x

حنان مفيد فوزي السلام لكِ يا مريم حنان مفيد فوزي الجمعة 14-08-2020 01:11


ربما لا يعرف الكثيرون حكاية صوم السيدة العذراء مريم كلية الطهارة، والذى يوافق منتصف شهر أغسطس من كل عام، وتكريمًا لقداستها سأروى لكم القصة، عَلّنا نتبارك بها جميعاً. لقد انتقلت القديسة مريم إلى مجد السماء حين بلغت 58 عاماً و8 شهور و16 يوماً، وذلك بعد أقل من 15 عاماً لقيامة السيد المسيح له المجد، عندما أرسل لها ملاكاً يحمل إليها خبر انتقالها، ووقتها فرحت كثيراً وطلبت أن يجتمع إليها تلاميذ السيد المسيح الـ 12>

وبالفعل أمر السيد المسيح له المجد أن يجتمع الرسل من كل أنحاء العالم حيث كانوا متفرقين يكرزون بالإنجيل، وأن يذهبوا إلى الجثمانية حيث كانت العذراء موجودة، وبمعجزة إلهية وجدوا جميعاً فى لحظة واحدة أمام السيدة العذراء فيما عدا توما الرسول الذى كان يكرز فى الهند، وكان عدم حضوره مترتباً لحكمة إلهية، وفرحت العذراء بحضور الرسل، وقالت لهم إنه قد حان زمان انتقالها من هذا العالم، وبعدما عزتهم وودعتهم، حضر إليها سيدنا يسوع المسيح مع حشد من الملائكة القديسين فأسلمت روحها الطاهرة بين يديه المقدستين ورفعها الرسل ووضعوها فى التابوت وهم يرتلون ومعهم الملائكة غير المنظورين ودفنوها فى القبر.

وإذ تجاسر أحد اليهود حسداً أن يمدّ يديه على ذلك التابوت بوقاحة، ناله فى الحال من لدن القضاء الإلهى ما كانت تستوجبه وقاحته من القصاص، فإن يديه الجريئتين قطعتا بضربة لم تُرَ. والمدهش أنه لمدة ثلاثة أيام ظل الملائكة يرتلون حول قبرها مع هبوب رائحة بخور زكية كانت تعطر المكان، حتى إن التلاميذ لم يتركوا المقام إلا بعد انقطاع صوت التسابيح ورائحة البخور، وكانت مشيئة الرب أن يرفع الجسد الطاهر إلى السماء محمولاً بواسطة الملائكة، وقد أخُفىَ عن أعين الآباء الرسل هذا الأمر ما عدا القديس توما الذى كان يبشر فى الهند ولم يكن حاضرا وقت انتقال العذراء لتحدث المعجزة وتحمله سحابة لملاقاة جسد القديسة مريم فى الهواء ويسمع بأذنه أحد الملائكة يقول له «تقدم وتبارك من جسد كلية الطُهر»، ففعل كما أمره الملاك، ثم ارتفع الجسد إلى السماء وأعادته السحابة إلى بلاد الهند ليكمل خدمته وكرازته هناك، وتصور توما الرسول أنه يرى حلماً، فقرر الذهاب إلى أورشليم لمقابلة باقى الرسل الذين أخبروه بنياحة العذراء، فطلب منهم أن يرى بنفسه الجسد مثلما آمن بقيامة المسيح بعد ثلاثة أيام من صلبه حين رآه رؤى العين، وبالفعل ذهبوا معه إلى القبر وكشفوا التابوت فلم يجدوا إلا الأكفان، فحزنوا جداً ظانين أن اليهود قد جاءوا وسرقوه، فطمأنهم توما قائلاً «لقد رأيت جسد العذراء الطاهرة محمولاً بين أيدى الملائكة فى اليوم الثالث من نياحتها»، وهو ذلك اليوم الذى انقطع فيه صوت تسابيح الملائكة ورائحة البخور بعد ثلاثة أيام متواصلة.

واستمر الصيام لمدة أسبوعين، وهو الصوم المعروف بصوم العذراء. وكانوا يصلون بنفس واحدة طالبين من الرب يسوع أن يمنحهم مشاهدة هذا الصعود لجسدها الطاهر إلى السماء، فحقق الرب طلبتهم وأعلمهم أن الجسد محفوظ تحت شجرة الحياة فى الفردوس الأعلى لأنه الجسد الطاهر الذى حمل كلمة الله وبشارة لمدة تسعة شهور حاملاً يسوع المسيح له المجد لا يمكن أن يبقى فى التراب ويتحلل ويكون عُرضة للفساد ومرعى للدود والحشرات، ولايزال تكريم السيد المسيح لوالدته يبدو فى قبول شفاعتها من أجلنا، قائلاً «إنى أكرم الذين يكرموننى»، ولا أحد ينكر أنه قد ظهرت من القبر الذى كانت العذراء مريم قد وضعت فيه عجائب ومعجزات كثيرة، مما أذهل اليهود الذين اجتمعوا وقرروا حرق الجسد الطاهر، ولما فتحوا القبر لم يجدوا إلا بخوراً عطراً يتصاعد منه، فأمن الكثيرون منهم وانصرف مشايخهم خائبين.

وليس هناك أجمل من أن أختم بأقوال السيدة العذراء حين بشرها الملاك غبريال فقالت: «تعظم نفسى الرب وتبتهج روحى بالله مخلصى لأنه نظر إلى اتضاع أمته فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبنى، لأن القدير صنع بى عظائم واسمه قدوس ورحمته إلى جيل الأجيال للذين يتقونه، صنع قوة بذراعه، شتت المستكبرين بفكر قلوبهم، وأنزل الأعزاء عن الكراسى ورفع المتضعين، أشبع الجياع خيرات، وصرف الأغنياء فارغين، عضد إسرائيل فتاه ليذكر رحمته كما كلم آباءنا لإبراهيم ونسله إلى الأبد».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية