x

حنان مفيد فوزي الرسالة الإنسانية حنان مفيد فوزي الجمعة 03-07-2020 01:32


بصرف النظر أننا بقينا كلنا شبه غطاسين المجارى وإحنا لابسين الكمامات، مع كامل الاحترام والتقدير لجميع أفراد هيئة الصرف الصحى، وبغض النظر أن درجة التعقيم في بيوتنا تسمح بأنه يتعمل فيها عمليات قلب مفتوح على الحوض، وعلى الرغم أننا فضلنا فترة طويلة ناخد 15 يوم حظر في 15 يوم حظر لحد ما كنا هنتعرض على النيابة لولا ربنا جل جلاله شاء الإفراج لنا، ده غير أنه من المتوقع أن توزع الحكومة جوايز مالية على اللى هيفضل متماسك ومتجوز إلى ما بعد انتهاء أزمة الكورونا، بعيداً عن كله ده، الشعب المصرى بالفعل أجدع وأنبل وأنقى مخلوقات الأرض في الداخل والخارج، وغير صحيح أنهم في الغربة جبابرة لأنهم في ضهر بعض سند ومدد في العسر قبل اليسر، والدليل هذه الرسالة التي جاءتنى من طبيب سعودى متابع لمقالاتى في (المصرى اليوم) يعمل في أحد مستشفيات الرياض، يقول على لسانه:

«جاءتنى دورية الاستقبال بمصرى مغمى عليه، فأدخلته قسم الطوارئ وقمت بعمل الإسعافات الأولية له إلى أن استقرت حالته نوعاً ما، ثم حولته إلى غرفة لتلقى علاج مكثف وغالى الثمن وأدخلت يدى في جيبه فلم أجد في محفظته سوى عشرين ريالاً فقط، وهو الذي يحتاج إلى علاج يومى يتكلف 400 ريـال لمدة لا تقل عن 48 ساعة وما قدرت أتصرف، وانتظرت حتى يستيقظ من إغمائه وأسأله إذا كان يعرف قريبا له أتصل به لجل ما يصرف له الأدوية ويقف جانبه، وصحى المريض بعد مدة وتفاجأ بأنه في المستشفى وحوله مجموعة من الأطباء، وأنا بينهم، فحاولت طمأنته أنه بخير وحكيت له كيف تم العثور عليه في حالة إغماء بأحد شوارع العاصمة إلى أن تم نقله إلى المستشفى وعمل اللازم، وأخبرته بأنى لم أجد في جيبه سوى عشرين ريـالاً والعلاج يتكلف 400 يومياً، فأخذ الروشتة ونظر لى بإيمان وثقة شديدة قائلاً: (اذهب خارج المستشفى في الشارع العام وأى مصرى يمر عليك أعطيه الروشتة وقل له عندنا في المستشفى أخوك مصرى مريض وبيستسمح إذا كان ممكنا حد يصرف له الروشتة) فأصابنى الذهول ومن بعده الفضول لمعرفة نتائج هذا النداء الإنسانى من مصرى إلى شقيقه المصرى في الغربة، وفعلاً أخذت الروشتة وذهبت إلى الشارع العام وصرت أراقب المارة وبعد دقائق رأيت شخصين تبين من كلامهما أنهما مصريان فأوقفتهما وأعدت عليهما كل ما قاله المصرى، فاستلما الروشتة منى وسألانى عن رقم الغرفة فأجبتهما وعدت إلى المستشفى وأنا على يقين أنهما لن يعودا وسوف يمزقان الورقة بعد انصرافى، وأخبرت زملائى بما حدث وضحكنا على سذاجة المصرى، واجتمعت الآراء على أنه مو معقول رجال يساعدون رجلا لا يعرفونه، وأثناء حديثنا أتى أحدهما ومعه العلاج بالكامل، ومن بعده الآخر محملاً بأكياس فواكه وخضروات وعصائر طازجة للمصرى المريض، وجلسا إلى جواره حتى أفاق وطمأناه وشجعاه على تناول الأطعمة ليسترد عافيته، وقبل أن ينصرفا وضعا شيئاً تحت الوسادة التي ينام عليها دون أن يلاحظهما أحد، وبعد قرابة ساعة دخلت أطمئن على المريض، ودفعنى الفضول لمعرفة ما الذي وضعاه تحت الوسادة، فأدخلت يدى ووجدت مبلغ 300 ريـال، ولحظتها لم أتمالك نفسى وبكيت. يا إلهى ما هذا الكرم والجود من بشر لا يعرف أحدهم الآخر!! لقد أتيا بالعلاج والغذاء وأعطياه معونة للعيش حتى يسترد قواه ودون أن يجرحا كرامته، والمريض أيضاً كان على يقين بكل ما سوف يحدث وكأنه يراه رؤى العين، وأنا لم أفعل شيئاً لوجه الله، لقد كان بإمكانى أن أصرف الروشتة على نفقتى، وأن أتنازل له عن وجبتى، وأن أضع في محفظته مبلغا دون أن يشعر، لكنى لم أفعل شيئاً من كل ما سبق، لكنى أدركت قيمة وقامة المصريين بحق، الذين هم خير أجناد الأرض وأنقى بشر الكون، عظيمة يا مصر بناسك وأهلك وكُتابك الكرام».

وأمام هذا التقدير القدير لا أملك سوى أن أقول للطبيب الكريم لك الشكر فيما قلت، ولك الثواب عما فعلت.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية