x

عباس الطرابيلي أفضل من شهادة الصندوق! عباس الطرابيلي الإثنين 08-08-2016 20:07


نعم شهادة صندوق النقد الدولى مهمة جداً لدعم الاقتصاد المصرى.. وهى شهادة يطمع فيها كثير من الدول، بل تجرى وراءها.. لعدة أسباب، فى مقدمتها أنها تعنى سلامة الاقتصاد.. وأن هذا البلد يسير وفق خطة سليمة اقتصادياً، حتى وإن لم تكن كذلك اجتماعياً.. إلا أنها فى النهاية تغرى المستثمرين الأجانب إلى الاستثمار فى هذا البلد.. فكل ما يحتاجه المستثمر هو أن يضع أمواله فى بلد يمكنه فيه ومنه تحقيق أرباح معقولة.. فضلاً عن قدرته على إخراج ناتج استثماره إلى الخارج.. مع ضمان استعادة أمواله، عندما يقرر ذلك.. ولو بالبيع فى البورصة.

وهذه الشهادة تعنى أيضاً أن البلد مستقر تماماً.. أو هو فى طريقه سريعاً إلى تحقيق هذا الاستقرار.. والأهم أن هذا البلد يملك مقومات ناجحة للتنمية والتقدم، فضلاً عن نظام تشريعى متقدم.. ولهذا فإن الدول التى تسعى للحصول على شهادة هذا الصندوق تضحى بأمور عديدة، قد تضر الناس اجتماعياً.. وقد تؤدى إلى موجات غلاء.. وأيضاً انخفاض قيمة العملة الوطنية.. ولهذا فإن كثيراً من الدول تسعى - وتلهث - وراء هذه الشهادة.. بل - أيضاً - تتنازل معظم الدول، التى «تتمحك» أو تسعى وراء هذه الشهادة، عن كثير من مقومات السيادة.. لأن الدول تخشى من تأثيرات التنفيذ الكامل لما يطلبه هذا الصندوق، ولنا مع صندوق النقد الدولى تجارب مريرة، من أيام معركتنا لبناء السد العالى.. ثم محاولاتنا المتعددة للحصول على هذه الشهادة، أيام الدكتور عاطف صدقى، الأب الشرعى الحقيقى للإصلاح الاقتصادى المصرى، فى بداية حكم الرئيس حسنى مبارك، ثم بعد ذلك أيام الدكتور عاطف عبيد.. وهى ذكريات مريرة لا تنسى.

ولكننى أرى أن مصر تمتلك هذه الأيام ما هو أفضل من شهادة صندوق النقد الدولى، لكى نجذب استثمارات كبيرة - عربية، وإقليمية، ودولية - تساهم فى تعويض نقص عائدات مصر من السياحة ومن قناة السويس ومن تحويلات العاملين فى الخارج.. وأقصد بذلك تلك المشروعات العملاقة التى تصر القيادة السياسية العليا على تنفيذها، رغم هذا العجز المالى الرهيب فى كل موارد الدولة، وهذه المشروعات.. وهذا الإصرار - فى نظرى - أهم 1000 مرة من شهادة الصندوق.. لأنها تؤكد أن «مصر تستطيع وأنها تصر على تنفيذها».

وفى مقدمة هذه المشروعات العملاقة شبكة الطرق العملاقة، التى تستهدف إنشاء 30 ألف كيلومتر من الطرق الجديدة، بما فيها من «كبارى».. منها مثلاً حوالى 7263كم مستهدفة فى هذه المرحلة، تتكلف 105 مليارات جنيه، وهى عملية مكلفة بالفعل، خصوصاً أن رصف الكيلومتر الواحد يتكلف 15 مليون جنيه.. ومن أبرزها ربط وادى النيل بالبحر الأحمر، فى أكثر من محور، لإحياء اقتصاد الصعيد، وتعويضه ما فات.. بل كان البحر الأحمر مهملاً إلى حد رهيب.. نقول ذلك لقناعتنا بأن شبكة الطرق هى التى كانت الأساس الذى بنى عليه هتلر مشروعه التنموى بإنشاء شبكة الأوتوسترادات العظمى منذ بداية الثلاثينيات.. وكذلك ما فعله ستالين بإنشاء سكة حديد سيبيريا.. بل أمريكا عندما أعطت للشركات خط مد شبكات السكك الحديدية لتربط شرق أمريكا بوسطها، وصولاً إلى الغرب الأمريكى كله - ذلك أن الحضارة دائماً ما تركب الطرق.. للوصول!!

ومن هذه الخطة - أقصد الشهادة المصرية، رغبة فى التنمية - مشروع إنشاء ستة أنفاق تحت قناة السويس، لإنهاء عزلة سيناء نهائياً، ولتسهيل مشروعات تنميتها التى يحلم بها كل المصريين وليس فقط أبناء سيناء.

ومنها أيضاً مشروعات منطقة شرق بورسعيد، ولن نقول تشبهاً بما جرى فى سنغافورة وهونج كونج وجبل على.. ولكن تحقيقاً لحلم تأخر كثيراً منذ تم افتتاح القناة لأول مرة فى نوفمبر 1869، باستغلال هذا الموقع الحيوى للقناة، وهى مشروعات جاذبة، ليس فقط لتجارة الحاويات، ولكن الأهم بإقامة صناعات تجميعية هنا، ولمن لا يعلم فإن الشركات العملاقة تركت بلادها الأصلية فى أمريكا واليابان وغيرهما لكى تقيم مصانع لها فى الصين مثلاً، وأيضاً فى كوريا الجنوبية وإندونيسيا وماليزيا.. بل بنجلاديش.. وهذا هو هدفنا، أى نجذب ما نتمنى من شركات عملاقة.

ولا ننسى هنا مشروعات زراعة المليون ونصف المليون فدان، بكل ما تعنيه من مشروعات وسيطة أو تقوم عليها.. وكذلك مشروعات بناء مئات الآلاف من المساكن لتلبية طلبات الزيادة السكانية.. وضرب العشوائيات التى تكاد تقتل المجتمع المصرى الآن.. وهل يمكن أن ننسى تلك الخطة الطموح لحل مشاكل عجز الطاقة الكهربية.. لأن مشروعات بلا طاقة لا تعنى شيئاً، ومن هنا فإن الكهرباء مع الطرق مع غيرهما هى البداية الصحيحة لكى نقول إن مصر تمتلك - من داخلها - شهادة تقدمها للمجتمع الدولى تقول إن مصر تستطيع.. وهى فعلاً قادرة، بشرط أن تزيد من معدل عمل وإنتاجية العامل المصرى.

■ ■ تلك هى الشهادة التى يمكن أن نقدمها للعالم، وهى فى نظرى أفضل من أعظم شهادات صندوق النقد الدولى.

ولهذا يعمل المتآمرون على تعطيل هذه الشهادة، أقصد، هذه المشروعات.. لأن بإتمامها تنجح مصر، بإمكانياتها، وتحقق المستحيل.. وسوف ننجح رغم كل ما يريده خفافيش الظلام.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية