افتتحت بالقاهرة الدورة الثانية لملتقى قصيدة النثر تحت عنوان «قصيدة النثر والتعددية الثقافية» والتي تستمر أربعة أيام بمشاركة ما يقرب من 100 شاعر وناقد من 14 دولة عربية.
وتضمن أسماء الحضور شعراء من مصر، وليبيا، والسودان، والمغرب، وفلسطين، وسوريا، ولبنان، والعراق، والإمارات، والكويت، وعمان، واليمن، والسعوديةن والأردن.
وسيطرت على حفل الافتتاح الذي أقيم أمس الأحد بمقر نقابة الصحفيين، حالة من التحدي الواضح من جانب اللجنة المنظمة نتجت عن الصراع الطويل الذي خاضه الملتقى على مدار العام الماضي منذ انقضاء دورته الأولى لتنظيم الدورة الثانية والتي ضمت انفصال مجموعة كبيرة عن الملتقى والإعلان عن ملتقى ثان يجري حالياً الإعداد له.
وقال الشاعر «عاطف عبد العزيز» في كلمته الافتتاحية نيابة عن اللجنة المنظمة، "ما من جهة في وطننا العربي يمكنها جمع المشهد الشعري في قبضة واحدة أو في كيان واحد وأكد أن عنوان الملتقى الذي يناقش التعددية الثقافية يمس الشعر في أدق المواضع باعتباره أكثر وأقدم وسائل التعبير بين الشعوب حساسية".
وأشار إلى أن قصيدة النثر شكل هارب من شكلانية الشعر ومن القيود الصارمة التي تتكاتف في ما أسماه "عصور الانحطاط"، حيث يصبح القالب بديلاً عن الشعر وبالتالي بديلاً عن الحياة نفسها، موضحا أن قصيدة النثر لا "تهيل" كما يزعم البعض التراب على الشعر القديم، وإنما تعيد إليه حلمه وتجدده وقدرته على تجنب منزلق خطر يكاد يقع فيه بين القبض على الهوية من جهة وبين الانغلاق من جهة أخرى، وأضاف الشاعر المصري، "الطعنات جاءتنا من كل اتجاه ومورست ضدنا كل أشكال التعويق لمنعنا من الظهور لكننا كنا الأقوى".
وحكى الشاعر «بشير السباعي» في كلمته التاريخ الموجز لقصيدة النثر التي قال إنها ظهرت للمرة الأولى عام 1915 على يد الشاعر المصري «أحمد راسم»، لكنها قوبلت وقتها بهجوم عنيف من أمير الشعراء «أحمد شوقي» الذي اعتبر كاتبها "معتوها" وبعدها ظهرت أشكال مختلفة لقصيدة النثر قبل أن تعود بكامل قوتها في التسعينات من القرن الماضي لتزدهر وسط حالة نقدية أكثر تساهلاً أو عجزاً عن قراءة المشهد بشكل صحيح.
لكن الشاعر «فتحي عبد الله» كان أكثر صراحة في التركيز على المعوقات حيث سمى في كلمته أربع جهات حاولت إجهاض ملتقى قصيدة النثر أولها النظام السياسي الرافض لحرية الشعر والشعراء والذي يكره قدرة الشاعر على الوصول إلى الجماهير بأفكاره وثانيها وسائل الأعلام التي تحولت حسب قوله إلى أداة في يد النظام السياسي، وقال الشاعر إن ثالث جهات التعويق ضمت فصيلاً من الشعراء غير المتحققين الذين لا يملكون الموهبة ولا القدرة بينما الجهة الأخيرة كانت طبيعة تكوين الملتقى نفسه وشخصيات منظميه الذين يسلكون طريقة حديثة في الأداء دفعتهم ومعهم كثيرون لحالة من التوتر الشديد.
بينما حازت كلمة الشاعر «عبد المنعم رمضان» على إعجاب واسع بين الحضور، لأنها تباينت بين الشعر والنثر وضمت معاني عميقة عرض فيها بالمناوئين للملتقى وبمن حاولوا إجهاض مسيرة شعراء قصيدة النثر سياسياً وثقافياً.
وشهد حفل الافتتاح تسليم جوائز الديوان الأول لثلاثة من الشعراء الجدد هم المصرية «عزة حسين»، والسوريان «خوشمان قادو»، و«جوان تتر»، والجائزة لوحة قدمها الفنان التشكيلي المصري «سامي البلشي» متبرعاً، إضافة إلى طبع الديوان، واختتم الموسيقار العراقي «نصير شمة» الحفل بعدد من مؤلفاته الموسيقية بينها مقطوعة خاصة للملتقى استوحاها من كتابات أحد أقطاب الصوفية المعروفين بعنوان «لروح النفري».
ويشهد الملتقى ست ندوات نقدية هي "قصيدة النثر وتأثير النص المترجم"، و"قصيدة النثر صراع الزمان صراع المكان"، و"قصيدة النثر بين التعريب والتغريب"، و"قصيدة النثر وصراع الهوية"، إضافة إلى ندوة نقدية حول السؤال المستقبلي لشعراء السبعينيات من القرن الماضي وأخرى للاحتفاء بالمجلات الشعرية المتخصصة بمناسبة إعادة إصدار الأعداد الأولى من مجلات "إضاءة"، و"أصوات"، و"الكتابة الأخرى".
كما يشهد الملتقى عدداً من الندوات الشعرية يشارك فيها أكثر من تسعين شاعراً من مصر والعالم العربي، بينها "جماليات المكان في قصيدة النثر"، و"نحو بلاغة جديدة للنص الشعري الجديد" ،و"قصيدة النثر نوعا مركبا"، و"المساءلة خياراً جماليا".
ويختتم الملتقى الثاني لقصيدة النثر فعالياته بحفل غنائي يحييه الفنان العراقي «علي الورد» وفرقته الموسيقية، ويقدم فيه عدداً من أشهر أغنيات التراث العربي إضافة إلى أغنياته الخاصة.