x

«صيد وحيد».. كتاب عن قصيدة النثر من معسكر «الرافضين»

الإثنين 06-12-2010 18:04 | كتب: رويترز |
تصوير : حافظ دياب

لا تبدو نهاية قريبة للصخب الثقافي حول قصيدة النثر من المتحمسين لهذا اللون الإبداعي الذي يتصدر المشهد الشعري العربي ومن الرافضين أيضا، وإن سمح الرافضون بنشر نماذج من هذا الشعر فإنهم في الوقت نفسه يرونه إبداعا «قليل القيمة».

فالبهاء حسين، أحد شعراء قصيدة النثر، يرى أنها عانت كثيرا من النبذ وأن شعراءها «عاشوا ضحايا قصائدهم التي يجري إفساح المجال لها الآن على استحياء». ولكن الشاعر حسن طلب، يعتبر الأمر ضجيجا أو «كومة حصى»، ربما هذا ما أراد أن يكشفه في كتاب «صيد وحيد» الذي أصدرته مجلة «إبداع» مع عددها الجديد الصادر هذا الأسبوع.

ويرأس تحرير المجلة الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي، الذي رفض قبل سنوات الاعتراف بقصيدة النثر، وسماها «القصيدة الخرساء»، ويقول حسن طلب الذي يشغل منصب مدير تحرير المجلة في مقدمة الكتاب إن «الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش اعتصم بالتقية فلم يصرح برأيه السلبي في قصيدة النثر دفعا لشرور العصابات وغوائل المافيا من أنصارها» مشددا على أن الشعر فن موسيقي.

ورغم إيمان طلب بأن موسيقية الشعر «لا تتحقق إلا بالتفعيلة» فإنه يؤمن أيضا بحرية الشاعر «في الخروج إلى أرض لم تطأها قدم وله أن يقلب تربته كما يشاء ويلقي بذوره حيث يريد ولكن بشرط وحيد هو ألا يطلب منا أن نشهد بأن الثمرة حلوة إلا إذا وجدناها كذلك»، وتابع في مقدمته «لعلي أردت بهذا الكتاب أن أكشف للناس عن كومة الحصى المسماة بقصيدة النثر».

ويعترف البهاء حسين بأن قصيدة النثر ولدت «من غير قابلة ولهذا جاءت بفوضاها وحريتها الفائقة التي أغرت الصغار بانتهاكها.. والآن بعد أن هدأ الغبار أصبح لزاما أن نستعيد الجزء الصالح من الجلبة» محذرا أن هذه القصيدة تبدو كأنها تمتلك «اليقين الذي حاربها به خصومها. اليقين المطلق الذي يحتكر ذوق المستقبل ويتحدث باسمه.»

ويقع كتاب «صيد وحيد» في 122 صفحة متوسطة القطع ويضم قصائد 19 شاعرا منهم محمود قرني وإبراهيم داوود وجيهان عمر وحسن خضر وعاطف عبد العزيز وعماد أبو صالح وعماد فؤاد وفاطمة قنديل وفتحي عبد السميع ومحمود خير الله وميلاد زكريا.

وتحتفي الكثير من قصائد الكتاب، بتفاصيل صغيرة وأمور هامشية مقارنة بقضايا وأدوار كبرى لعبتها القصيدة قديما حين كان الشاعر جهاز إعلام للدولة أو القبيلة.

ففي قصيدة «عندما تكون الملابس في المتجر» يقول تامر فتحي «من يدرك حزن الملابس حين تكون وحدها مصلوبة بالدبابيس/ وهي تدخل مرحلة الكي والطي والمصابيح الملونة/ الملابس لا تعشق المانيكانات/ الشماعات/ هي تعشق الخروج وتكره الزجاج/ وتحسد الملابس الطليقة/ فمنذ كانت في المصنع وهي تشتهي الهروب/  تشتهي الملابس رائحة العرق».

أما علاء خالد فيقول في قصيدته «حياة تسير على جدران»: «مع كل جهاز كهربائي يضاف إلى أرشيف البيت/تضاف وصلة جديدة من الأسلاك/ سنة بعد أخرى تكثر الثقوب في الحائط/ المسامير المنسية لوصلات قديمة ولأطراف مبتورة/  الأرض وهي مفروشة بتلك الأغضان الملتفة/ من كل غرفة تخرج فروع دقيقة/ في صمت الليل ونحن نائمون/ هناك حياة تسير على الجدران وفي الزوايا/ أزيز كصوت الحقول. أي بيت مهما تعالت جدرانه/ مكشوف أمام نقطة حنين قادمة/ كلما فكرت أن أترك هذا البيت/ تراجعت أمام هذا النسيج الحي من الأسلاك».

وأيا كان رأي رافضي قصيدة النثر فإنها شقت لنفسها مجرى يتفاوت عمقه وأصبحت حقيقة لم ينكر حضورها حتى الذين سبق أن نبذوها. ولعل هذه المختارات تكون فرصة لتقييم ما بلغته قصيدة النثر من عمق أو فوضى.

ويقول البهاء حسين إن هذا الكتاب بحكم مساحته المحدودة ضاق بقصائد أخرى سوف تتسع لها طبعة تصدر في يناير القادم متضمنة شهادات للشعراء إلى جوار القصائد.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية