x

مراد وهبة نحو رشدية عربية (5) مراد وهبة السبت 30-07-2016 21:46


فى القرن الثالث عشر أجهز ابن تيمية على ابن رشد وعلى الفلسفة. أجهز عليهما معاً عندما أجهز على مفهوم التأويل الفلسفى على نحو ما ارتآه ابن رشد عندما زعم أن التأويل بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار. وهو كذلك لأن المؤول يزعم أن للنص الدينى معنيين: ظاهرا وباطنا. الظاهر للحواس والباطن للعقل.

وهو زعم كاذب لأنه ليس ثمة باطن للنص الدينى لأن النصوص كلها واضحة لا غموض فيها، وبالتالى فإن المؤول مُكفر. وقيمة ابن تيمية فى العالم الاسلامى هو أنه المؤسس للوهابية فى القرن الثامن عشر، ومؤسس للإخوان المسلمين فى القرن العشرين. وفى القرن الحادى والعشرين أصبحت حركة الإخوان المسلمين مؤثرة فى مسار العالمين الشرقى والغربى، بل إنها أصبحت مهددة للقضاء على العالمين حتى يمكن تحقيق الخلافة الإسلامية على كوكب الأرض وليس على جزء منه، وذلك بممارسة الإرهاب بعمليات انتحارية.

والسؤال بعد ذلك:

ماذا حدث لابن رشد بعد تدميره فى المغرب العربى؟

فى عام 1977 دُعيت من قِبل محسن مهدى (1926-2007) رئيس جمعية دراسة الفلسفة والعلم فى الإسلام، ومدير معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة هارفارد، للمشاركة فى مؤتمر عن الفلسفة الإسلامية بسان فرانسيسكو بأمريكا. وكان عنوان بحثى «ابن رشد والتنوير». وإثر الانتهاء من إلقائه، قال محسن مهدى معقباً: إن أهم ما جاء فى بحث الدكتور مراد وهبة هو أنه ألقى الضوء على القرن الثالث عشر الذى انتقلت فيه فلسفة ابن رشد من قرطبة إلى باريس، حيث بدأ تأثير ابن رشد فى تشكيل العقل الأوروبى بسبب نشأة الرشدية اللاتينية. ثم استطرد قائلا: إن الذى يدعو إلى التساؤل هو أنه ليس ثمة رسالة ماجستير أو دكتوراه عن القرنين الثانى عشر والثالث عشر، أى ثمة تعتيم على هذه الفترة، على حد تعبيره. وبناء عليه اقترحت عقد مؤتمر عنوانه «الإسلام والحضارة»، نتناول فيه هذا التعتيم، فحاز القبول.

وفى 12 /1 /1978 وصلتنى رسالة من محسن مهدى يخبرنى فيها بأن جمعيته ترحب بإقامة مؤتمر «الإسلام والحضارة» فى القاهرة، وأنها ستشجع أعضاءها العاملين على المشاركة. وأرسلت له رداً إيجابياً إلا أنه لم يرد، فدعوته إلى إلقاء محاضرة فى «مركز بحوث الشرق الأوسط» بجامعة عين شمس، حيث كنت مسؤولاً عن وحدة الدراسات الإنسانية، فلبى الدعوة. وعندما جاء سألته: لماذا لم تواصل المراسلات بشأن مؤتمر «الإسلام والحضارة»؟ فجاء جوابه هكذا: لأنك تتناول قضايا خطرة. وعلى الرغم من هذا التحذير إلا أننى شرعت فى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بعقد ذلك المؤتمر.

عرضت فكرة المؤتمر أولاً على رئيس جامعة عين شمس، الدكتور كامل ليلة، فذُهل فى البداية وتساءل: كيف يمكن أن تكون مسؤولاً عن عقد مثل هذا المؤتمر؟ وكان جوابى على النحو الآتى: ليس عندى مشكلة. فمنذ أن كنت طالباً بقسم الفلسفة وما بعد ذلك وأنا قارئ نهم لمؤلفات الفلاسفة المسلمين، وعندى «معجم فلسفى» تفرغت لتأليفه يتميز بأنه يعرض للمصطلحات الفلسفية وتطورها من نصوص الفلاسفة الإسلاميين والفلاسفة الغربيين.

قدمت فيه لكل اصطلاح غربى مقابله العربى. وهذا غير وارد فى أى معجم آخر. ومع ذلك فأنا أرى ضرورة مخاطبة فضيلة شيخ الأزهر الدكتور عبدالرحمن بيصار، ومن ثم طلبت من رئيس الجامعة إعداد خطاب فى هذا المعنى فوافق. وقد كان، إذ التقيته ووافق بلا تردد، بل تعددت اللقاءات بينى وبينه سواء فى المشيخة أو فى منزله.

لم يبق بعد ذلك سوى الموافقة السياسية مع تمويل المؤتمر، فماذا حدث؟

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية