x

سمير فريد ثورة يوليو تحصد ما زرعته سمير فريد الثلاثاء 02-08-2016 21:32


كان الحزب الوطنى الديمقراطى الذى حكم مصر طوال عهد مبارك امتداداً للاتحاد الاشتراكى وقبله الاتحاد القومى وقبله هيئة التحرير حتى فى مقراته وأغلبها من الفيلات والقصور الصغيرة التى صادرتها الدولة، وكانت فلسفة الحزب الذى أسسه السادات تقوم على أنه حزب ثورة يوليو، وكذلك فى عهد مبارك، ولهذا فليس من الغريب اعتبار أن ثورة يناير أغلقت قوس ثورة يوليو، وجاء دستور ثورة يونيو ليؤكد ذلك بالنص على الديمقراطية وتداول السلطة بين الأحزاب.

وفى اعتقادى أن الرئيس السيسى لا يريد أن يؤسس حزباً حتى لا يكون عملياً امتداداً لحكم الحزب الواحد منذ 1952، ولكن لا مفر من ذلك حتى يطبق النص الدستورى فى الواقع، ويصبح نظام 25 يناير 30 يونيو ديمقراطياً بحق يتم فيه تداول السلطة بين الأحزاب السياسية، ولابد للأحزاب من ناحية أخرى أن تمثل الأجيال الجديدة التى قادت الثورتين، وأن تشيع فى المجتمع أهمية تداول السلطة واحترام الديمقراطية. وليس معنى أن ثورة يناير أغلقت قوس ثورة يوليو محو ثورة يوليو، فهذا تفكير صبيانى ساذج، لأنها صفحة من التاريخ، ولا أحد يستطيع محو أى صفحة من صفحات التاريخ، ولا جدوى ولا فائدة من ذلك، والاختلاف فى تفسير وتقييم أى من هذه الصفحات طبيعى وضرورى من أجل الحاضر والمستقبل، ولكن ليس بمحاولة المحو.

وثورة يوليو بمحاولات محوها من التاريخ، واعتبارها سواداً فى سواد، تحصد ما زرعته عندما حاولت محو حكم أسرة محمد على طوال 150 عاماً من 1805 إلى 1952، واعتبارها سواداً فى سواد، وقد أدرك ثوار يوليو ومفكروها وعلى رأسهم محمد حسنين هيكل مخاطر ذلك على استحياء بعد نحو عشر سنوات فى «الميثاق» فيما سمى «الاعتراف» بثورة 1919، ولكن بعد فوات الأوان، فقد نشأت أجيال يوليو على أن مصر ولدت يوم 23 يوليو، وأن عبدالناصر أول حاكم «مصرى» لمصر منذ نهاية الدولة المصرية القديمة «الفرعونية»!

كل قواميس ودوائر المعارف فى كل لغات العالم تذكر أن مصر حصلت على استقلالها عام 1922 بعد ثورة 1919 ماعدا قواميس ودوائر المعارف فى مصر! صحيح أنه لم يكن استقلالاً تاماً، ولذلك كان شعار الحركة الوطنية فى الثلاثينيات الاستقلال التام أو الموت الزؤام، وكانت النتيجة معاهدة 1936، ولم يكن طه حسين يهذى حين قال فى كتابه «مستقبل الثقافة المصرية» عام 1937، والآن وقد نلنا استقلالنا وحريتنا، فماذا سوف نفعل بالاستقلال والحرية.

بل إن جمال عبدالناصر ذاته الذى جرح وهو طالب فى مظاهرات عام 1935 لم يكن من الممكن أن يلتحق بالكلية الحربية عام 1938 وهو ابن وكيل مكتب بريد الخطاطبة من دون استقلال 1922 ومعاهدة 1936، وقد سألنى شاب من الأجيال التى لا تقرأ بقدر ما تشاهد الشاشات كيف يقال إن عبدالناصر كان من أسرة متواضعة الحال ويعيش فى فيلا على 13 ألف متر، حتى إنه لم يغيرها وظل فيها وهو يحكم مصر.

قلت له إن هذا المسكن من أملاك الجيش، وكان يحصل عليه كل ضابط يتمكن بعلمه أن يصبح أركان حرب ويعمل أستاذاً أكاديمياً فى الكلية الحربية ولكن الجماعة الناصرية لا تحب أن تذكر ذلك حتى لا يعتبر نقطة بيضاء فى سجل قرن ونصف القرن من السواد فى سواد! لابد من تنشئة أجيال عديدة تحترم تاريخ مصر وإن اختلف تقييم بعض صفحات هذا التاريخ، ليس من أجل التاريخ، وإنما من أجل المستقبل.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية