أظهرت الولايات المتحدة وروسيا انخراطا في الاضطرابات اللبنانية المناهضة للحكومة التي دخلت أسبوعها السابع، واقترحت الدولتان العظمتان مخارج مختلفة من الأزمة بدوافع مختلفة.
وفي بداية تطورات احتجاجات لبنان، أبدت الولايات المتحدة ترددها في الخطاب الحكومي الذي ألقاه رئيس الوزراء وقتها سعد الحريري حول خطة الإصلاحات ردًا على اندلاع الاحتجاجات. وفي الوقت نفسه أبدت واشنطن دعمًا كاملاً لمطالب المتظاهرين، قائلة إن اللبنانيين هم وحدهم الطرف الذي يمكن أن يقرر «موافقته على الإصلاحات» وفقًا لتعليق مساعد وزير شؤون الشرق الأدنى بوزارة الخارجية الأمريكية ديفيد شينكر.
ومرة أخرى كرر وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، الجمعة 22 نوفمبر، تأييده «للمظاهرات السلمية للشعب اللبناني اليت تطالب بالإصلاح ووضع حد للفساد»، وأعلن استعداده للعمل مع «حكومة جديدة»، وهو اقتراح لا يشبه إلى حد كبير الاقتراح الروسي.
وللمرة الأولى وبعد ترقب طويل المدى وملاحظة صامتة للوضع في بيروت، أوضحت روسيا وجهة نظرها حول الوضع اللبناني وذلك من خلال الإشادة بجهود رئيس الوزراء المؤقت سعد الحريري، و«تشكيل الحكومة الجديدة قريبًا جدًا» بناءً على الإجماع الوطني«وذلك وفقًا لتعليقات نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوجدانوف الجمعة 22 نوفمبر في اجتماع مع الممثل الشخصي لرئيس الوزراء بالنيابة جورج شعبان.
ولم يبد الروس أي اهتمام من قبل بالشؤون اللبنانية لكن الوضع في سوريا يتطلب ضمانًا واستقرارًا في جارتها، لبنان.
وتاريخياً، طورت روسيا علاقات جيدة مع الرئيس اللبناني، ميشال عون، ونظرا لذلك بدت وكأنها تعارض الثورة اللبنانية وتدعم حلاً يقوم على «الإجماع الوطني» وفقاً لبوغدانوف.
ورغم عدم اقتراح خارطة طريق من جانبها، يبدو أن روسيا منفتحة على اتخاذ خطوات لدعم الأمن والاستقرار في لبنان، خاصة مع وجود تكهنات كثيرة بأن الحريري سيكون مرشحًا لمنصب رئيس مجلس الوزراء بعد استقالته الشهر الماضي ردًا على مطالب الاحتجاجات.
كرد فعل على الموقف الأمريكي، قيمت روسيا دور واشنطن في لبنان واعتبرت أنه «مزعج»، وفقًا للسفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبيكين.
وانتقد زاسيبكين الولايات المتحدة، قائلاً: «ما نراه في لبنان اليوم هو دور واشنطن الهش في البلاد وليس أكثر من ذلك»، حسب ما قالته النشرة وهي صحيفة لبنانية مستقلة على الإنترنت في 23 نوفمبر.
ورد الفعل العام من موسكو يؤكد أنها لن تترك لبنان ولن تضعها خارج حساباتها وقد يظل موقفها على خلاف مع الحسابات الأمريكية.
ورفض زاسيبكين قرار الولايات المتحدة بحظر المساعدات العسكرية للبنان، قائلا «العقوبات على حزب الله ستؤثر على جميع الجوانب المالية والاقتصادية والاجتماعية في لبنان».
وأضاف «الحريري له علاقات جيدة مع روسيا. وهو الأنسب للبنان ونحن نعتبر دوره إيجابيا إذا استمر في هذا المنصب».
على الجانب الآخر، من المتوقع أن تصريحات التحذير إلى ألقاها جوفري فيلتمان، سفير الولايات المتحدة السابق والأكثر شهرة في لبنان، أمام الكونجرس، بشأن روسيا ملأت الفراغ الذي خلفته الولايات المتحدة في لبنان، وفقًا لشهادته أمام اللجنة الفرعية لمجلس النواب حول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والإرهاب الدولي.
ولدى روسيا بالفعل فرصة لوجود قوي في لبنان من خلال صفقة الطاقة مع شركة النفط Roseneft المملوكة للدولة لترقية وتشغيل منشآت التخزين في مدينة طرابلس الشمالية. وتتبع روزنفت عن كثب المصالح الجيوسياسية لموسكو كشركة يسيطر عليها الكرملين، وفقًا لوكالة فرانس برس.
ورغم أن الولايات المتحدة لها وزن كبير في لبنان من خلال دعم الجيش ضد تهديد حزب الله، فمع ذلك يبدو أن تأثيرها يتلاشى بعد كبح المساعدات العسكرية.