x

حنان مفيد فوزي الذين نحبهم حنان مفيد فوزي الجمعة 31-07-2020 02:56


(بنتقابل من العيد للعيد، ونتكلم من غير مواعيد، ونسكت حبة ونكمل ونعيد ونزيد لا عمر الوقت بيقَّضى ولا دق الساعة بيهدَّى، وإن حكمت مافيش تفصيلة بتعدى عشان الموجة جوانا بتتقلب على الجانبين بتلقط لحظة عايزانا نلاقيها إحنا الاتنين، فنتلاقى ونتكلم ونقعد حبة ونسَّلم ونمشى بعيد، ونرجع تانى نتقابل م العيد للعيد). هذه إحدى قصائدى العامية من ديوانى «الشاطر مش حسن» ولا أنكر أنى أنتهز كل فرصة لأستعين بإحداها شريطة أن تلائم المناسبة الحاضرة، وهذا حالنا حالياً، نتقابل من العيد للعيد ومازلنا فى تباعد اجتماعى جوانى، وإن كنت أرى أن التباعد الاجتماعى قد نسج خيوطه حولنا من أول الألفية، تلك التى فرضت علينا دون أن ندرى تكنولوجيا عقيمة قلصت تكاثرنا المثمر ووجودنا الحميم ومشاعرنا الحقيقية فصرنا تماثيل شمعية نتفاعل بصور غير ناطقة وبكلمات غير مسموعة عبر وسائل التواصل الحديث ونتسابق لنشر ستورى ساذج ومقتبس لجمع أكبر قدر من الفيوهات وكأنها أوراق اعتمادنا فى هذه الحياة حتى ثنائنا على بعضنا نعبر عنه بـ«لايك» واختلافنا فى الرأى نصوغه فى «إيموشن»، وعنها واهتزت الثوابت حولنا واختلت المقاييس وتضاءلت الأعراف وضاع الوعى الجمعى يا ولداه وصار أى شىء يصدر منا حسب أهوائنا وأمزجتنا فى اللحظة الراهنة، مزاج يقرر ومزاج يبرر ومزاج يحاول أن يمرر ومزاج أجير ومزاج أسير ومزاج مكير، ونسينا أو تناسينا فى خضم الدنيا ومعاركها الذين نحبهم بحق، الذين تحدث عنهم جبران خليل جبران، وقال: «إننا نسعى كى نقترب منهم ونتقاسم تفاصيل الحياة معهم، ويؤلمنا الابتعاد عنهم ويصعب علينا تصور الكون حين يخلو منهم، الذين نحبهم ونتمنى أن نعيش حكاية جميلة معهم ونفتعل الصدف لكى نلتقى بهم ونختلق الأسباب كى نراهم ونسرح فى الخيال ونستجلبهم، الذين نحبهم ونخشى عليهم من أشواقنا فلا نجاهر بغرامنا أمامهم لأن العوائق كثيرة والعواقب مخيفة ومن الأفضل لنا ولهم أن نبقيهم فى قلوبنا بعيداً عن شرور العالم، الذين نحبهم ونحدث الأزهار عنهم ونرسل النسمات العطرة إليهم ونملأ خواطرنا بهم لأننا نحتاج إلى حضورهم ونختنق فى غيابهم، الذين نحبهم لا نجد سواهم وحاجتنا إلى البقاء بجوارهم تدفعنا نحوهم ويرعبنا تخليهم ويهزمنا تخاذلهم ولا يغمض لنا عين أو يلذ نومنا إلا بعد الاطمئنان عليهم، الذين نحبهم لا مثيل لهم ويستحقون كل الحب ولا نملك أمامهم سوى أن نحب فنتعلم منهم حقائق كثيرة ونرمم معهم ذكريات عديدة ونعيد طلاء الحياة من جديد كى نمنحهم كل هذه السعادة التى غمرونا بها». فهل الذين نحبهم يدركون قيمة هذه المشاعر التى تتجلى فى كل الأوقات ليس فقط من العيد للعيد؟! هل يبادلوننا الرعاية والاهتمام ويشاركوننا القول والفعل؟! هل يعلمون أن أعمالهم التى يشتكون من أثقالها هى حلم كل عاطل، وأبناءهم الذين ينزعجون من صراخهم هم حلم كل عقيم ومنازلهم التى يستاءون من أعباء تنظيفها هى حلم كل ضال، ومصروفاتهم التى يغدقونها على تفاهات هى حلم كل مديون، وعافيتهم التى يغتالون بها هى حلم كل مريض، وضحكاتهم التى يجلجلون بها هى حلم كل مهموم، وستر الله عليهم فى كل خطبة هى حلم كل مذنب، الذين نحبهم لا يعلمون ولا يدركون أن محبة الله لهم قد انسكبت فى قلوبنا والمحبة أولى الوصايا الإلهية، وأول سطورها فى الكتاب المقدس هى «الله محبة» والمحبة تتأنى وترفق، المحبة لا تحسد، المحبة لا تتفاخر ولا تنتفخ ولا تقبح ولا تطلب ما لنفسها ولا تحتد ولا تظن السوء ولا تفرح بالإثم بل تفرح بالحق وتحتمل كل شىء وتصدق كل شىء وترجو كل شىء وتصبر على كل شىء، المحبة لا تسقط أبداً، أما النبوات فستبطل والألسنة فستنتهى.. ولا أقول خافوا ولكن احذروا.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية