(إضرابات، احتجاجات، اعتصامات) ثلاث مصطلحات تكررت بكثرة خلال العام المنصرم 2010، تنوعت الأسباب وتنوعت معها طرق الرد من قبل الحكومة، فتارة تستجيب قليلا، وتارة ترفض، ومرة ثالثة تقابل بقوة الشرطة.
لا يمكن على وجه الدقة تحديد الأسباب التي أدت بشكل مباشر إلى ارتفاع وتيرة الإضرابات والاحتجاجات والاعتصامات خلال العام الماضي، مقارنة بالأعوام التي سبقته، وإن كانت الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار، وغلاء المعيشة، ونتائج سياسات الخصخصة التي تفاقمت، ونقض الحكومة لوعودها تجاه بعض الفئات، كلها مجتمعة كانت أو منفردة، أسبابا جعلت الصورة المتكررة لمصر في وسائل الإعلام المحلية والعالمية، عبارة عن بركان يغلي، وأناس قرروا بعد طول صبر، أنه لا مفر من المواجهة، اتباعا للمثل الشعبي الذي يقول «خسرانة خسرانة».
هذه الإضرابات الذي اختتمها أصحاب وسائقو المقطورات في الأيام الأخيرة من شهر ديسمبر، سبقتها اعتصامات واضرابات أخرى لعمال التليفونات وعمر أفندي وأمونيستو والنوبارية وموظفي مراكز المعلومات وأهالي طوسون والمحامين وموظفي الضرائب العقارية وصحفيين وطلاب جامعات وأصحاب معاشات وإداريو التعليم وذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهم.
ثمة قواسم مشتركة جمعت بعض هذه الحركات التي تعبر عن الاحتجاج عن أوضاع ما، كان أبرزها المطالبة بتعديل الأوضاع المادية والوظيفية (موظفو مراكز المعلومات والضرائب العقارية)، أو لرفع ظلم وقع على شخص أو فئة ما (كما حدث خلال إضراب المحامين على مستوى الجمهورية عقب الحكم بحبس محاميين اعتدوا بالضرب على عضو بالنيابة العامة في طنطا)، وأيضا صحفيو الدستور الذين اعتصموا ولا يزالون، داخل مبنى نقابة الصحفيين احتجاجا على إقالة رئيس تحرير الجريدة إبراهيم عيسى).
أما عن الأشكال الجديدة غير التقليدية التي استخدمها المضربون والمعتصمون في التعبير عن احتجاجاتهم فتنوعت ما بين خلع الملابس (كما فعل عمال شركة أمونسيتو أمام رصيف مجلس الشعب) أو تنظيم جنازات صورية (كما فعل عمال شركة المعدات التليفونية وشركة النوبارية للميكنة الزراعية، أو باستخدام أدوات تعبر عن طبيعة مهنة المعتصمين (كما فعل صحفيو موقع إسلام أون لاين) أو باستخدام أبواق وزمامير، بل وصل الأمر بأحد المحتجين الذي اعتصم وأبناؤه الثلاثة أمام مجلس الشعب، اعتراضا على عدم قبول ابنته بإحدى مدارس شبرا، ونصب «المشانق» التي يعبر من خلالها عن احتجاجه، وربط عنق كل طفل من أولاده بحبل ينتهي إلى مشنقة.
بعض هذه الاحتجاجات انتهت بشكل مؤسف بعد تدخل قوات الشرطة لفضها وإجبار المعتصمين على الرحيل من أمام رصيف الشعب، وهناك آخرون حصلوا على وعود بحل مشاكلهم، وفئة ثالثة حلت مشاكلهم بالفعل.
لا يتوقع أن تقل حدة الإضرابات في العام الجديد 2011 كثيرا عما سبقه، لكن في ظل التطورات السياسية بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة، فإن القبضة الأمنية ستكون أكثر سيطرة على الشارع المصري خلال العام المقبل استعدادا للانتخابات الرئاسية الأكثر أهمية.