x

رمضان بالمصري: في رحاب الحسين.. المريدون على مائدة «سيد شباب أهل الجنة»

الثلاثاء 31-07-2012 18:08 | كتب: أسامة المهدي, مينا غالي |
تصوير : علي المالكي

على عتبات مقام ابن بنت النبي، الإمام الشهيد، سيد شباب أهل الجنة، الحسين بن على بن أبى طالب، تشعر بأنك تدخل فى رمضان مختلف تماماً عن أى رمضان آخر.. هنا حتى الهواء مشبع بذكر الله ومديح آل البيت، والحضور ما بين شيخ أتى للإمام طالباً «الوصل»، ومريد يطلب «القبول».. هنا فتح سرادق المشيخة العامة للطرق الصوفية أبوابه، ليستقبل متصوفة الطريقة الأحمدية الشعيبية، فى قلب المشهد الحسينى، رافعين ابتهالاتهم وأذكارهم تبركاً بالشهر الكريم، والمكان المبارك، حيث اعتادت المشيخة العامة استقبال طريقة صوفية مختلفة، كل ليلة من ليالى شهر رمضان، لإقامة حلقات الذكر وقراءة الأوراد، أثناء صلاة التراويح.

«صل على الحبيب المصطفى وآل بيته وأبو بكر وعمر وعثمان وعلى وصحبه أجمعين»، كلمات رددتها قلوب المئات من أبناء الطريقة الأحمدية الشعيبية، وقد جذبهم العشق الروحي، لسماع كلماتهم التى تطرب له الآذان، وتتمايل له الأجساد بين جميع الاتجاهات.

على باب السرادق، تستقبلك ابتسامة مريدى الطريقة، مرحبة بانضمامك لحلقتهم، وحين تدخل بابها، تجد وِرد الطريقة فى يدك، لتقرأ مع إخوان الطريقة الأذكار وآيات القرآن، وراء شيخ الطريقة.

وفى طريقك للداخل يجلس محمد الشعيبي، شيخ الطريقة، على كرسيه فى واجهة السرادق، يرتدى بدلته الأنيقة، وفى يده مسبحته الكهرمان، يستقبل الزوار وينظم الحركة بالداخل، يوجه أهل الذكر من مريدى طريقته، ويأمر بتقديم النفحات من الحلويات الشرقية على المريدين ويُدخل السقايين ليسقوا إخوانهم مياهاً.

«خلية نحل» هو الوصف الأصح لتحركات المريدين، داخل سرداق الاحتفال، البعض يطوف بصينيات الماء والشاي، فيما وقف بعض المواطنين على مدخل السرادق يتابعون الأذكار والأوراد والمدائح. وعلى منصة الاحتفال بدأ شيخ مسن، ضرير، يرتدى جلبابا أبيض وعمة، وفى يده عصاه، تلاوة بعض آيات من القرآن الكريم، طالباً قراءة الفاتحة لأولياء الله الصالحين، ثم يردد الأناشيد الصوفية الروحانية، التى أخذ الحاضرون يرددونها من بعده.

على بعد خطوات، اصطف أمامه مريدو الطريقة فى صفين، توسطهما رجلٌ أخذ يردد أشعار المديح والأوراد، وقبلته ضريح الحسين، وهم يتبعونه ملتفتين يميناً ويساراً، شعوراً منهم بالحالة الروحانية السائدة فى أرجاء المكان.

كعادة الطرق الصوفية الأحمدية، التى تقتدى بمنهج السيد أحمد البدوي، قطب التصوف، وصاحب المقام الشهير بمدينة طنطا، يتجمع الأحباب، «مشايخ ومريدين»، لتبادل التهانى الرمضانية، فى اليوم المخصص لطريقتهم، لكن شيخ الطريقة الصاوية، أحمد الصاوي، فاجأ الحضور بالدخول مهنئاً ومباركاً بالشهر المعظم، حاملا سبحته، وخلفه أبناء طريقته ممسكين بأوراد السيد البدوى.

يُختم الاحتفال أمام مقام الإمام الحسين بن على بن أبى طالب، يطوف حوله المريدون فى مهابة، البعض يقرأ الفاتحة، وآخرون الدعاء لله، والكثير منهم يغلبهم البكاء على قضبانه النحاسية، وعادة ما يفتح أحد مساعدى الشيخ، بزيه الأزهري، ورد الطريقة، ليصعد صوته فى أركان المقام، ثم يردد أبناء الطريقة خلفه ما يتلو عليهم.

«الصوفى هو مسلم، يحب آل البيت وصحابة رسول الله»، هكذا يوجز لطفى حتاتة، القادم من القليوبية، تعريفه لنفسه كمتصوف، يضيف: الصوفى هدف قلبه الفوز برضا الله، فهو «مريد»، لأنه يريد القرب منه، ليظل طوال حياته على نهج الصالحين، قدوته الرسول.

ويستكمل: المريدون لديهم أسلوب مختلف للاحتفال، وهو قضاء نهار رمضان فى قراءة الأذكار والقرآن، فى الأوقات المتاحة من العمل، ثم النزول مباشرة بعد الإفطار للصلاة فى أى مسجد متاح، إلا أن أغلب المتصوفة يتجهون إلى مساجد مراقد آل البيت، كالحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة، بينما يفضل أبناء طريقته شد الرحال للمشهد الحسيني، لقراءة الأوراد، آملين أن تنالهم بركة أحب أحفاد الرسول إلى قلبه، ودرة من وصفهم النبى بـ«أهل عباءته». هكذا يبقى الآلاف حتى منتصف الليل، والمئات حتى أذان الفجر، خاصة كبار السن.

شيخ الطريقة الهاشمية الشاذلية، مصطفى الصافى، عضو المكتب التنفيذى للطرق الصوفية، يوضح أن المشيخة العامة للطرق تقيم سرادقاً خاصاً بها، يستضيف كل يوم إحدى طرقها، وهذا عرف مستمر منذ عشرات السنين، ويعرف كل «إخوان طريقة»، يومهم، ويتجمعون فيه، مشددا على حرص المشيخة على استضافة أحد علماء الأزهر، يوميا، للحديث عن سير الصحابة وآل البيت.

مع انتهاء طقوس الليلة، يتحرك شباب المتصوفة فى مجموعات، على رؤوسهم الطواقى المحمدية، مكتوب عليها اسم الرسول، ومرددين: «الله حى»، فيما يطوف المساكين مقاهى المنطقة، طالبين معونة من أهل الله، مستخدمين مصطلحات زوار المكان، «نفحة لاجل النبى».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية