصرة تفهمت قيمة القيلولة، فجعلت منها برنامجًا ثابتًا فى حياتها اليومية.. ومن هذه الشخصيات محمد على كلاى، بطل العالم فى الملاكمة، حيث كان حريصًا على الحصول على قيلولة قبل أى مباراة له.. ومع ذلك لم يفوت نصف ساعة من قيلولة الظهر قبل المعركة وأثناءها.. الرئيس جون كينيدى كان مؤمنًا بضرورة قيلولة الظهر، وكانت تنضم له زوجته جاكلين، وكانت قيلولتها تستمر ساعتين ونصف الساعة يوميًا.. أما رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل فكانت سعادته تنحصر فى ٢٠ دقيقة يحصل بها على قيلولته وكان يراها كافية لتجديد جميع القوى الحيوية.. أما مارجريت تاتشر التى كان يطلق عليها المرأة الحديدية فى إنجلترا، فكانت تنام ٤ ساعات فى اليوم، وكانت تعوض ذلك النقص فتحصل على قيلولة فى سيارتها الرسمية خلال ساعات النهار.