من القراءة الأولى- للمرحلة الأولى- من مكتب التنسيق تأكدت حقيقة أن طلاب الأقاليم- الأرياف- يتفوقون على باقى شبابنا.. ولذلك ترتفع المجاميع التى تقبل الطلاب بكليات الأقاليم، حتى على الكليات الأقدم.. والجامعات الأكثر عراقة.. فمثلاً فى الطب.. نجد أن كليات الطب بالجامعات الإقليمية تتفوق حتى على أعرق كليات الطب فى مصر، وبالذات كلية طب القاهرة- أى طب قصر العينى، التى هى الأقدم فى المنطقة كلها وعمرها يزيد على قرنين من الزمان- وكذلك كلية طب عين شمس.. ثانى أقدم كليات الطب المصرية والتى تبرع الدمرداش باشا بالأرض اللازمة لإنشاء كلية الطب بها وتبرع بعشرات الآلاف من الجنيهات لإنشاء المستشفى التعليمى اللازم، ولذلك حفظت مصر للرجل- ابن القليوبية وعميد عائلة الدمرداش- حقه.. فأطلقت اسمه على هذا المستشفى التعليمى.
وهكذا نجد كليات طب الأقاليم فى المقدمة.. وها هى طب كفر الشيخ تأتى فى المقدمة- على كل كليات الطب المصرية، ثم طب سوهاج- وبرافو يا صعايدة- والمنصورة وشبين الكوم، وقنا والمنيا والفيوم وأسيوط وبنى سويف.. إلى الزقازيق وطنطا وبنها.. ثم بعد كل كليات الأقاليم هذه تأتى طب عين شمس.. ثم طب قصرالعينى «القاهرة»، ونفس الحكاية مع كليات الصيدلة فنجد- وهذه مفاجأة- كلية الصيدلة بجامعة جنوب الوادى فى المقدمة تليها المنوفية، والسادات، والفيوم وسوهاج ثم المنصورة والمنيا وكفر الشيخ وطنطا.. وكلها قبل كلية صيدلة عين شمس.. والقاهرة.. وحتى كلية الطب البيطرى فى جامعة المنوفية تتفوق، ثم المنصورة.. وكلها تسبق الكلية الأم للطب البيطرى فى جامعة القاهرة.. وهكذا لم تعد- الجامعة أم قبة- أى الجامعة الأم هى الأفضل.. بل جاءت فى المؤخرة.. حتى هندسة عين شمس التى كانت مشهورة بأنها «هندسة الوزراء» من العصر الناصرى وما بعده تفوقت عليها- فى القبول- بنى سويف والمنصورة.. وجاءت بعدها هندسة عين شمس!!
وبالنسبة لطلاب القسم الأدبى توارت كلية آداب القاهرة.. وأيضا آداب عين شمس إلى قرب المؤخرة، بينما كانت آداب القاهرة على أيامى- فى الخمسينيات- تحتل المرتبة الأولى بين رغبات شباب القسم الأدبى. تليها- أيامها- كلية التجارة.. فلماذا هذا التراجع؟
ولكن يلفت نظرى أن تحتل كلية الآثار بجامعة القاهرة المقدمة.. ويزداد الطلب عليها هى وآثار الفيوم والأقصر وجنوب الوادى وأسوان.. فهل ذلك بسبب أن أبناء الصعيد أكثر وعياً وعلماً بفوائد دراسة الآثار بحكم أن 80% من آثار مصر الفرعونية مثلا تتركز فى الصعيد.. ربما.
■ على كلٍ يا ليت وزير التعليم العالى- ومعه المجلس الأعلى للجامعات- يدرس هذه الظاهرة، أى تفوق كليات الأقاليم، رغم حداثة عهدها بالتعليم الجامعى.. على أعرق الجامعات المصرية.. أم أن سبب ذلك هو التنسيق وفقا للتوزيع الجغرافى.. ولكننى هنا أؤكد ولا أنكر أن أبناء الأقاليم أكثر قدرة على التحصيل والتفوق بسبب انشغال شباب القاهرة والجيزة والإسكندرية بأسلوب الحياة العصرية، وارتياد الكافيهات- قبل الاستعداد للكليات- رغم أن تكاليف الدروس الخصوصية فى القاهرة والجيزة، أكبر كثيراً من تكاليفها فى الأقاليم.. ثم فى صعيد مصر.
■ ولكنها ظاهرة تستحق الدراسة، بل تستوجب الدراسة.. وربما استفدنا من معاهد البحوث الاجتماعية لتحليل هذه الظاهرة.. وقد يكون الحل هو التوسع فى إنشاء كليات من تلك التى يقبل الشباب على الدراسة بها.. بشرط أن يتوافق ذلك مع حاجة سوق العمل.
■ ولكننى أثق أن رؤيتنا إلى جامعاتنا يجب أن تتغير، وأن تلاحق متطلبات العصر.. وأن ندرس تجارب الدول التى كانت بعدنا، ولكنها تفوقت.. وسبقتنا وأصبحت تعليمياً فى مقدمة الدول الكبرى علمياً فى العالم كله.
■ نرجو أن ندرس ونحلل نتائج كل مراحل مكتب التنسيق.. وإلا سوف نستمر: محلك سر!