x

د. ياسر عبد العزيز ثلاث معلومات عن الانتخابات الأمريكية د. ياسر عبد العزيز الأحد 30-08-2020 00:25


يوم الخميس الماضى، كان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب يتحدث إلى تجمع من مؤيديه فى حديقة البيت الأبيض حين أعلن قبوله رسميًّا ترشيح الحزب الجمهورى له لخوض انتخابات الرئاسة الخمسين المقرر إجراؤها فى شهر نوفمبر المقبل؛ وهى انتخابات سيكون لها أثر بالغ ليس على الولايات المتحدة فقط ولكن على العالم أجمع. تشير استطلاعات الرأى الرائجة بخصوص الاستحقاق الانتخابى الأهم عالميًّا إلى تقدم واضح للمرشح الديمقراطى جو بايدن، وتوضح أن هذا التقدم يراوح ما بين 4 و7.4 نقطة؛ وهى نسبة كبيرة نسبيًّا وكافية لإعطاء الانطباع بترجيح كفته على حساب الرئيس المثير للجدل والانتقاد. ليس هذا فقط، لكن معظم وسائل الإعلام الرئيسة الأمريكية تواصل مسلسل الهجوم بحق ترامب، وهى تستخدم الكثير من الهنات والسقطات التى يدمن الرئيس الوقوع فيها من أجل تسليط الضوء على «تدنى كفاءته» و«اختلال موقفه» إزاء القيم التى تعلن الولايات المتحدة تبنيها، سواء على صعيد الديمقراطية أو حقوق الإنسان أو الموقف من العالم كما تحدده السياسة الخارجية وتديره دبلوماسية البلاد.

كان ترامب أعلن بوضوح وفى وقت مبكر جدًّا أن وسائل الإعلام الجماهيرية فى بلاده لا تتعامل معه بنزاهة، واتهمها مباشرة بأنها تشن حربًا ضده، بل دخل فى صراعات عنيفة، تردد صداها عاليًا حول العالم، مع صحفيين وإعلاميين بارزين، ووجه شتائم مهينة مباشرة بحق بعض أهم وسائل الإعلام الأمريكية، وهو أيضًا طعن بشدة فى نتائج استطلاعات الرأى، خصوصًا فى أوج منافسته مع هيلارى كلينتون على الرئاسة فى العام 2016. ولأنه وجد أن المجال الإعلامى التقليدى لا يحقق له أهدافه، ويتحول رويدًا رويدًا إلى «بيئة معادية» بحسب وصفه، فقد ركز استراتيجيته الإعلامية على وسائط التواصل الاجتماعى منذ أطل على المسرح السياسى عشية الانتخابات السابقة، بل إنه أكد لاحقًا أنه «لولا (تويتر) ما أصبحت رئيسًا»، قبل أن يتهمه أيضًا بالانحياز ضده. لا تقتصر آثار هذه الصدامات بين ترامب والمنصات الإعلامية التقليدية والجديدة على ما تخلفه من تشوش على الناخبين داخل الولايات المتحدة، لكنها تمتد أيضًا لتلقى بظلال من الارتباك والغموض على رؤية المتابعين للاستحقاق الانتخابى المهم حول العالم.

ووسط هذا التشوش والارتباك، تسود انطباعات خاطئة أحيانًا وتصدر أحكام متسرعة أحيانًا أخرى بخصوص هذا الصراع السياسى الذى يجرى بعيدًا خلف المحيط الأطلسى لكنه يؤثر تأثيرًا مباشرًا فى كافة قضايا منطقتنا الحيوية كما تمتد آثاره بطبيعة الحال إلى مختلف أركان العالم. ثمة ثلاث معلومات تبدو غائبة عن البعض فى خضم تحليل المشهد الانتخابى الأمريكى وتفاصيله المتصلة بحظوظ الفوز، ومعدلات الشعبية، والمواقف الإعلامية، ومدى موثوقية استطلاعات الرأى.

أولى هذه المعلومات تتعلق بأن قطاعًا مهمًّا من وسائل الإعلام الأمريكية الرئيسة تعمل ضد ترامب بشكل منهجى، وأنها فى عملها المنحاز ذلك تحرف اتجاه جمهورها حيال الحظوظ الحقيقية للأطراف على الأرض، وقد كان ذلك واضحًا فى انتخابات 2016. وثانية تلك المعلومات تتصل بأن ترامب، الذى يدير الولايات المتحدة ومصالحها حول العالم بنوبات الغضب والمواجهات الحادة والأساليب الصادمة وغير المحسوبة أحيانًا، يتمتع بشعبية واضحة، ولديه مخزن موالاة، خصوصًا فى الوسط والغرب الأوسط والجنوب.

أما ثالثة هذه المعلومات، للأسف الشديد، فتتصل بأن معظم السمات السلبية الرائجة عن ترامب وسياساته، والتى تعطى الإعلام المناوئ له معظم أسباب مهاجمته، وتمنح نقاده ذرائع وجيهة لمناهضته، هى نفسها سبب تمسك قطاعات مؤثرة من الجمهور الأمريكى به، وهى نفسها التى ستُصلّب حظوظه فى المنافسة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية