«لو أن الله أكثر منا قوة فليأت إذن لينقذك!»، هكذا واجهت سلطات إقليم شينجيانج الصيني سيدة مسلمة من أقلية الإيجور عندما همهمت: «يا الله!» لتعلن نفاد طاقتها على التحمل أمام وصلات التعذيب.
لدى إقامتها في مصر قبل نحو 5 سنوات، تزوجت مهريجال تورسون، مسلمة إيجورية، ورزقت بـ3 أطفال، لتبدأ فصول مأساتها عندما تقرر العودة إلى موطنها الأصلي في إقليم شينجيانج الصيني عام 2015.
السلطات الصينية في إقليم شينجيانج تمارس اضطهادًا ممنجهًا ضد الأقلية المسلمة هناك، وقدمت «تورسون»، 29 عامًا، شهادتها على ذلك، لتقوم الرسامة اليابانية بتحويلها إلى قصة مصورة «مانجا».
تستهل «تورسون» شهادتها: «القصة تعود إلى ما قبل 2017 عندما كانت الأوضاع لا تزال أفضل من الوضع الحالي. عمري 29 سنة، إيجورية، تزوجت في مصر منذ 5 سنوات، ورزقت بثلاثة أولاد، توأم».
تضيف: «عام 2015، سافرت إلى بلدي مع أبنائي الثلاثة لزيارة أهلي، وفور وصولي إلى مطار أورومتشي قيدوا يدي وغطوا رأسي بكيس أسود، وأخذوا أبنائي الثلاثة مني. لم تكن لدي فكرة ماذا فعلت؟ بالطبع لم أقترف أي جريمة».
استجوبتها السلطات الصينية لعدة مرات، وتعرضت للتعذيب بالصاعق الكهربائي، وعندما أفرجوا عنها إفراجًا مشروطًا علمت أن أبناءها الثلاثة مرضى، ولم تتمكن حينها من رؤيتهم في المستشفى «إلا من خلال شباك زجاجي».
في اليوم التالي أعادوا إليها أحد أبنائها جثة هامدة: «كان الابن الأكبر والأشد قوة في الثلاثة»، وتقول «تورسون»: «ظهر في أعناقهم أثر عملية جراحية، وأخبروني أن هذا كان لإطعامهم بأنبوب عن طريق الرقبة».
تضيف «تورسون»: «لم يخبروني بأي تفاصيل أخرى، وعدت بعد ذلك إلى بلدتي شيرشن وبدأت في العمل، لكن سرعان ما تلقيت اتصالًا من السلطات، وهددونني بوضعي على قائمة المطلوبين إذا لم أسلم نفسي».
«لم يكن لدي أي خيار سوى الذهاب إلى قسم الشرطة»، تقول «تورسون» مضيفة: «كان اعتقالي الثالث، وخضعت للاستجواب طيلة 3 أيام، لم أذق طعم النوم، وراحوا يسألونني: لماذا غادرتي البلاد؟ أخبرينا من قابلتي هناك؟».
تكرر الاعتداء على «تورسون» بالضرب من قبل أفراد الشرطة، وكان التعذيب فوق قدرتها على الاحتمال، وتقول: «همهمت: يا الله! فقالوا لي: لو الله أكثر منا قوة، فليأت إذن لينقذك!».
تضيف: «قلت لهم: اقتلوني حالًا! فأجابوني: لن نتركك تموتين بهذه السهولة. ظللت أفكر كيف أنتحر، لكني لم أتمكن من ذلك بسبب المراقبات. وفي الزنزانة كانت الأنوار موقدة طوال الـ24 ساعة».
كانت كاميرات المراقبة مثبتة في كل أركان الزنزانة: «كنا 50 فردًا بالداخل. كنا نتناوب على النوم كل ساعتين. وخلال اليوم كنا مجبرين على الصلاة لزعيم الحزب الشيوعي والدعاء له بطول العمر. كنا نغني لتمجيد الشيوعية».
السلطات أجبرت «تورسون»، وغيرها من أبناء أقليتها، على تناول أقراص غير معروفة، وعنها تقول: «كان يتم حقننا كل يوم. كانت مواضع الحقن منتفخة، وتسببت لي في ضعف شديد وفقدان مؤقت للذاكرة».
تضيف: «الزنزانة لم تفرغ أبدًا، إذا غادر عدد يتم إدخال عدد مماثل له. كنا نسمع أصوات الضرب ورجال يصرخون وأناس يسحبون ويجرجرون في الزنازين المجاورة. وتوفيت امرأة بعد نزيف دام لشهر».
أودعت «تورسون» مستشفى أمراض عقلية بعد أن فقدت الوعي بفعل الضرب الشديد، وسمح لها بعد ذلك بالعودة إلى المنزل لكن بمراقبة اثنين من الموظفين: «كانوا يمكثون معنا ويأكلون طعامنا ويرافقونني أينما ذهبت».
تقول «تورسون» عن تلك المراقبة: «لم أتمكن من التصريح بالحقيقة حتى لوالديّ بسببهم، وبعد فترة وجيزة جرى اعتقالي للمرة الثالثة، ألبسوني زيًا برتقالي اللون. وقالوا لي: استعدي، فهذه المرة سيتم اعتقالك مدى الحياة، حتى الموت، فاستعدي!».
تضيف: «الشرطة أخبرتني أن أكتب رسالة إلى زوجي وأبنائي بأنني سأموت، وأخبروني أنهم سيرسلونها إليهم، ومن ثم راحوا يسألونني عن محل إقامتهم. أبنائي كانوا يحملون الجنسية المصرية».
وعن حصولهم على الجنسية المصرية، تقول «تورسون»: «السلطات المصرية انتبهت إلى أن زوجي وأبنائي لم يكونوا يعيشون سويًا، وسألت السلطات الصينية عن هذا الأمر، وبسبب ذلك سمح بالسفر بأبنائي إلى مصر».
في مقابل السماح لها بالسفر إلى مصر، جرى اعتقال 26 فردًا من أسرة «تورسون»، وتقول: «أخبروني أنه حال عودتي إلى الصين خلال شهرين سيتم إطلاق سراحهم».
تضيف «تورسون»: «سألتهم عن سبب مواجهتي لكل هذه الصعوبات خلال الثلاث سنوات الماضية، فأجابوني ببساطة: لأنك من الإيجور! وفور وصولي إلى مصر. علمت من زملاء زوجي أنه عاد إلى الإيجور للبحث عني، واعتقل هناك في المطار، وحوكم بالسجن 16 عاما».
أثناء إقامتها في مصر تواصلت السلطات الصينية مع «تورسون» عدة مرات: «وعدوني أنه إذا عدت إلى الصين سيوفرون لي فرصة عمل جيدة ولن يتعرضوا لي بأذى. وكل اتصالاتي بأقاربي انقطعت».
تقول «تورسون»: «تعرضت وأبنائي لمضايقات، حتى في مصر. وعندما بدأ ترحيل الإيجور طلبت المساعدة من الولايات المتحدة. الحكومة الأمريكية وعدتنا بالحماية. نعيش الآن في الولايات المتحدة».
تضيف: «رغم ذلك نحن معرضون للإيذاء حتى في أمريكا، مثل أن يقرع باب البيت في منتصف الليل، أو أن يطاردنا صينيون بالسيارة. بسبب تكرر الإيذاء اضطررنا إلى التنقل داخل الولايات 3 مرات».
تختتم «تورسون» شهادتها إذ تقول: «في المستشفى أخبرني الطبيب أنني لا يمكنني الإنجاب، الأدوية والحقن التي أجبروني على تناولها في السجن أصابتني بالعقم».