بعد مشاورات طويلة.. وشد وجذب مع منظمات المجتمع المدنى النشيطة، استقر الرئيس التونسى الباجي قائد السبسي على «ابنه الروحى المطيع» يوسف الشاهد ليتولى مهام تشكيل الحكومة الوطنية الجديدة خلفا للحبيب الصيد، ليضع حزب «نداء تونس» قدميه داخل النظام طامحا إلى فرض برنامجه وأفكاره ومشروعاته على السلطة.
وشغل الشاهد (41 عاما) سابقا منصب وزير التنمية المحلية، ووزير الدولة للفلاحة، فضلا عن تعيينه رئيسا للجنة الـ 13 في «نداء تونس»، وتتلخص خبراته بالعمل العام في كونه أستاذا جامعيا وخبيرا دوليا في السياسات الفلاحية، وحصل على الدكتوراه في العلوم الفلاحية من المعهد الوطني الفلاحي بباريس عام 2003، بعد أن نال عام 1999 شهادة العلوم المتعمقة في اقتصاد البيئة والموارد الطبيعية.
ومنذ 2000 وحتى 2005، اشتهر الشاهد كخبير دولي في السياسات الفلاحية لدى عدة منظمات دولية كالاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، ثم عمل أستاذا مساعدا بجامعة «ران 1» بفرنسا عامي 2002 و2003، والتحق بالمعهد الأعلى الفلاحي بفرنسا من 2003 إلى 2009.
ومن واقع خبرته في مجال الزراعة، تولى رئيس الحكومة «الشاب» وضع وتخطيط سياسات التعاون في ميدان الأمن الغذائي وتطوير الشراكة الفلاحية بين تونس والولايات المتحدة، وعكف على إنجاز المشروعات الزراعية والدعم التقني، إضافة إلى اشتغاله على تطوير الشركات التعاونية في تونس بالتعاون مع «الفاو».
ووسط هذه المهام الخارجة عن صراعات السياسة وحسابات السلطة، لم يعرف عن الشاهد أي ميول سياسية أو اهتمام بالشأن العام، بل كان موظفا برتبة خبير في المشروعات الفلاحية لدى السفارة الأمريكية بتونس لأكثر من 5 أعوام، وورد اسمه في إحدى وثائق «ويكليكس» المثيرة للجدل باعتباره «خبيرا معتمدا» من السفارة، إلى أن لاحت في الأفق الصداقة والقرابة من عائلة «السبسي» ليتقدم تدريجيا في الساحة السياسية، ويطل أول مرة عام 2015 ليصبح «كاتب دولة للصيد البحري» في حكومة الصيد الأولى، ومنذ تلك اللحظة وصار اسم «الشاهد» مقحما في أروقة وكواليس العمل السياسى والحزبى، وتحول بمرور الوقت إلى «أداة الرئيس» إعادة ترتيب أوراق «نداء تونس» وتشكيل عناصره وترويض قياداته منعا للاصطدام بالسلطة، وكان المشهد الأبرز لـ«الشاهد» هو وساطته لحسم أزمة «نداء تونس» وإنهاء الخلاف بين نجل الرئيس حافظ قائد السبسي ومحسن مرزوق.
ويبدو من هذه الواقعة أن «الشاهد» على موعد مع دور أكبر ذى مساحة أكثر اتساعا في المشهد السياسى مع توليه رئاسة الحكومة ليصبح «أكثر طاعة» لإرادة «السبسي الأب» بعد أن نجح في اختبار «السبسي الابن» ومساندته في معركة «نداء تونس»، وبالتالى تسود التوقعات بأن نظام السبسي العجوز سيوظف «الحكومة الشابة» بقيادة الشاهد لخدمة أهدافه وخططه المرسومة بدقة وشفافية... حسب تعليمات «السيد الرئيس»!!