د. أحمد جلال وعذر نيوتن نيوتن الأحد 24-07-2016 21:19

لا أجد غضاضة فى الاعتذار. الاعتذار عن خطأ نوع من الشجاعة. فارق كبير بين العذر والاعتذار. عذرى أننى لم أدّع يوما أننى خبير فى أى شىء على الإطلاق. درجة علمى بالأمور تؤهلنى بالكاد للاستعانة بالخبراء. كل فى مجاله. بالتأكيد لست خبيراً فى الاقتصاد. أحمد جلال من خبرائه المعتبرين. عندما ذكر الضرائب التصاعدية جاء ذلك بشكل عارض. لم يفض بالشرح مثلما جاء فى مقاله اليوم. مثل أحمد جلال لا ينتظر شهادة نيوتن ولا غير نيوتن. رجائى أن يلتمس لى العذر ويحسن استقبال حبى ومودتى واحترامى.

نص رسالة د. أحمد جلال

٣ أسئلة موجهة إلى السيد نيوتن

كتب السيد نيوتن فى عموده اليومى بـ«المصرى اليوم» بتاريخ ٢٢ يوليو ٢٠١٦مقالا بعنوان حرب الضرائب. فى هذا العمود دعا نيوتن إلى تخفيض الضرائب لتشجيع الاستثمار وادّعى أن هذا التوجه هو سمة الدول الناجحة والشجعان مثل الدكتور يوسف بطرس غالى وبعيدى النظر مثله هو شخصيا. وفى المقابل وصف من يتبنى فكرة الضريبة التصاعدية، بمن فيهم أنا شخصيا، بالتمسك بأفكار قديمة وأنهم ينظرون تحت أرجلهم.

طبعاً من حق السيد نيوتن أن يعبر عن رأيه فى الضرائب وغيرها كما يشاء، لكنى أعتقد أنه مخطئ فى سرده للحقائق وكذلك فيما يتصور أنه فى صالح الوطن.

لنبدأ بالحقائق. استدعى السيد نيوتن السعودية ودول الخليج كأمثلة لدول تكاد لا تفرض أى ضرائب أو القليل منها، متناسياً أن هذه الدول تستعيض عن الضرائب بإيرادات حكومية عالية جدا من مصدر ريعى يسمى البترول. كما استدعى سنغافورة وأيرلندا ولو أراد مساعدة منى لاتفيا وليتوانيا كدول أخرى.. معدلات الضرائب بها منخفضة للغاية، وما تجاهله السيد نيوتن هو أن معظم دول العالم فى أوروبا وأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية وآسيا لديها ضرائب تصاعدية. السؤال الأول للسيد نيوتن: هل عالمه منحصر فى الدول القليلة التى ذكرها؟، وهل هذه الدول الأكثر نجاحا وأكثر رفاهة وعدلا عما عداها فى العالم؟.

وفيما يتعلق بالفوائد الجمة من تخفيض الضريبة، نعم هناك فكرة قديمة ومطروحة من عقود على يد أحد الاقتصاديين اسمه Laffer، مؤداها أن تخفيض معدل الضريبة يقلل الإيرادات الضريبية فى الأجل القصير ويرفعها فى الأجل المتوسط، نتيجة لاستجابة القطاع الخاص بشكل إيجابى لهذا الحافز. لكن الحقيقة أن عددا كبيرا من الدراسات وجد أن هذه المقولة نادرا ما تتحقق، بالإضافة إلى ذلك هذه الفكرة لا يتبناها إلا قلة قليلة منهم الحزب الجمهورى فى أمريكا الذى يحابى وبشكل صريح الأغنياء، أما الضريبة التصاعدية فيتبناها الحزب الديمقراطى وعلى الأقل اقتصاديان من الحائزين على جائزة نوبل فى الاقتصاد وهما Paul Krugman وJoe Stiglitz. السؤال الثانى إذن للسيد نيوتن: هل يعتقد أن جموع الحزب الديمقراطى والحائزين على نوبل وغيرهم قصيرو النظر وأفكارهم موضة قديمة؟.

وإذا انتقلنا للحالة المصرية، نعم كان معدل النمو مرتفعا نسبيا أيام حكومة الدكتور أحمد نظيف، ونعم كان الدكتور يوسف بطرس غالى لديه الشجاعة لتخفيض معدل الضريبة، ولكن نحن نعرف أيضا أن عوائد النمو لم تذهب للطبقات الفقيرة والمتوسطة، وأن جلها ذهب لطبقة رأسمالية، منها من تربح بغير حق وبطرق ريعية. السؤال الثالث للسيد نيوتن: هل يعلم أن المصريين قاموا بثورة فى يناير ٢٠١١ لهذه الأسباب؟.

وأخيرا أودّ أن أؤكد أنى لست مع فرض ضريبة تصاعدية شديدة الارتفاع إلى الحد الذى يثنى المستثمر الجاد عن العمل فى مصر وتحقيق ربح معقول، وأوافق على أهمية توسيع المجتمع الضريبى، وعلى النهوض بالإدارة الضريبية، ولكنى مع تصاعدية الضرائب سواء رأى ذلك السيد نيوتن أم لم يره. بالإضافة لعدالتها فإن الحكومة فى حاجة إلى موارد لتقليل عجز الموازنة والإنفاق على البنية الأساسية والتعليم والصحة وبرامج الحماية الاجتماعية. إذا لم يشعر كل المصريين بأنهم يعيشون فى مجتمع يحفز المجتهدين، ويسمح بالمشاركة العادلة فى عوائد النمو، فقل على هذا المجتمع السلام، وهذا هو قصر النظر بعينه.

د. أحمد جلال

وزير المالية سابقاً