x

أصوات من السماء.. أحمد نعينع.. الشيخ الطبيب يرتل القرآن ترتيلاً

السبت 04-08-2012 15:04 | كتب: أسامة الشاذلي |

تتحدث بعض نظريات علم النفس عن علاقة الطب بالدين، بل وتتناول محاولات للعلاج النفسى عن طريق القرآن الكريم، وربما لم يكن الطفل أحمد نعينع يعلم هذا عندما اختلط حلم الالتحاق بكلية الطب وقراءة القرآن داخل روحه منذ الصغر، حيث ولد القارئ الطبيب عام 1954م بمدينة مطوبس بمحافظة كفرالشيخ، وتلقى تعليمه الابتدائى والإعدادى فى المدينة ذاتها، قبل أن ينتقل إلى مدينة رشيد لتلقى تعليمه الثانوى، ثم التحق بعدها بكلية الطب جامعة الإسكندرية، وعقب تخرجه عمل فى المستشفى الجامعى فى المدينة الساحلية، وأثناء تلك الرحلة التعليمية الطويلة كان نعينع يحفظ القرآن فأتمه فى الثامنة من عمره بعد أن بدأه فى الكتاب سماعياً عندما كان عمره ثلاث سنوات، ثم تعلم القراءات العشر خلال دراسته الجامعية، حيث كان حريصاً على دراستها عقب صلاة الفجر لمدة ساعتين يومياً قبل التوجه إلى الجامعة.

لم يعشق الصغير منذ سمع القرآن يتلى أكثر من صوت الشيخ مصطفى إسماعيل، كان يقلده من فرط الإعجاب، حتى سمعه الدكتور أحمد درويش رئيس جمعية الشبان المسلمين، فقدمه للقراءة فى الجمعية، ليقرأ فى حضرة الشيوخ الكبار الباقورى والغزالى، ثم استقر فى مسجد السماك بالإسكندرية لمدة عشر سنوات حتى ذاع صيته وعرف اسمه، وصارت له شخصيته المستقلة فى التلاوة.

لم ينس الشيخ أبداً عام 1985، خلال مشاركته فى المسابقة الدولية لحفظ القرآن فى نيودلهى فى الهند، حيث بدأ القراءة بربع من سورة المحصنات، واستغرقته القراءة حتى مر أكثر من ربع ساعة، ولم يتوقف، وعندما أدرك أنه تخطى الوقف وغمره الخجل وكست وجه حمرته، بعد انطفاء اللمبة الحمراء الدالة على توقف القراءة، طالبته اللجنة بقراءة سورة الرحمن كاملة، وأعلنت فوزه بالمركز الأول.

قرأ القرآن أمام الرئيسين السابقين أنور السادات وحسنى مبارك مما دعا البعض إلى اعتباره القارئ الرسمى للدولة المصرية، ثم قرأه مرة أخرى بعد ثورة يناير أمام الرئيس محمد مرسى، ليسير على خطى نبراسه ومحبوبه الشيخ مصطفى إسماعيل الذى كان قارئاً للقصر الملكى، بينما صار هو قارئاً للقصر الجمهورى.

ينام يومياً بعد صلاة العشاء ليستيقظ عند صلاة الفجر، ليقرأ بعد أدائها خمسة أجزاء من القرآن من الذاكرة حرصاً على عدم النسيان، لينهى القرآن من السبت إلى الخميس كل أسبوع، يعمل كعضو فى لجنة الاستماع فى وزارة الأوقاف لاختيار سفراء مصر فى شهر رمضان لكل دول العالم، بينما لم ينس عمله كطبيب، ومازال حريصاً على أدائه فى المستشفيات العامة والخاصة كمستشار طبى، وقد تزوج الشيخ الطبيب وأنجب ثلاث بنات، وقد زار العديد من دول العالم وقرأ فيها القرآن، ومازال حتى اليوم يقرأ القرآن ويفوح صوته بروائع زهر التلاوة قارئاً ومعلماً لكتاب الله.

فى رحاب كلمات رب العالمين، تفنن الشيخ سائراً على درب «القراء الكبار»، مثل الشيخ عبدالباسط عبدالصمد، والشيخ محمد رفعت، والشيخ عبدالفتاح الشعشاعى، فتسمعه يرتل بمقام «نهاوند» آياتٍ من الذكر الحكيم من سورة الكهف، ليبهر المصريين كما أبهر العالم الإسلامى بترتيله قوله تعالى «وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا»، من سورة مريم، حيث أذهل المحكمين فى مسابقة دولية لترتيل وتجويد القرآن الكريم، أما من مقام العجم، يرتل من سورة الضحى، ويعيد قراءة السورة نفسها على مقام الصبا، ثم يعيدها ثالثة بصوته الشجى على مقام البياتى، ويستمر القارئ الشيخ الطبيب ليبهر المؤمنين بتلاوة أخرى للسورة نفسها بمقام الحجاز.

طاف الشيخ الدول العربية والإسلامية، ومسك كتاب الله يفوح من فمه، ليعيد لمدرسة التلاوة المصرية وزنها، ويرفع من جديد مقامها إلى الموضع الذى تستحقه، كمدرسة أسست لأصول التلاوة وجمعت عذوبة الصوت مع التمسك بالأحكام، لتصبح «كعبة القراء» من كل أنحاء العالم.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية