x

محمد الطويل علاج الدولة على نفقة المواطن محمد الطويل السبت 20-08-2016 21:40


يحاور الكثير منا نفسه كل يوم بسؤال متكرر، متى نصل لمرحلة الإنتاج والاعتماد على أنفسنا؟!!.. وإدراك أحد السبل إلى تقدمنا وهو الزراعة.. وكيف نخرج من الفخ الذي نصبه لنا الأعداء منذ زمن بعيد بأن نظل جمعية استهلاكية كبيرة.. فالغرب لا يمانع في أن نستقل أحسن السيارات، ونأكل أشهى الأطعمة، ونقطن أفخر الفيلات، ولكن بشرط أن تكون كل المواد الخام والأفكار من صنع يده، ولا حرج في أن يكون بيننا علماء يحصلون على جوائز، ولكن بشرط أن يمتص رحيقهم كاملاً، ثم يعيدهم إلينا في صناديق لنفخر بأسمائهم.

يبدو أننا لن نخرج من هذه الدائرة ببساطة مادمنا لم نسد كثيراً من الأخرام المستوطنة بجسد الدولة، مثل فساد المحليات.. ومادمنا غارقين في بعض العادات القديمة، ومنها: السياسة الفاشلة للبناء والهدم، فجميعنا لا تخفى عليه الإدارة الغريبة لتطوير الأرصفة، فهم تعودوا على هدم الرصيف وبنائه، حتى ولو كان بحالة جيدة.. ولا يكلف مسؤول بإدارة الطرق نفسه بالنظر أو تكليف لجنة هندسية متخصصة بالنزول للشارع وكتابة تقرير قبل التنفيذ، فكل جنيه يتم إنفاقه يزيد الميزانية المرهقة إرهاقاً.. ويكون له صداه السلبى على المواطن البسيط الذي ينتظر الدعم، وليس أدل على ذلك أكثر مما يحدث مؤخراً بكوبرى قصر النيل، فبعد انتهاء التطوير اتضحت أخطاء فنية خطيرة كتغطية الفاصل البارز بالبازلت، رغم أهميته في جسم أول كوبري تم إنشاؤه وتم تصميمه بطريقة هندسية يمكن معها فتحه وإغلاقه، ويا ليت الأمر اقتصر على ذلك، بل تعداه إلى اكتشاف سرقة أجزاء ميكانيكية وكهربائية خاصة به، والواقعة قيد التحقيق.

هذه المخالفات ليست وليدة اللحظة بل هي قديمة قدم حضارتنا.. فكثيراً ما نبني ونشيّد دون دراسة واعية لكيفية الاستفادة من كل طوبة بهذا البناء، أو لدور هذا المبنى وموقعه، خذ عندك مثلاً: الصرح العظيم الكائن بطريق أسيوط الغربي، وهو جامعة الأزهر فرع المنيا بالبهنسا، فهذا المبنى مررت عليه منذ سنين طويلة تتعدى العشر، وكما يتابع المسافرون الجديد على الطريق سواء زراعياً أو صناعياً أو خدمياً، أقف أمام هذه الجامعة متطلعاً لما يشرح الصدر، ولكن للأسف ينقلب البصر خاسئاً وهو حسير، حزين على ما يربو على 50 مليون جنيه مباني ومنشآت دون طلاب أو دارسين، ومساحة 6500 فدان دون زرع أو ماء. وكم سمعنا من شعارات رنانة عن افتتاح هذا الصرح بالتنسيق بين محافظ المنيا ورئيس جامعة الأزهر السابقين، وعن احتجاجات ومظاهرات غضب من قبل أبناء المنيا بسبب إلغاء افتتاح الجامعة.

هذا الكم من الحزن والغضب دفعني لأن أتواصل مع بعض الشخصيات العامة، عسى أن أجد ما يسُر، وقبل الشروع في الحديث معهم، رغبت في الاستفسار عن أمور، من خلال شاهد ملك على بناء هذا المبنى، وهو الأستاذ المعتز بالله شادي، وفي ختام الحديث صدمني بأن سبب منع هذه الجامعة من العمل والافتتاح هو أن فرع الجامعة مخالف للقانون، الذي ينص على أن يكون إنشاء فروع الجامعة في العواصم وليس القرى.

بعد هذه المكالمة عزمت على الحديث مع اللواء طارق نصر، محافظ المنيا، وكلي أمل في أن الموضوع بسيط، وسيكون لمعاليه دور بالتنسيق مع الأزهر في إلغاء هذا القرار، إلا أنني ازددت صدمة بمكالمته، حيث كان عنوانها المختصر: «معنديش معلومات عن هذا الموضوع، وممكن تتكلم مع الأزهر هيفيدوك أكتر..»! حتى إن الأمن الداخلي تم إلغاؤه والاكتفاء بالدورية الطوافة والأقوال الأمنية، كما أوضح اللواء فيصل دويدار، مدير الأمن، وكانت ثمرة آخر اتصال بأحد مسؤولي الأزهر هي: الرقم المطلوب مرفوع مؤقتاً من الخدمة.

وكان رد فعلي الممزوج بالتسليم بالأمر الواقع.. وبالرضا بواقعنا: ترديد كلمتين مع نَفَس عميق: سلمها لله.. سلمها لله.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية