x

الأزمة لم تبلغ ذروتها بعد.. التجاذب «الأمريكي- الإيراني» يدفع لبنان إلى الهاوية (تقرير)

الثلاثاء 22-09-2020 21:24 | كتب: إنجي عبد الوهاب |
أرشيفية أرشيفية تصوير : آخرون

مناخ سياسي وأمني لا يسمح بمزيد من التوترات، وشارع رافض لنظام سياسي يصفه بالطائفي المهترئ، وانفجار مرفأ حيوي أدى إلى تفاقم وضع لبنان الاقتصادي المأزوم بطبيعة الحال، وصولًا لجمود المفاوضات حول حكومة كان يؤمل تشكيلها بوساطة فرنسية قبل أسبوع، وغياب الآمال حول تبديد العراقيل التي تحول دون ولادتها في ضوء تعنت الطوائف حول الوزارات السيادية، كل هذا وأكثر يدفع لبنان نحو «جهنم» التي تحدث عنها الرئيس اللبناني ميشال عون، الاثنين، منتقدًا الثنائي الشيعي «حزب الله وحركة أمل» من جانب، ورئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة، مصطفى أديب، من جانب آخر.

«رايحين ع جنهم»، هكذا حذر الرئيس اللبناني، ميشال عون، خلال مؤتمر صحفي عقد الإثنين، من أن لبنان تتجه نحو جهنم، في حال عدم توافق القوى السياسية على تشكيل حكومة، لا يلوح في الأفق أي حلول نهائية لتبديد العراقيل التي تحول دون ولادتها، رغم التدخل الفرنسي بقيادة ماكرون.

حديث عون عن «جهنم» لم يمر؛ بل دفع بعض اللبنانيين لتوجيه أصابع الاتهام له كشريك في نظام دفع بلبنان نحو الهاوية، من خلال تغريداتهم التي وصفت النظام بالطائفي والمهترئ، عبر وسم #رايحين_عجهنم، الذي تصدر موقع التواصل الاجتماعي تويتر، أمس واليوم.

وتعهّدت القوى السياسية، وفق ما أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في ختام زيارته إلى بيروت مطلع الشهر الحالي، بتشكيل «حكومة بمهمة محددة» مؤلفة «من مجموعة مستقلة» وتحظى بدعم الأطراف السياسية كافة في مهلة أقصاها أسبوعين، لكن مساعي تشكيلها تبددت على إثر إصرار الثنائي الشيعي ممثلاً بحزب الله، وحليفته حركة أمل بزعامة رئيس البرلمان نبيه بري، على تسمية وزرائهم والتمسّك بحقيبة المالية، الأمر الذي تعارضه أطراف أخرى، أبرزها زعيم تيار المستقبل سعد الحريري.

هنا تستطلع «المصري اليوم» آراء مجموعة من المحللين السياسيين اللبنانيين حول من يذهب بلبنان إلى جهنم ومن يقودها إلى الانزلاق السريع إلى الهاوية، وهل تقتصر الأزمة اللبنانية على تعذرالمفاوضات وتعنت الطوائف حول الوزارات السيادية بالحكومة المرتقبة، هل ستنتهي أزمة لبنان بدفع الجانب الفرنسي نحو تشكيل الحكومة، أم أنها ستزداد تعقيدًا طالما أنها مرتبطة بأطراف خارجية تتنازع على بسط سيادتها في منطقة الشرق الأوسط عبر العزف على وتر الطائفية بالداخل اللبناني.

«عرف طائفي لتقاسم السلطة».. ما الجديد؟!

وفق الدكتور على مراد، المحلل السياسي وأستاذ القانون العام بجامعة بيروت، «جرى العرف أن يتم تقاسم السلطة التنفيذية في لبنان وفق الخريطة الطائفية موزعة على أربع طوائف كبرى؛ إذ يتم تقاسم الوزارات السيادية الأربعة (الخارجية والداخلية، والمالية، الدفاع) على الطوائف الأربعة الكبرى (السنية والشيعية والمارونية، والروم الأرثوذكسية)؛ وبالتالي عرضت المبادرة الفرنسية أن تتناوب الطوائف الأربعة على تلك الوزارات. لكن الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) تمسكا بوزارة المالية، فيما يعرف بـ«طرح المثالثة»_أي عملية تكريس وزارة المالية كثالث جهة سيادية، لصالح الطائفة الشيعية، كما اعتبرت الطائفة المسيحية هذا الطرح أكبر تهديد لدورها وتأثيرها في اللعبة السياسية وفي بنية وتركيبة النظام اللبناني»، ويضيف أن الجديد هو أن اللاعب الدولي يدفع في اتجاه تفاقم الأزمة؛ فالمبادرة الفرنسية تتلقى طعنات عدة، جراء الضغوط الأمريكية واللامبالاة السعودية بشأن الإفراج عن إمكانية مساعدة لبنان اقتصاديًا؛ ولكون ذلك مرهونًا بالضغط على حزب الله للخروج من اللعبة السياسية، وهو أمر يصعب تنفيذه على أرض الواقع.

في السياق ذاته، يرى المحلل السياسي اللبناني، منير الربيع، أن الانقسام السياسي الحالي مدفوع بالتجاذب الإيراني الأمريكي في الداخل اللبناني، مضيفًا أن تشدد حزب الله وتمسكه بطرح المثالثة من جانب، مع تمسك أمريكا برفض تقديم أي مساعدات اقتصادية للجانب اللبناني طالما لا يزال حزب الله موجودا في السلطة من جانب آخر، هما عاملان يحولان دون إنهاء الأزمة.

المبادرة الفرنسية تترنح!

ويرجح الكاتب والمحلل السياسي اللبناني، أمين قمورية، أن المبادرة الفرنسية لتشكيل الحكومة تترنح؛ جراء الضربات المتلاحقة لها على الصعيدين الخارجي والمحلي، مضيفًا أنها حتى وإن مرت بتشكيل الحكومة فلن تأتي بحل نهائي للأزمة اللبنانية، بل قد تدفع نحو كبح الانزلاق السريع بلبنان إلى الهاوية.

ويضيف أن النظام الطائفي المهترئ بلبنان جعل منه جسدًا برؤوس عديدة لا يمكن أن تتفاهم إلا بإدارة خارجية، إذ أدخل هذا النظام لبنان إلى نفق مظلم؛ جراء تراكم الأزمات السياسية والبنيوية والمالية والاقتصادية التي قد تقود البلاد إلى الانهيار الكامل.

صراع نفوذ خارجي تقوده الطوائف السياسية داخليًا!

ويؤكد «قمورية» أن الأزمة اللبنانية الحالية أعمق من كونها أزمة تشكيل حكومة، فعلى الصعيد الخارجي يفاقمها الصراع الأمريكي الإيراني على بسط النفوذ في الشرق الأوسط؛ إذ تسعى الولايات المتحدة، اللاعب الدولي الأكبرفي منطقة الشرق الأوسط، لإخراج حزب الله، اللاعب المحلي الأقوى، من اللعبة السياسية في لبنان وهو أمر يصعب تحقيقه، بينما تتمسك إيران بأوراق قوتها في لبنان على الجانب الآخر.

أما محليًا، فيخشى الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) من الانقضاض على موقعه المحلي بعدما أعطته الانتخابات النيابية الأخيرة الغالبية؛ إذ يعني تمسكهم بوزارة المالية التي تمثل التوقيع الثالث في السلطة التنفيذية في لبنان إشارة واضحة إلى أن هذا الثنائي يريد عقدا سياسيا يضمن للطائفة الشيعية موقعا فاعلا في السلطة التنفيذية يتناسب مع حجمها العددي ودورها السياسي.

اللبنانيون هم من سيدفعون الثمن!

وأشار «قمورية» إلى أن السياسات غير الوطنية من قبل الطوائف السياسية كافة ستدفع بلبنان نحو الهاوية؛ لكون كل فصيل يسعى للاحتفاظ بأوراقه الخارجية، فالأطراف جميعها تنتظر الانتخابات الأمريكية التي تعد الفيصل الذي سيحدد مسار الأمور في لبنان؛ فإما تسوية كبرى أو صدام كبير.

ويضيف: «اللبنانيون هم من سيدفعون الثمن الباهظ لكل هذه السياسات غير الوطنية؛ لكون القوى السياسية الحالية جعلت مصير لبنان مرهونًا بخيط خارجي لا أحد يدري متى نهايته».

مزيد من التوترات الاقتصادية والأمنية!

فيما يرجح الدكتور على مراد، أستاذ القانون بجامعة بيروت، والمحلل السياسي اللبناني، أن لبنان لا يتجه نحو الخروج من الأزمة؛ فما يحول دون تشكيل هذه الحكومة هو غياب أفق للحل الحقيق الذي يسمح للجميع بتقديم تنازلات كبيرة، كما أنه لا يلوح في الأفق أن فرنسا أقنعت الجانب الأمريكي ودول الخليج بالإفراج عن الواقع المالي الصعب للبنان وإنقاذها ماليًا، مضيفًا أن لبنان ستشهد المزيد من التوترات الأمنية والاقتصادية.

الأسوأ لم يأتِ بعد!

ويؤكد المحلل الاقتصادي اللبناني، جهاد الحكيم، أنه على الرغم من وجود لبنان في خضم الانهيار الاقتصادي، إلا أن الأسوأ لم يأت بعد؛ إذ يتوقع أن يتقلص إجمالي الناتج المحلي بنسبة 45% بنهاية 2020، كما سيطال الفقر 55% من اللبنانيين، وستتجاوز البطالة 60%، في ظل غياب أي بوادر للحد من سرعة انزلاق لبنان إلى الانهيار الكامل.

ويقول إن تلك القوى غير الوطنية لا تُلقي بالًا للوضع الاقتصادي للبلاد، ولا للركود التضخمي الذي يزداد بحدة، وصولًا لاتجاه لبنان نحو حالة الكساد؛ في ظل شح الأدوية والمستلزمات الطبية، وارتفاع الأسعار على وقع انخفاض الليرة أمام الدولار، وإقفال المحال والشركات أبوابها وتسريح العمال والموظفين.

لا حل إلا بانتهاء التجاذب الأمريكي الإيراني!

يؤكد الدكتور على مراد أن لبنان يمر بعنق زجاجة، فحتى تشكيل الحكومة ليس حلا؛ لكون السلطة الحالية مرفوضة شعبيًا وعاجزة عن العودة للحكم.

ويذهب المحلل السياسي اللبناني، منير الربيع، إلى أنه لا حل لأزمة لبنان قبل انتهاء التجاذب الإيراني الأمريكي بها، فتصارع الطرفين على فرض نفوذهما في منطقة الشرق الأوسط عبر لبنان ذهب بها إلى «جهنم».

خمسة ملفات شائكة!

يشير الربيع إلى أن إنهاء الأزمة اللبنانية مرهون بذهاب الطرفين الأمريكي والإيراني للتفاوض حول خمسة ملفات شائكة تتعلق بمنطقة الشرق الأوسط، وهي ترسيم الحدود الجنوبية للبنان مع الجانب الفلسطيني، والذي سينعكس على التنقيب عن النفط في تلك المنطقة، ووضع سلاح حزب الله على طاولة التفاوض، وضبط المعابر من وإلى لبنان وسوريا، ومراقبة المرافق العامة، وأيضًا المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وهي أمور لن تحدث قبل أن يجلس الطرفان الأمريكي والإيراني على طاولة التفاوض، ما ينذر بأن لبنان ينتظرها المزيد من التوتر.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية