x

نيوتن إدمان الشعوب نيوتن الإثنين 25-07-2016 21:21


الإدمان ليس فقط إدمان التدخين أو الكحول أو المخدرات. الإدمان عادة. الرجل الثرى يمارس نفس عاداته التى تتسم بالبذخ. لا يستطيع التخلى عنها. يستمر فى ممارستها حتى بعد أن يكون مفلسا. الشعوب تدمن أيضا. تدمن التقاليد. الأعراف. العادات. هناك شعوب أدمنت تسليم أمرها للحاكم. سلمت له كل قراراتها المصيرية وغير المصيرية. سلمت له الجمل بما حمل. فاشية بدأت سنة 56. فى طريقنا للخروج منها. شعوب أخرى تدمن الديمقراطية. أصبحت من تقاليدها الراسخة. لا تفهم غيرها. ولا تمارس سواها. كالهند أو بريطانيا. بدأت منذ أيام الماجناكارتا (وثيقة الحقوق العظمى). تقاليد الإنجليز أقوى من أى دستور مكتوب. لذا دستورهم غير مكتوب. لا أحد يستطيع الخروج على القواعد الراسخة فى المجتمع الإنجليزى. أمة تملك قرارها. تختار مصيرها. تختار قادتها وتنتخبهم وتُقيلهم أيضا.

بعد الحرب العالمية الثانية اعتبر الإنجليز أن تشرشل بطل الحرب ليس رجل المرحلة. اختاروا بعده أنطونى إيدن. لم يستمر فى منصبه سوى عامين. ثم اختاروا ماكميلان. استمر فى منصبه 6 سنوات. عُرف بـ«رجل التنمية والبناء». الآن تونى بلير تجرى محاسبته لمشاركته فى غزو العراق. لم يمنع ذلك أنه كان رئيسا للوزراء. يحاسَب على انجراره خلف جورج بوش. شعوب حية. تعرف أن أى مسؤول جاء باختيارها. ومن ثَمَّ محاسبته واجبة إن آجلا أو عاجلا. لا أحد فى هذا البلد يفلت من الحساب.

المبرر الحقيقى لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى هو إدمان الإنجليز للديمقراطية. مجتمعات تعمقت فيها الثقافة التعددية. تجذرت فيها الحريات العامة. فهناك لا مجال لدعوى قضائية مثل تلك التى أقامها أحمد شفيق بشأن تزوير الانتخابات. لا مجال هناك لإهدار وقت القضاء فى قضية عمرو الشوبكى ضد أحمد مرتضى منصور. الأمر كان محسوما بفوز الشوبكى، وأحقيته بمقعد دائرة الدقى. حسبما قالت محكمة النقض. فهذه مجتمعات لا تعرف تزوير الانتخابات.

فى بريطانيا الناخب السيد. هو مَن يقرر مصير نفسه. لا أحد يجبره على الاختيار. لا أحد يقدر على تزوير إرادته. أو تزييف قراره. المواطن البريطانى لم ينتخب الذين يديرون الاتحاد الأوروبى فى مبنى جاستس لبسيس فى بروكسل. المقر الدائم للاتحاد. لم يختر أيا منهم. بعكس رئيس وزرائه وأعضاء حكومته. هو مَن جاء بهم. انتخبهم. يقدر على اختيار حكومة غيرها فى أول انتخابات.

«تيريزا ماى» أصبحت رئيسة لوزراء بريطانيا قبل أيام. عينتها الملكة إليزابيث الثانية فى المنصب إثر قبولها استقالة سلفها ديفيد كاميرون. بحكم الدستور البريطانى غير المكتوب. قالت إنها لن تنقض حكم الناخب. لن تستأنفه. لن تلتف عليه. القرار نهائى ونافذ. دورها الآن ينحصر فى أن تحقق لبلادها أكبر المكاسب. تتجنب الخسائر قدر المستطاع. حسب قولها. سيدة قوية. جاءت بحكم كونها زعيمة حزب الأغلبية. إنها تاتشر الجديدة فى بريطانيا. هكذا يصفونها.

الشىء ذاته حدث فى تركيا خلال الأيام القليلة الماضية. الناخب التركى رفض إزاحة أردوغان بأى طريقة غير تلك التى أتى بها. وهى صناديق الانتخابات. فهم مَن انتخبوه وهم مَن لهم حق إسقاطه فى الانتخابات. حتى المعارضة التركية وقفت إلى جانب أردوغان ضد الانقلاب العسكرى. الناخب سيد قراره وليس أحدا آخر. هذه هى الديمقراطية. اقبلوها أو اقبلوها.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية