x

«رمضان الغلابة».. شيالين وخبازين وعمال بناء و«سريحة» على باب الله

الأحد 12-08-2012 18:16 | كتب: سارة السيد |
تصوير : أحمد طرانة

رغم حرارة الجو وطول ساعات الصيام، يلتزم أصحاب المهن الشاقة بالصيام، رغم أن طبيعة عملهم منحتهم رخصة الإفطار.

عمال التراحيل والبناء، تحت الشمس والمجهود العضلى الشاق، العاملون فى المخابر، بين لهيب النيران، وعمال النظافة فى الحر الشديد، وغيرهم، ممن يتضاعف عرقهم مقارنة بالآخرين، للفوز بلقمة عيش يعودون بها لأبنائهم بنهاية اليوم رغم ما يعانون من الجوع والعطش.

ورغم التسهيلات والرخص التى أقرها الدين الإسلامى وكبار الشيوخ من جواز الإفطار لأصحاب المهن الشاقة، فإن أغلب العاملين يطمعون فى الأجر والثواب، على أمل أن يتقبل الله منهم تعبهم.

بين عشرات من أقرانه، يقف كمال المحمدى أمام عربة تقليب الزلط والرمل، أسفل عمارة تحت الإنشاء، لينقل الطوب والزلط ويحمله على أكتافه إلى العربة، هو وأصدقاؤه يتشابهون فى نفس البنية الجسدية الهزيلة، والبشرة السمراء ، جراء الوقوف لساعات طويلة فى الشمس. يقول «كمال»، 31 عاماً: «هذه هى شغلتى من 10 سنين، وأنا من المنوفية، وآتى للعمل هنا فى الإسكندرية، شغلى أرزقى، مش دايم، ما بصدق ييجى، يعنى ماينفعشى أوقف الشغل فى رمضان عشان الصيام».

مع خروج الحروف من فمه، تتساقط قطرات العرق على جبينه وذراعيه، يجيبنا: «عارف إن الشيوخ أفتوا بجواز إفطارى بسبب عملى الشاق، لكنى لا أستطيع فعل ذلك، ما زلت صغيراً وبصحتى، وحتى لو تعبت شوية، أنا طمعان إنى آخد الأجر والثواب كامل».

لدى «كمال» خمسة أبناء يعيشون فى قريته بالمنوفية، يرتب إجازات شهرية لرؤية أولاده وزوجته.

على بعد عدة أمتار من «كمال»، يقف عبدالباسط خيرى، شاب فى العشرينيات، ليتابع عمل السقالة، وتقطيع أسياخ الحديد. قال إن بنيته الجسدية القوية تعينه، على تحمل عمله المرهق صائماً، ويواصل: «ليه خمس سنين فى الشغلانة دى، ووارثها أبا عن جد، واتعودت من أنا وصغير عليها وعلى حر الشمس، عشان كده مش بيفرق معايا الحر والشمس فى الصيام».

ويتفاخر «عبدالباسط» بروح فريقه من عمال البناء: «بنشيل بعضنا، يعنى اللى تعبان ممكن نديله مهمات بسيطة ساعة الصيام، وإحنا الشباب نقوم بالتقيل، نفضل العمل ليلاً، لكن مش كل مقاول بيوافق على ده».

أحمد رشيد، 50 عاماً، يقف بين ألسنة النار الملتهبة فى الفرن، ليخرج الخبز قبل احتراقه، تدهشك خفة حركته، وكأنه يراقص اللهب، العرق المنهمر جزء من جسده، وعلى وجهه ابتسامة: «اتعودنا على كده، مابتفرقشى رمضان أو غيره، كده كده فصل الصيف عندنا، فى الفرن، زى جهنم».

حاول أحمد رشيد أن يأخذ برخصة الشيوخ ويفطر بضعة أيام، العام الماضى لكنه تراجع عن قراره، يوضح: «ماقدرتش، لما تحس إن الناس كلها حواليك صايمة وبتاخذ الثواب على جوعها وعطشها وإنت مش مشاركهم، بيكون إحساس وحش».

مختار أحمد، أسرته تضم 5 أبناء والزوجة، رجل نظافة يقف على طريق كورنيش البحر بالساعات، لتنظيفه، يكنس هو وزملاؤه، ويملأون العربة التى يجرونها بأنفسهم، تحت الشمس. يطمئنا: «رغم أنى رجل كبير فى السن، إلا أن الشغل فى رمضان طعمه مختلف، الشوارع أقل ازدحاما، وكمية الزبالة أقل، وأهو ربنا بيخفف التعب، وأكيد بناخد ثواب أكبر».

فى حوارى منطقة المنشية القديمة، يكثف عم أكمل حسنين المعروف بـ«أكمل السوستجى»، جولاته ونداءاته، فى الساعة السابقة لأذان المغرب، يخرج لـ«يسرح»، بالخروب من الثانية ظهراً، عم أكمل يعتبره أهالى المنطقة رجلاً «أثريا قديماً»، يحبه الأطفال كثيراً، ويقبلون على خروبه الذى يعبأه لهم فى أكياس، لتثليجه فى انتظار المغرب، على الوجه تجاعيد تقول إنه قطع فى الستينيات من عمره شوطاً.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية