x

د. ياسر عبد العزيز الإعلام.. وانتخابات «الشيوخ» د. ياسر عبد العزيز الأحد 09-08-2020 02:20


يبدأ اليوم تصويت المصريين في الخارج لاختيار أعضاء «مجلس الشيوخ»، الذين سيتم الاقتراع لانتخابهم بالداخل يومى الثلاثاء والأربعاء المقبلين؛ ومع ذلك فإن العملية الانتخابية لم تشهد الزخم المطلوب، ولم تنتج حواراً سياسياً لافتاً؛ وهو أمر يفتح الباب لإثارة الأسئلة عن دور الإعلام في مواكبة هذه الانتخابات.

تمثل التغطية الإعلامية المواكبة للعملية الانتخابية تحدياً كبيراً في حد ذاتها؛ ليس فقط لكونها نشاطاً اتصالياً رائجاً وفعالاً، ولكن أيضاً لأن قدراً كبيراً من قدرة الناخبين على الوصول إلى القرارات التصويتية الصائبة يتعلق بالتغطية الإعلامية النزيهة والاحترافية.

يتفق عدد كبير من باحثى وخبراء الإعلام على أن التغطية الإعلامية للعمليات السياسية والاجتماعية المختلفة تلعب دوراً كبيراً في تشكيل اتجاهات الجمهور تجاه تلك العمليات، بشكل ربما يفوق تأثير بعض المؤثرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الحيوية الأخرى.

كما أظهر العديد من البحوث أن النسبة الأكبر من الجمهور تستقى معلوماتها في شأن العمليات الانتخابية من الإعلام بالدرجة الأولى، وهو الأمر الذي يزيد من أهمية التغطية الإعلامية لتلك العمليات، ويضع تأثيرها في مرتبة متقدمة بين العديد من العناصر المؤثرة الأخرى.

وفى هذا الصدد يؤكد عدد من الدراسات العلمية الموثوقة أن «التغطية الخبرية للعمليات الاجتماعية والسياسية المختلفة تؤثر في اتجاهات الجمهور بشكل يقوده إلى اتخاذ قرارات ودعم أو رفض سياسات بعينها».

والواقع أن قيام بعض وسائل الإعلام بدعم أحزاب ومرشحين معينين في الانتخابات يحدث في مختلف دول العالم، لكن الخطر الكبير ينشأ عادة حين يتم حرف التغطية الخبرية من أجل هذا الدعم.


.. فالتغطية الخبرية لأى وسيلة إعلامية ذات كفاءة واحترافية يجب أن تتجرد من الرأى، وتراعى معايير الحياد والتوازن والموضوعية.

يمكن تفهم أن يكون لأى وسيلة إعلام خاصة موقف داعم لمرشحين أو أحزاب معينة في أي انتخابات سياسية أو غير سياسية، لكن تسخير الأخبار لخدمة هذا الموقف عبر تلوينها وحرفها وتشويه ما تحمله من إفادات يظل عملاً غير مقبول.

لقد سمعنا عن أدوار تقوم بها بعض الهيئات والمنظمات ذات الصلة بالعملية الانتخابية والتغطية الإعلامية المتعلقة بها؛ وهى أدوار تتضمن أنماطاً من المتابعة للأداء الصحفى والإعلامى المواكب للعملية الانتخابية، وهو أمر مهم وحيوى. وعلى المجتمع المدنى والجمهور أيضاً أن يبذلا جهدا منتظماً في مراقبة أي تجاوزات للضوابط المنصوص عليها في التغطية الإعلامية للعملية الانتخابية، خصوصاً أن وسائل التواصل الاجتماعى توفر مجالاً رحباً للنشر والتوثيق في حال وجود أي مخالفة.

لن تكتمل نزاهة العمليات الانتخابية ولن تتحقق نجاعتها إلا بضبط التغطية الإعلامية المصاحبة لها؛ وهو أمر يستلزم خلق أطر تنظيم وتقويم للأداء الإعلامى، تتضمن وضع أكواد مهنية ملزمة، وعمليات تدريب وتأهيل مستمرة، وآلية للرصد والفحص وتوجيه المخطئين، وأحياناً مساءلتهم، بما يضمن للتغطية الإعلامية حريتها، ويحمى العمليات الانتخابية من انفلاتاتها.

بسبب تداعيات «كورونا» تركز الجهد الدعائى لعدد كبير من المرشحين على وسائل التواصل الاجتماعى، وهو أمر يستدعى جهوداً لضبط الممارسات الدعائية عبر تلك الوسائل وضمان عدم خرقها للشروط والقواعد المرعية.

سيكون من الصعب إيجاد المحك الملائم لمساءلة وسائل الإعلام المختلفة عن التزامها الحياد والموضوعية في مواكبتها للعملية الانتخابية، والسبب في هذا يكمن في غياب الجدل السياسى الذي يفترض أن يصاحب العمليات الانتخابية.

لم تبلور الأحزاب المنخرطة في هذه الانتخابات خطاباً سياسياً متكاملاً وواضحاً، وانهمك معظمها في أنشطة الترويج التي تنطلق من عبارات عامة وشعارات لا تنفذ إلى الموضوع، وهو أمر عمق هشاشة التغطيات الإعلامية.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية